غسيل الادمغة وتطور المصطلحات الطائفية على هامش تحرير الموصل

تستند عملية غسيل المخ على الحقيقة العلمية التي تقول ان الانسان عندما يتعرض الى ظروف قاهرة وصعبة تصبح خلايا مخه شبه مشلولة عن العمل والمقاومة .. بل قد تصبح عاجزة عن الاحتفاظ بما اختزنه من عادات .. لدرجة ان مقاومتها للأذى والتهديد الواقع عليها قد ينقلب الى تقبل أشد واستسلام أسرع للايحاء ولعادات جديدة أخرى وانعكاسات غريبة قد يتصادف حدوثها في تلك اللحظة . في كتاب حديث "الاصلاء: كيف يحرك المعارضون العالم؟ " الصادر بالانجليزية عن جامعة هارفرد و قرأت له مراجعة يوضح آدم غرانت، و هو من بين أشهر 40 مفكرا معاصرا، وهو أيضا مؤلف كتاب " خذ و أعطي" يوضح كيف يمكن أن يبني القادة جبهة من المؤيدين و الحلفاء و كيف يستطيعوا بناء ثقافة كسب الساخطين و السيطرة على عقولهم و أستثمار سخطهم و غضبهم وتمردهم عن طريق غسيل الادمغة". و يتفق معظم علماء النفس على حقيقة هي أن جميع الذين تعرضوا لغسيل المخ لا يوجد شخص واحد يعلم (أو يصدق) أنه قد تعرض الى عملية غسيل مخ. و أن الذين تم غسيل أدمغتهم يدافعون تلقائيا وبحرارة و إخلاص عن الشخص الذى قام بعملية الغسيل.
عندما تقرأ مايكتبه مثقفوا الشحن الاعلامي و تنشر مقالاتهم في الصحف و على الفيس بوك تجد أنهم لا يحيدوا قيد أنملة عن آرائهم و ميولهم نحو هذا الفريق أو ذاك حتى و أن كانوا يكتبون بما لايقتنعون به و تجد من المعجبين المعلقين على كتاباتهم ترديدا ببغائيا لما يكتبوه دون أضافة أحيانا و أحيانا يطعمها المعجبين باضافة طائفية واضحة. و مع ذلك تجد الكاتب المثقف يرد له الاعجاب بغض النظر عن قناعاته (الكاتب) مما يشجع هوءلاء على التمادي بطائفيتهم حيث أصبحت عقولهم جاهزة لان تتقبل أي أفكار بدون مناقشة حتى و أن كانت منافية للمنطق. و تستخدم هذه الطرق من قبل المبشرين و رجال الدين و المحققين القضائيين و أخيرا المنظمات الارهابية و غيرهم من خلال السيطرة على عقول البسطاء و على مراحل تصل قمتها الى انقلاب كامل في سلوك الفرد أحيانا من سلبي الى أيجابي أو العكس و هذا مايقال عنه بالعامية " مخه ناشف – نشف بعد الغسيل" ويشبه في العلوم ما يسمى بالتحول اللاعكسي (Irreversible Change). فكلنا سمعنا عن قصص الانتحاريين الذين أمسك بهم قبل تنفيذ عملياتهم و كانوا مقتنعين بانهم سيقابلون أو يلتقون بالخالق أو نبيّه بعد تنفيذ عملياتهم و غير ذلك من الاوهام التي غسل عقولهم بها منظري الارهاب.
وهذا حال كتاب الشحن الطائفي الذين غسلت أدمغتهم رموزطائفية تعتاش من جهل البسطاء و هم بدورهم سيطروا على هؤلاء البسطاء خدمة لهذه الرموز. أصبح الواحد منهم لا يتحمل نقدا واحدا حتى من بعيد لاي تصرف خاطيء لرموزه، فنقد أيران أو رجالها أو سياستها أصبح عمالة لامريكا و تركيا و أسرائيل و نال شهادة " تكفيري" ومؤخرا دخل مصطلح "أبن الخانعة" ونال أعجابا من الكاتب، ونقد تركيا و تدخلها السافر أصبح عمالة لايران و ونال شهادة " رافضي و أمه رافضية" – علقت على موضوع بسيط لمقالة تساءلت فيه عن موقف أيران حيال تدخلات تركيا فجاءني رد من أحد المعجبين بمقالة الكاتب مستندا الى لقبي بقوله " غزوتم أيران و مخلصت منكم و كل مشاكلكم تحملوها بأيران" أعتبرني مؤيدا للحرب على أيران و كاتب آخر يعاتبني و الآخر ينتقدني بحدة ولو بذوق. وقبلها كنت قدكتبت تعليقا أنتقد فيه التدخل التركي فجاء الاعجاب ليس من المعجب فقط و أنما من الكتاب الذين يتبعهم هذا الشخص في حين جاءني النقد و التعليقات المبطنة بالاتهامات من مؤيدي تركيا. ما ذا تتوقع عندما تكتب نائبة لمعجب سب و شتم أهالي جميع المدن التي أحتلتها داعش و قال بأنه لا يوجد فيها وطني شريف وطالب بالانفصال عنهم فتقول له بعد الشكر، أقتراحك يستحق التفكير؟ قلت طائفية و نفى مؤيدوها المثقفون طائفيتها فلا نعرف ما هو تعريفهم للطائفية؟. و ماذا نتوقع عندما يطالب شيوخ العشائر ببيان هستيري اللهجة بأعتبار تدخل تركيا شرعيا و يدافع عنه كتاب الشحن من الطرف
الآخر ثم يحصل كتابّهم على أعجاب من غسلت أدمغتهم فيردوا لهم الاعجاب و بذلك يتساووا مع من رفع راية الانتقام من أحفاد قتلة الحسين في الموصل. أرى أن الكتاب و معجبيهم بالمعظم تعرضوا لعمليات غسيل الادمغة دون أدراك. و أذا أستمر الحال على ماهو عليه من هذا الشحن الممنهج، فأن الشعب العراقي بمعظمه سيدخل مرحلة أكتمال غسيل الدماغ .