بتاريخ 4/11/2016 تلقيت دعوة كريمة من الموسيقار الكبير عبدالرزاق العزاوي, لحضور أمسية الفرقة السمفونية العراقية التي قدمت أروع نتاجها هذا العام للفنان قيس حاضر بعنوان ( ماحصل في الكرادة ) والفنان علي خصاف بعنوان ( أنين امراءة ) والموسيقار سليم سالم بعنوان ( طريق الحق ) على قاعة المسرح الوطني وقد تميزت موسيقاهم بالنغمة العراقية الحزينة والشجن الذي لامس القلوب لأرواح الشهداء في الكرادة والتحدي لأعداء العراق والأمل القادم لمستقبل أفضل لشعب صابر ووطن جريح وحلم لشرفاء قادمين في السلطة يحملون رأية النقاء السماوي ومبدأ وخلق الأمام الحسين (ع ) ) كانت سمفونية ( طريق الحق ) للموسيقار العراقي سليم سالم تمتاز بالروح الجديدة البعيدة عن التقليد الأوربي في الأداء الموسيقي و الأساطير والخرافات الشعبية الدخيلة لترتقي بقضية استشهاد الأمام الحسين بن علي من خلال تصوير رحلة الحق من الحجاز الى العراق وبالذات نهايتها التراجيدية في موقعة ( الطف ) التي شهدت أعنف معركة في التأريخ , كانت غير متكافئة بين الأمام الحسين وانصاره وبين يزيد وجنده القساة وقادته السفلة , حيث تحرك الأمام الحسين يرافقه اهله وأخوته وعائلته من نسل النبي محمد (ص) ليقف وحيدا مع عترته ويخذله أهل العراق والكوفة بالذات بجبن لايوصف وسيظل عارا الى أمد بعيد تدفعه الأجيال حزنا وغما وبكاء, كانت مسيرته ثورة الوجدان العربي المسلم و الأنساني الرائع من أجل أقرار العدل والأصلاح ضد طاغية ذلك العصر وكانت مقولته الشهيرة : لم أخرج أشرا ولا بطرا وإنَّما خرجت لطلب الأصلاح في أمَّة جدي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ترجم الموسيقار العراقي الفذ ( سليم سالم ) بموهبة نادرة وروح نقية عاشقة للحسين وأل البيت دون استخدام كلمة واحدة أو عبارة مزوقة كما يفعل بعض المعممين الكذبة من المتجارين بحب الحسين بل أرتقى بموسيقاه بالحدث الرهيب و بالموقف الثوري العقائدي لفضاء أنساني أرحب واوسع وأعظم ليصنع من ملحمة الحسين رسالة الى كل العالم بلغة الموسيقى العالمية كونها ذات مضمون أخلاقي ومبدئي شجاع وجرىء بعيدا عن أي طمع بسلطة أو مال ليصنع منه رمزا عالميا وليس رمزا شيعيا كما يشاع ضد طاغية أحمق , فقد ترجم عبر الآلآت الموسيقية المختلفة لأكثر من مائة عازف رائع بشكل مبدع ومؤثر لمنحها الرمز والدلالة بحيث نطقت تلك الآلآت الموسيقية كالسحر بالكلام الذي أرتجله الأمام الحسين : (هيهات منّا الذِّلَّة ) وأحسسنا بموكب المسير والتحدي من الحجاز والتطويق من قبل جند يزيد والمعركة الرهيبة وصليل السيوف وصهيل الخيل وسقوط الفرسان الشهداء وبطولة من رافق الحسين في الدفاع والهجوم ومعاناته وهو يرى أستشهاد أخوته وقتل الأطفال بقسوة واستباحة خيم النساء ومن ثم بطولة الأمام وصولته ضد جند يزيد الذين يفوقوه عدة وعددا وبالتالي أستشهاد الحسين البطولي وصحبه ومن ثم صرخته المدوية التي لعن فيها يزيد وبني آمية التي ترجمت بموسيقى درامية رائعة , حيث منحت موسيقاه أذهان الناس الذين حضروا بشحنة رقيقة من الأنفعالات التي حملت في اصوات الآلآ تها الموسيقية العديد من الرموز التعبيرية المختلفة والمتناسقة في سلم هارموني الأيقاع ليتواصل مع الذهن ويوقظ القلب بحس روحاني مقدس ليعظم موقف الحسين وهو يقارع السيوف الحاقدة وليس مجرد نغم حزين ,يصعد تارة ويخفت تارة ويصمت أخرى , بل منحنا جوا قدسيا لتلك المحنة الرهيبة التي قل نظيرها في الملآحم الأنسانية لشعوب الأرض وبأستشهاده خط بدمه أول أنتصار لصوت العدل والحرية ضد سيف البغي والطغيان , وليتواصل الثوار من بعده في كل العالم صرخاتهم ضد الظلم والدكتاتورية ليومنا هذا .منحتنا سمفونية ( طريق الحق ) الملحمية للموسيقار سليم سالم عبقا روحيا فاق كل نفاق بعض السياسين الشيعة الفاسدين سواء من أرتدى عباءة وعمامة أو ربطة باريسية أنيقة واسقط كل قناع مزيف لبعض المسؤولين على الثقافة والأداب والفنون ومنحنا أملا بأن الموسيقى سوف تبقى غذاء الروح والرقي الحضاري لبلد كان له الفضل بولادة أول ألة موسيقية صدحت بالفرح منذ خمسة الآلآف سنة ولو قيض لهذه الملحمة أن تعزف في الغرب لكان لها صدى فاق التصور بكثير ولطبعت ووزعت لما فيها من قيم أخلاقية للنضال من أجل الحق والعدل . تحية للجمهور النبيل الذي حضر وملء المسرح وتحية للفرقة السمفونية العراقية والمايسترو علي خصاف والموسيقار سليم سالم والأستاذ الموسيقي الكبير عبدالرزاق العزاوي لأحتضانه ورعايته .وعتبي على وزارة الثقافة لعدم حضور اي مسؤول يتمتع بحس فني وثقافي لحضور هذه الملحمة التي تشكل جزء من ثقافة وأرث العراقيين لرمز سيظل في قلوبهم الى الأبد .
|