ضفاف الامام علي .. بقلم/ الدكتور نوري داود الوائلي

 

سَلامٌ على الزاهدِ المَرثدِ *** سَلامٌ على الضّرْغمِ المُنجدِ

سَلامٌ على وَاهبِ المُكرمَاتِ *** في الأكرمين فلم يُعْهدِ

حَواك كرمْزٍ بلا مُشْبهٍ ***  مَقامٌ  تلألأَ  بالعسْجَدِ

مَقامٌ على جانبيهِ تَطوْفُ *** حُشودُ التقاةِ ومنْ عُبّدِ

ثراكَ عَليه الكِرامُ تخّرُ  *** خُشوعاً إلى فيْضِكَ المُزبدِ

تُنادي إلهي شفيعي عليٌ ** كأنَّ القيامَةَ في المرْقدِ

تلوذُ الدهورُ وتبقى دليْلاً *** يشّدُ العُقوْلَ الى المُوجدِ

فكُلّ العقولِ حَيَارى وأنت *** لغْزٌ إلى الآنَ لم يُرْصدِ

رَأيتَ الجباهَ لأوثانهِم *** سِجوْداً تخرُّ فلم تسْجُدِ

بمكّة كسّرتَ أصنامهم ***  وكبّرْت بالفتحِ والمسجدِ

أتيتَ الزكاةَ ركْوعاً فكنْت *** وليّاً بذكرِالجليلِ الهَدي

فَما كان كفؤاً  لبضعِ الرَسولِ *** إلأ عليّاً فلمْ يُرْددِ

وُهبْتَ البتولَ ففزْت بها *** وفازتْ بذي الشِرفِ المُحْتدِ

ثلاثُ ليالٍ جِياعاً وكنْتم *** كِراماً تَجوْدُ بلا مَقْصدِ

لسِانُك نَهْجُ البلاغةِ كانَ *** كمالاً يُصاغُ من الأبجدِ

فما قاربوه برغْمِ الحِذوْقِ *** بسطْرِ مَثيلٍ ولا أجْودِ

تكرّمْتَ لم تدْنُ فاحِشةً  *** ولم تدْنُ قطّ إلى مَعْبدِ

مُعيلٌ جوادٌ حَزومٌ حَليمٌ *** رَؤوفٌ جَسورٌ غنيُّ اليدِ

كَفيلُ اليَتامى وَتاجُ الأباةِ *** وسيفٌ على الظالمِ الأوْغدِ

فأيّ السَجايا ملكْتَ فكلُّ *** سفْرٍ دَناها فلمْ يعْددِ

كتبْتُ عليّاً فَفاضَ الخَيالُ *** وَفاضَ بذاكَ الفؤادُ الصَدي

ببيْتِ الحَرامِ وأمْنِ الرّحيمِ *** وِلدْتَ ، تَباركَ منْ مولدِ

أميْراً إلى المؤْمنينَ نُعّتَ *** فكنْت بِذاكَ به الأوْحدِ

عَلوتَ الكَمالَ وخلْفكَ يعْلو *** وحيّاً تطولُ على الخُلّدِ

بَرغمِ المكائدِ تبقى عليّاً *** نَشيدُ الحياةِ دويٌ ندي

فيا أصْلحَ النّاسِ بعْد الأمينِ *** وليّاً الى العَالمِ الأحْمدِ

ويا نفْسَ أحْمدَ في المصْحفِ *** وسيْفُ الألي بلا مَغْمدِ

ويابنَ التقيَّ أبي طالبٍ *** كَفيلُ النبيّ مِنَ المولدِ

وحَامي الرّسَالةَ والمبْعثِ *** وَدرْعُ الأمَانِ إلى أحْمدِ

ويا ربَّ بيتٍ كسَاهُ الرسوْلُ *** كِساءَ الطّهارةِ والسُؤْددِ

ويا عِظةَ الزاهِديْن الكِرامِ *** والسَائريْنَ الى الأرْشدِ

ويا أوّلَ الخَلقِ حيْن اسْلمَ *** وَفاضَ يَقيْناً ولم يُلحدِ

عليُّ الفتى والحُسامُ الفِقارُ *** وبابُ السماءِ بلا مِقْلدِ

