الكل يعرف قصة جاك وحبات الفاصوليا السحرية، حيث تتحدث القصة عن شابا كسولا لا يجيد أي عمل ومن عائلة فقيرة، أرسلته أمه ليبيع بقرتهم الوحيدة فأستبدلها بثلاث حبات من الفاصوليا وعندما حس أنه خدع رماها فأصبحت شجرة عملاقة، تسلقها ليجد عملاق لديه أميرة مخطوفة ودجاجة تبيض ذهبا وأستطاع تحرير الأميرة وسرقة الدجاجة والهرب. في الحقيقة لست من مشجعي مثل هذه القصص، لأنها توصل رسالة أن الشخص الكسول الذي لا يجهد نفسه لتغير حياته نحو الأفضل قد يخدمه الحظ لتغير واقعه، ولكن الغريب أنه أتضح أن الكثير من المواطنين العراقيين خاصة في بغداد يؤمنون بهذه الفكرة. فبعد الـ2003 ، تحول العراق إلى الحكم الديمقراطي، وأي نظام ديمقراطي ناجح يشهد في بدايته مخاضا عسيرا حتى يصل إلى الحالة الأمثل التي تخدم مواطني البلد وتتوافق مع عاداتهم وتقاليدهم، فهي كالفاكهة التي لا يمكن أن تجدها في السوق وعليك زراعتها ورعايتها لكي تصل إلى وقت الجني و قطف الثمار، وجودة هذه الفاكهة تعتمد على الرعاية التي تلقتها من المزارع والذي هو في هذه الحالة المواطن. نعم أن العنصر الأساس في النظم الديمقراطية هو المواطن، وليس القادة السياسين أو العسكريين أو القوى الخارجية ومتى ما تخلى عن هذا الدور وأستسلم لليأس يتحول النظام إلى الديكتاتورية ثانيا ، ففي النهاية الحرية لا توهب بل تنتزع (مصطفى كامل). أن المشكلة الأساسية لدى شعوب الربيع العربي عامة والعراق خاصة هي عدم فهم أغلب المواطنين للعبة الديمقراطية، وكيفية الأستفادة منها وذلك أنهم عانوا من سنين طويلة تحت حكم أنظمة دكتاتورية قاسية جعلتهم يتأثرون بالشخوص وليس بالبرامج الأنتخابية، والدليل أن هنالك قسم ليس بقليل من العراقيين ما زالوا ينتظرون عودة القائد الضرورة لكي يهتفوا ويصفقوا له. صحيح أن المواطن العراقي تلقى ضربات لا أعتقد أن هنالك شعب شهدها في التاريخ الحديث من حروب وقتل وتعذيب وتهجبر وسوء خدمات، ألا أن الجلوس في البيت وأنتظار التغير لن يغير هذا الواقع، وعلى الناخب العراقي أن يفهم جيدا أن للمفسد ومن أستغل المنصب من السياسيين جمهور ثابت من بطانته ومريديه، وأن من يتأثر بنسبة المشاركة القليلة في الأنتخابات هم الشرفاء الذين يحتاجون الى كل صوت شريف كي يستطيعوا مواجهة المفسدين وبناء العراق. أنتهت أنتخابات مجالس المحافظات وستأتي الأنتخابات البرلمانية ولا نعلم أن كانت نسبة المشاركة ستتغير خاصة في بغداد ذات الكثافة السكانية العالية أم سيبقى المواطن العراقي ينتظر شجرة الفاصوليا مع أنه نسى في المرة السابقة حتى رمي الحبوب وبقيت في جيبه؟؟
|