في أثناء الحرب العالمية الثانية و مع وصول النازيين الى قلب فرنسا كانت محطة هتلر القادمة هي بريطانيا العظمى التي وعد بتدميرها في حال الوصول اليها فما كان من رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ونستون تشيرتشيل الا أن يجد طريقة لحماية المملكة من خطر النازيين لإن بريطانيا لاتستطيع المجابهة بمفردها فلم يجد الا طريقة واحدة و هي التحالف مع ألد أعدائه السوفيتيين لضرب النازيين و بالفعل سافر لروسيا و عقد الحلف مع ستالين و أطلق مقولته الشهيرة ( أتعامل مع الشيطان من أجل بلدي ) في إشارة الى الإتحاد السوفيتي الذي كان تشيرتشيل من أقوى محاربيه و منذ ذلك الحين و الى يومنا هذا نسمع من الزعماء و القادة و كبار المسؤولين العرب تحديداً عن هذه الجملة او العبارة التي أصبحت شعاراً لمن يريد أن يفعل المحظور و كذلك يقول المعارضون لهؤلاء الحكام حتى أصبح شعاراً جامعاً بين الأضداد الحكومة و المعارضة على إختلاف أهدافهم و توجهاتهم ، ولكل زعيم و معارضة شيطان و ملاك يختلف عن شيطان و ملاك الآخر فمن يرى في أميركا شيطان الآخر يراها حليف و هكذا الحال مع الإتحاد السوفيتي سابقاً و روسيا حالياً و إيران و تركيا وإسرائيل وبالفعل تعامل الجميع مع شياطينهم لكن ليس من أجل البلد كما فعل تشيرتشيل و إنما من أجل ديمومة الحكم و السلطة و المصالح الحزبية و الفردية ، فهكذا فعل السادات عندما تعامل مع إسرائيل و من بعده حسني مبارك مع أميركا و القذافي مع فرنسا و صدام حسين مع أميركا تارة و مع روسيا تارة أخرى و كذلك فعل الأسد مع روسيا وإيران و النتيجة كانت سقوط حكم المتعاون مع الشيطان و خراب البلدان .
لماذا دائماً يختار العرب حكاماً و معارضين العمل مع الشيطان و هم لم يجربوا العمل مع الانسان ابداً ؟ لماذا التعامل مع الشيطان وانت غير مُكره او مُجبر على ذلك ؟ لماذا يحكمون على الانسان بالفشل و هم لم يتحالفوا معه قط ؟ لماذا دائماً يستثمرون مع الشيطان ؟ هل لأنه يعرف كيف يسوق نفسه و يلعب دور الملاك لحاكم لايميز بين الأثنين الا بما يحقق مصالحه و الشيطان شاطر كما نعلم ؟ أو لأن الإنسان لم يأخذ فرصته في إثبات نفسه للحاكم منذ أن حكم العرب أنفسهم وبالتالي لا الحاكم يساعد الإنسان في أثبات نفسه و لا الشيطان يعطيه الفرصة لذلك .
تعامل الشيوعيون مع الشيطان كذلك فعل الإسلاميون و حتى الليبراليون و القوميون لكن في المحصلة الشيطان تركهم لمصيرهم المحتوم في حين من تعامل مع الانسان و أجاد التعامل معه نجح في كسب الكل شياطين و إنس و ملائكة و جان لأن الإنسان هو أساس و جوهر الدولة و الحكومة كما في ماليزيا و تركيا و الإمارات العربية المتحدة من يستثمر في الانسان ينجح و يؤسس قاعدة قوية داخلية يرتكز عليها الحاكم و المحكوم على حد سواء و لا ضير من تحالفات خارجية رصينة و تفاهمات و أتفاقيات قوية أساسها مصلحة البلاد و العباد لا أن تكون تحالفات خارجية تقوي الحاكم و تضعف الشعب و تفرقه قومياً و مذهبياً من أجل بقاء السلطة فمهما كانت التحالفات الخارجية قوية لن تفيد مع تشرذم او تفرق داخلي و الوضع السوري الحالي خير مثال .
المحصلة النهائية و النتيجة الحتمية الشيطان هو الوحيد الذي لا يتحالف مع أحد الا بما يحقق له مبتغاه لا بل يجعل الجميع أدوات لتحقيق أهدافه و حماية أمنه الداخلي و مصالحه الخارجية ، لنتعلم من الشيطان بدلاً من أن نعتمد عليه لنكن الشيطان بعينه من أجل بلداننا مادام الأنس و الجان و الملائكة لم ينفعونا أبداً .
|