نساء عاصرنَ الأئمة وعشنَ طويلاً/27 أسماء: لكِ عهد الله يا سيدتي! |
إحدى زوجات النبي،(صلواته تعالى عليه وعلى آله) أختها ميمونة، وتزوج الحمزة عمه أختها سلمى، روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:(رحم الله الأخوات المؤمنات من أهل الجنة)،فسماها بإسمها أسماء بنت عميس بن الحارث الخثعمي، أسلمت في بداية الدعوة الإسلامية، لها مواقف تأريخية سُجلت عنها، فهي صاحبة الهجرتين، فقد هاجرت للحبشة مع زوجها الأول، جعفر بن أبي طالب(عليهما السلام)، ثم هاجرت الى يثرب، فكانت له خير زوجة، حتى أستشهد في معركة مؤته (رضوانه تعالى عليهما).
أمر النبي محمد عند تزويج الزهراء من علي(عليهم السلام)،بأن تخرج النساء مسرعات لزفافها، إلا أسماء تأخرت، فلما خرج الرسول رأى سوادها قال:من أنتِ؟ فقلتُ:أسماء بنت عميس، قال:ألم آمركِ أن تخرجي؟ قلتُ:بلى يا رسول الله، ولكن كنتُ قد حضرتُ وفاة خديجة، فبكت وفاتها فقلت:أتبكين وأنت سيدة نساء العالمين، وزوجة رسول الله، ومبشرة بالجنة على لسانه؟فقالت:ما لهذا بكيتُ ولكن المرأة ليلة زفافها، لابد لها من إمرأة ،ففاطمة حديثة عهد بصبا، وأخاف ألا يكون لها مَنْ يتولى أمرها!
كان لأسماء بنت عميس في اللحظة موقفاً مؤلماً، فقد أجابت سيدتها خديجة (عليها السلام): (لكِ عهد الله يا سيدتي إن بقيت الى ذلك الوقت، أن أقوم مقامك في هذا الأمر)، فبكت كثيراً وبكى رسولنا الكريم(صلواته تعالى عليه وعلى آله) لبكائها فقال لها:(أسال الله أن يحرسكِ من فوقكِ، ومن تحتكِ، ومن بين يديكِ، ومن خلفكِ، وعن يمينكِ، وعن شمالكِ، من الشيطان الرحيم)، نعم إنه بكاء بلون الفداء فقد جهزت أسماء سيدتها فاطمة الزهراء عليها السلام لزفافها.
تزوجت أسماء من الخليفة الثاني، فأنجبت له محمد بن أبي بكر (رضوانه تعالى عليه)، فوقف مع الأمام علي (عليه السلام) موقفاً مشرفاً أيام خلافته في الكوفة، فولاّه مصر وحكمها عدلاً وأمناً وشرفاً وكرامة، وكان من النفر الصالح، آتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس، كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)، فلما فجعت بقتله كظمت غيظها حتى شُحبت دماً، وإستعانت بالصبر والصلاة على ما ألّم بها، لأنها أدركت أن ولدها أدى رسالته بشريانه الدامي.
بعد وفاة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، تزوج الإمام علي أسماء بنت عميس، فولدت له يحيى وعون، فعاصرت أيام ولديه السبطان الحسن والحسين(عليهما السلام) فكان أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، يقول عن محمد الذي قتل غدراً بأمر من معاوية:(فعند الله نحتسبه ولداً ناصحاً، وعاملاً كادحاً، وسيفاً قاطعاً، وركناً دافعاً)،أما أمه فقد كانت نِعمَ الزوجة الفاضلة الصالحة ليعسوب الدين(عليه السلام) وواجهت أعداءه بشموخ وكبرياء حتى توفيت في عام 40 للهجرة وهي تحمل لوعة فراقها عن أهل البيت(عليهم السلام).
|