تَحْوزُ العَوالمُ منكَ وتبْقى *** كنْزاً لها دائمَ الموْردِ

عليٌّ مع الحقِّ والحقُّ فيه *** سِراجٌ بأنْوارهِ نَهْتدي

مُهابٌ لعلمٍ وبأسٍ ودينٍ *** وحلمٍ يفوقُ عَطا المُجودِ

تُساوي بغيرِ عليٍّ عليّاً *** فأين الترابُ من الفرقدِ

فما ركبَ الخيْلَ يوم الوغى ***  ولا دارَ ظهراً لمستأسدِ

ولا طاردَ الهَاربيْن العتاةِ *** ولا أغمدَ السّيفَ بالمُقْعدِ

لنهْجه خيْرُ العقولِ فمنْ *** مُزيْدٍ بذاكَ ومنْ مُنشدِ

وليله حيٌّ بدمعٍ يفيْضُ *** بمحْرَابه الأبْلجِ الأسْودِ

أدارَ الخلافةَ مثُل السفَيْنِ *** وعَدْلهُ شدّ على المِقْودِ

فما زادَ مالاً لذي قُربةٍ ***  أو أنْقصَ المالَ عنْ مُجحدِ

مَحبّةُ حيْدرَ في الدينِ رُكنٌ *** تُجابُ بها دعْوةُ السُجّدِ

وبُغْضُ عليٍّ دليلُ النفاقِ *** تلاه الرّسولُ وبالمُسْندِ

تَرومُ العِبادُ لكي تُدفنَ *** بأرضِ عليٍّ ضَمانُ الغدِ

قِبابُ عليٍّ ضِياءُ بها *** أضَاءتْ على الأنْجُمِ الأبْعَدِ

لسيْفِ عليٍّ تفرُّ الجذولُ  *** سَليلاً منَ الغمْدِ أو مُغْمدي

ليومِ الطفوْفِ فحوْلاً حَشدّت *** وَعزْمُك فيْهم يدُ المُلبدِ

فما الطفّ إلاّ امتداد  لبدرٍ*** وصَفينَ للحشْرِ لم تنْفدِ

فَديتَ الرّسولَ بروحِكَ الفَ *** الفٍ والفٍ ولم تُجْهدِ

بسيفِ عليًّ وأم البتول  *** الدينُ قامَ ولم يوْأدِ

بيومِ الحِصارِ وجبْسِ النّفوسِ *** خَرجْت إلى الشِركِ والقُعْددِ

ضَربتَ بثقلِ العِبادةِ كلَّ *** الشِّرْكِ كالقسْورِ الأصْيدِ

ويومُ حنينٍ صَمدْت بنيْفٍ ** تَذودُ عنَ المرْسلِ المُرْشدِ

ففرّوا مِراراً بذي خيْبرٍ *** فأعطى اللواءَ إلى الأرْمدِ

فَجالَ عليْهم وفكَّ الحِصارَ *** وَباباً أزاحَ بألفي يدِ

فكم حاسدين عيوناً عليك *** بها الحقدُ كالنارِ في الموقدِ

وهل يحْسدُ الخسُّ إلا العوالي *** وقد فُقْت كلّ ذي أمْجدِ

بيومِ الغديرِ خَلفْت الرّسولَ *** إِمَاماً ومَوْلى به نقتدي

جَعلتَ الخِلافةَ عدْلاً وهدْياً *** وحزْماً إلى الآنَ لمْ تُشهدِ

فهبّتَ عليْكَ دُعاةُ الظلالِ *** وأهلُ النِفاقِ ومنْ حُسّدِ

صَببْت الحِمامَ على النّاكثينَ *** جحيماً الى البعْثِ لم تَخمُدِ

وقاتلتَ كالأسدِ المارقين *** والقاسِطينَ بما تَفْتدي

يداك السيوفُ بها تُجهزُ *** على الظّالمينَ بلا مُنجدِ

ببيْتِ الرّحيم قُتلتَ وفُزتَ *** وَرأسُك شُجّ على المسْجدِ

نَعتكَ التقاةُ وأهلُ السماءِ  *** وكلُّ أبيٍّ  وذي مَحْمدِ