تابعنا في الأيام الماضية ، اختلاف الآراء والتصريحات بخصوص استقطاع نسبة 4,8% من رواتب الموظفين عند نفاذ قانون الموازنة الاتحادية لعام 2017 والذي سيبدأ تطبيقه ابتداءا من 1/ 1 أي من بداية العام القادم ، فبعض الآراء تقول إن الاستقطاع سيبقى على ما هو عليه في سنة 2016 أي بنسبة 3% من مجموع الاستحقاق ( الرواتب والمخصصات ) ، والآراء الأخرى تقول إن الاستقطاع سيكون بنسبة 4,8% من الراتب الاسمي فحسب دون أن يشمل ذلك المخصصات ، أما الرأي الآخر فيذهب إلى فكرة إعفاء الرواتب المنخفضة ( التي تقل عن 500 ألف دينار شهريا ) من الاستقطاع ، وفي الوقت الذي يعلم فيه الكثير إن زيادة نسبة الاستقطاع إلى 4,8% في موازنة 2017 قيد المناقشة حاليا في مجلس النواب وان الموضوع لم يصل إلى حد القرار في مجلس النواب ، لان المفترض أن يحسم ذلك في القراءة الثالثة التي من المؤمل أن تتم خلال النصف الأول من الشهر القادم ، فان التوجهات تسير نحو الموافقة على ما ورد في مشروع قانون الموازنة الاتحادية المقدم من قبل مجلس الوزراء والذي ينص على أن تكون نسبة الاستقطاع 4,8% من مجموع استحقاق الموظف من الرواتب والمخصصات بغض النظر عن درجته أو موقعه الوظيفي ، وبذلك ستتحول بعض الطروحات والتصريحات عبارة عن طموحات أو آراء لم يكتب لها التطبيق في الواقع العملي والبعض منها غرضه الاستهلاك والظهور الإعلامي لا غير . وليس هذا الرأي محل افتراء وإنما من خلال قراءة الواقع المالي للحكومة الاتحادية ، فنسبة 3% في موازنة 2016 التي تحولت إلى 4,8% في مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2017، هدفها هو توفير إيرادات للدولة من دون الحاجة لتخفيض الرواتب والمخصصات في ظل أوضاع صعبة يعيشها البلد من الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية وهي باتت معروفة للجميع ولا داعي للخوض في تفاصيلها بإسهاب ، وحسب ما يتم ترديده فان استقطاعات أل 3% لعام 2016 كان من المفترض أن تذهب 60% منها للحشد الشعبي والبيشمركة و40% للنازحين منذ بداية السنة المالية ( 2016 ) ، ولكن مصادر في تلك الجهات صرحت بان المبالغ لم تحول إليها ، وفي إحدى اللقاءات التلفزيونية وجه سؤال صحفي لوزير المالية السابق حول مصير الأموال المستقطعة فقال إنها تذهب للموازنة كإيراد لسد النقص في الإيرادات ، ولكنه وعد بان يكون هذا الوضع مؤقتا لحين تدبير احتياجات الدولة من النفقات وبضمنها رواتب الموظفين ، ويفهم من ذلك بان ما يتم استقطاعه من الموظفين يعاد صرفه لهم وهي حالة غريبة في الموازنات الاتحادية لأغلب الدول لان الموظف يدفع ضريبة الدخل ولا يجوز ازدواجية الاستقطاع ، علما إن الكثير من الأنظمة المالية تنبذ فكرة استقطاع ضريبة دخل من رواتب الموظف باعتبار الموظف مساهم في إنتاج الدخل وان الاستقطاع يمكن أن يتم على مجالات أخرى لا ترتبط بشكل مباشر بمدخولاته الشخصية من الوظيفة العامة . وعودة إلى الموضوع نفسه ، فغالبا ما توجه اسئة وتتعلق لماذا ستصبح الاستقطاعات 4,8% وليس 4,5% أو 5% لكي تكون كرقم صحيح وهل لذلك علاقة بحجم العجز في الموازنة الاتحادية لعام 2017 ؟ ، وبصراحة إننا لم نجد إجابة لهذا الموضوع فمن المعلوم إن حجم الرواتب والمخصصات الشهرية والسنوية غير معروفة تماما للمخطط المالي لتأثرها بالعلاوات والترفيعات والتعيين من حركة الملاكات ودوران العمل وغيرها من العوامل غير المسيطر عليها على وفق المؤشرات الإحصائية المتعارف عليها لدى المعنيين بالموضوع ، والمسالة الأخرى أين ستذهب نسبة 1,8 %من الاستقطاعات الجديدة على فرض إن الاستقطاعات السابقة تذهب للحشد والبيشمركة والنازحين بعد استقطاعها كل شهر ؟، وهذا الموضوع غير واضح أيضا لان السيد رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب لم يستطيع الإجابة الكاملة عن الموضوع وقال إنها ربما تذهب لتغطية بعض النفقات مثل الاهوار والآثار ، وهذه الإجابة تؤكد مرة أخرى إن الغرض من الاستقطاع هو لزيادة إيرادات الدولة غير النفطية أمام العجز في زيادة هذه الإيرادات خلال السنوات السابقة ، فحسب إحصاءات رسمية فان الصادرات غير النفطية لا تشكل أكثر من 1% من مجموع الصادرات ، كما تشير بيانات أخرى إن الهدف المتعلق بإيصال الإيرادات غير النفطية إلى 11% من مجموع إيرادات الموازنة الاتحادية لم يتحقق منذ 2003 ، وان المتحقق الفعلي لم يصل إلى 50% من الرقم المستهدف لحد اليوم رغم زيادة الضرائب والرسوم لمرات عديدة والتي غالبا ما يدفع ثمنها المواطن عند شراء السلع والخدمات ، علما بان من المفترض أن تكون إيرادات الدولة من نتائج الاستيراد التي يغطيها البنك المركزي من بيع الدولار في مزاده اليومي بما لايقل عن 10% من مجموع المبيعات ولكن واقع الحال يؤشر عدم بلوغ ربع هذا المؤشر منذ مباشرة المزاد بأعماله عام 2004 ولحد اليوم . وقد يتبادر في ذهن بعض الموظفين أسئلة تتعلق بالموعد الذي ستنتهي فيه استقطاعات الحشد الشعبي والنازحين والتسميات الجديدة ، وسبب هذه الأسئلة إن البعض يعتقد إن نهاية العام الحالي ستشهد نهاية الدواعش والإرهاب حسب أمنيات المخلصين والمحبين للبلاد ، ورغم إن الأمد المحدد لفرض أو إيقاف أو تقليص أو زيادة هذه الاستقطاعات غير مخطط أو مدرج في خطط محددة المدى أو مكتوبة مسبقا على الأقل ، فان ما نتوقعه بأنها لم تتوقف مادام هناك عجز كبير في الموازنة الاتحادية يصل لأكثر من 30% سنويا على الأقل ، وهذا الموضوع لم يعد يرتبط بانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية فحسب ، وإنما من الخسائر التي تكبدها العراق من أعمال التنظيمات الإرهابية والتغييرات الاقتصادية التي حصلت في العالم فالعراق خسر مليارات الدولارات منذ حزيران 2014 ولحد اليوم ، وتتوزع هذه الخسائر بواقع 40 مليار دولار من البنى التحتية المحطمة بما فيها الجسور والمطارات والسدود والمدن والأجهزة والمستلزمات وغيرها وأكثر من 100 مليار دولار عن انخفاض أسعار النفط وسرقة النفط ومعدات التصدير وتدمير البنى التحتية للنفط من المصافي والحقول وغيرها ، فضلا عن 20 مليار دولار عن قيمة الأسلحة والتجهيزات التي فقدت أو تركت أثناء الانسحاب من الموصل وصلاح الدين والانبار التي لم يكتمل التحقيق بها بعد ، وهناك خسائر لا تقل عن 40 مليار دولار عن توقف الأعمال ودفع الرواتب من دون أداء المهام لعدد كبير من الموظفين لمرحلة بعد السيطرة على بعض المحافظات لان الدولة استمرت بدفع الرواتب لهم وإضافة رواتب والتزامات جديدة للقوة القتالية التي أضيفت للدفاع عن الوطن ودعم النازحين وزيادة الإنفاق العسكري والانساني لصنع النصر وتحرير المدن . |