إعترافات كُتبت على ضريح الحُسين |
أثقلت الخُطى؛ حول الحسين نوارس--ونعيق مقبرة شواطئها دوارس.
تماثل في ثغر الزمان صراخُهم -----على نهر الفرات للدموع مفاقس.
أعادتني الذكريات لكربلاء مُكبلاً----- ما فوق كُل خطوةٍ ذِكراً لفارس.
فتلاطمت الجراح تلقي نزيفها ---- وتُنزعها الأجساد أحشاءً عوانس.
نظرت الحسين في قبره مُتعباً------- وكأن الطف قائمةٌ وذاك عابس.
أخبرتهم في جسد الحسين دماءً --- فلبسوا الدماء من فوق الملابس.
وجلسنا نبكي الحسين دهراً ----- فأخرجنا ألحشد من تلك المجالس.
تصاريح من فم مستشرق، جديد عهد بالحسين، يقول: "واعية الحسين أثقلت خُطاي، وأرجعتني راكب ناقة ضالعة، يقودها الألم والصراخ، ويسوقها الدمع، الذي إنهمر يصبغ ملامح وجهي بغزارة، وأنا أدخل حرم الحسين بكربلاء، تيبست كل الأفكار بمخيلتي، وأُخرست جميع الأصوات من حولي، وكأني أعيش واقعاً لا أجيد قراءته، سوى شيئا واحد فقط، وهو "أن ضريح الحسين أمامي" حتى طنين الإنفعالات الذي في جوفي إرتحل، شعرت وقتها بأني جسداً غريباً، هبط على الأرض لأول مرة.
لم أعد أسمع حتى صوت تنفسي، إنقطعت بي السبل عن عالم 2016 ميلادية، ذاكرتي أُرجعت الى عهد قديم، عيناي باتت تنظر الأشياء بلونيين، الأسود و الأبيض فقط، إلا موضع الصخرة، التي نُحر الحسين عليها، فما زال الإحمرار ولون الدم صارخاً فيها، لدرجة أن تلك الحمرة الشديدة، كانت متصلة بين الأرض والفضاء، ومن خلالها كانت قوافل الملائكة تنزل وتصعد وهم حفاة، قد بان بريق بياضهم من بين خيوط ضوء الشمس، و كل ملك كان يحمل شخصاً بين يديه، مخضب بالدماء، ولازال ببزته العسكرية.
لا أخفي عنكم شيئاً، تملكني في تلك اللحظة الرعب والخوف، لغرابة ما أنا فيه، عندها أُلقي في روعي، أن مهمتي أصل تلك الصخرة، لأرى ما خلفها، وكنت غير مستعداً أتباطىء بالخطى خائفاً، وعلى شاكلة هذا التردد الذي أنهك قواي، باتت أحشائي ومفاصلي تخفق وترتعد بشدة، وأطرافي ترتعش، لا أكاد أمسك الأرض بقدمي الناحلتين، فكرت أن أُلقي بجسدي الى الأرض، لعلي أسكن ويهدأ روعي، لكن دون فائدة، العالم من حولي منتظر تلك اللحظة، التي سأواجه بها مصيري، وأرى ما خلف الصخرة.
ضربت الأرض برجلي حتى آدميتها! لعلي سأستيقظ من حُلم، وأهرب مما أنا فيه، دون جدوى كل الدلائل تجبرني أن أعيش ذلك الواقع، أخذتني الرجفة، والدموع والصراخ بدأى يتشظيان من عيني وفمي، لا أعلم وقتها أنا خائف من ماذا؟ هل خفت أن أرى الحسين؟ أم خفت من أن يراني؟ أي مصيبة انا أعيشها وأي لحظة تلك؟ الحُسين مذبوحاً خلف الصخرة! وأنا أمامها، ولن ينتهي كل شيء حتى أبصره، خطوات نحو مصيري، مع خل خطوة ينعق نورس، ويطير من جنبي! فيغمى علي وأستيقظ، وأنا أبكي وأصرخ، نظرت في جسدي فجأة، رأيته ينزف من جميع أطرافه بغزارة ولكن دون ألم!
لم يبقى لي سوى ثلاث خطوات حتى أصل، بدأت أصوات من خلف الصخرة تشق مسامعي، سيوف وصهيل خيل، وجيوش وقرقعة النار، وأطفال يصرخون "العطش – العطش"، رفعت قدمي للخطوة الأولى، سمعت صوت أسقطني الأرض، "يا حُسين دونك الماء، تشربه البهائم والوحوش، ولا تذقه حتى تُذبح"، وهرعت لأخطو بالثانية وإذا بصارخ أخر" يا حُسين أتلتذ بالماء وقد هتكت حرمك" سقطت على وجهي لأنهض وأخطوا بالثالثة، فسمعت صوت هادر يشق عنان السماء، يهتف"أما من مغيث يغيثنا؟ أما من ناصر ينصرنا"؟
لم أحتمل تلك الإستغاثة، أغمضت عيناي بشدة، وألقيت بنفسي الى الصخرة، بعدما تشبثت بها، صرت أتطاول بيداي ورجلاي من فوقها، وبمجرد أن أفتح عيني، سأرى كل شيء، حتى مصادر تلك الأصوات، فجأة فقدت سمعي كلياً، السكون عم كل شيء، أشعر ان كل الموجودات من حولي تتهيأ لتلك الحظة التي أفتح بها عيناي، حتى هواجسي تنتظرها، حتى أنا صرت أنتظرها، لكن دون جدوى، الى اليوم وما زالت عيناي لم تتفتح بعد، لترى واقعة الطف على حقيقتها، ولعله سيأتي مقال أخر يكمل إعترافاتي، فيما هل فتحت عيناي أم لا؟ وماذا رأيت خلف تلك الصخرة التي نُحر عليها الحسين؟. |