فيدال كاسترو كما حدثوني عنه وأنا صغير

 

كنت طفلا كغيري من أطفال الجزائر الذي كانوا يرون صورة الرئيس الكوبي فيدال كاسترو عبر يومية " الشعب" و EL-MOUDJAHID "، الوحيدتين يومها.

وكنا نتابع ونحن أطفالا صغارا، زياراته المتكررة إلى الجزائر، وهو يزهو بقامته ولياقته البدنية، وخفة حركاته، مفتخرا أيما افتخار بالجزائر يومها.

وكلما درسنا معاني الثورة الجزائرية إلا وأضاف لها الأساتذة معاني الثورة الكوبية، وأمعنوا في إيجابياتها ونحن لم نبلغ الحلم .

وحين يلقننا الأساتذة دروسا خاصة بالزعماء، يكون فيدال كاسترو أول من يخترق الأسماع، وبأنه زعيم الثورة الكوبية، ويستطرد الأساتذة في ذكر خصاله ويعددونها ونحن صبية.

لم نسمع يوما أن كاسترو ديكتاتورا، بل سمعنا أن كاسترو جاء لمحاربة الديكتاتورية الأمريكية، والديكتاتوريات المدعمة من طرف الإمبريالية الأمريكية، كما كانوا يسمونها في ذلك الوقت.

وأكتب الأساتذة بالجمع، لأن كل الأساتذة وفي جميع المواد دون استثناء، وفي جميع مراحل التعليم، من الابتدائي، والمتوسط، والثانوي، والجامعي، ذكروا للطفل نفس الكلام، ودون أدنى تغيير، فيما يتعلق بفيدال كاسترو والثورة الكوبية.

ومن شدة إعجاب ساسة الجزائر بفيدال كاسترو يومها ونحن صغار، كانوا يفتخرون جدا بسيجارة هافانا وهي تراقص أناملهم، رغم سعرها الغالي الباهظ، ويضعون صورهم،  وهم يداعبون سيجارة هافانا على أغلفة مذكراتهم. وكان سيجار هافانا يعتبر للسياسي الجزائري يومها من علامات الثروة، والقوة، والمنعة، والافتخار !!.

واستمر الطفل سنوات وهو يسمع لأساتذته في المدرسة الجزائرية، وحين كبر الطفل تغيّر بعض الشيء، فاستوجب ذكره اليوم وبمناسبة وفاة الرئيس الكوبي فيدال كاسترة، وهي ..

من الأخطاء التي إرتكبتها الدبلوماسية الجزائرية، أن قدمت مسدس الأمير عبد القادر رحمة الله عليه لكاسترو، حين زار الجزائر في منتصف الثمانينات فيما أتذكر. وذلك خطأ ما كان ينبغي أن تقع فيه الجزائر. ومهما بلغ حب الجزائر لكاسترو، فلا ينبغي لها أن تسلمه أثار الأمير عبد القادر، لأنها تاريخ الجزائر، والتاريخ لا يسلم لحبيب الجزائر ناهيك عن عدو. وكم أتمنى أن الجزائر قد إستعادت مسدس الأمير عبد القادر ، واستبدلته بهدية تناسب المقام وتستدعيها الظروف.

ومن الأخطاء التي إرتكبها فيدال كاسترو في أواخر حياته، أنه ورّث الحكم لأخيه، شأنه في ذلك شأن جميع حكام العرب دون استثناء . وكان عليه أن يقتدي بنلسون مانديلا، الذي تسلّم الحكم وسلّمه فيما بعد، وخرج من أوسع الأبواب كما دخل من أوسع الأبواب.

وفي السنوات الأخيرة رأينا أطباء من كوبا يزورون المستشفيات الجزائرية، ويقومون بإجراء عمليات جراحية على العين، وقد أثنى عليهم الجميع لما قدموا من أعمال جليلة، ومساعدات طبية وعلمية، لمرضى العيون في الجزائر، وللأطباء والمختصين الجزائريين.

وعلى الجزائر أن تغتنم فرصة العلاقات الجيدة مع كوبا، لتعزيز التعاون الطبي بمختلف فروعه ، وتطويره إلى ميادين أخرى، حسب الحاجة والضرورة.