(الحشد الشعبي) تعبير لم يسمع به أحد قبل دخول داعش الاراضي العراقية، وتداعي التشكيلات العسكرية وانسحابها من مواقعها في الموصل ،لاسباب لاتريد الدولة العراقية حتى اليوم الافصاح عنها او تحميل المسؤولية المباشرة لمرتكبي اوامر الانسحاب او تسهيلات الاحتلال . فالحشد انتاج احتلال داعش ، وهلع المجتمع العراقي من أن تواصل سيارات الدواعش زحفها الى مدن ومساحات أوسع داخل العراق . وذلك – كما يفترض – لايشرف اي عراقي على الاطلاق مهما كان انتماؤه او وجهة نظره السياسية . وعليه فان الحشد في هذه الحالة ضرورة وطنية وليست مذهبية ، لاسيما وان المرجعية التي اوجبت انشاء الحشد ، اوضحت مباشرة انه حشد وطني لايقتصر على مذهب او مدينة او دين وبناء على ذلك التحق به من التحق من مكونات مختلفة. ادى الحشد في بدايات تشكيله مهمات عسكرية شعبية دفع فيها ابناؤنا من محافظات العراق ارواحهم دفاعا عن محافظات اخرى في صورة مثيرة للتلاحم الوطني . في المقابل : هناك تشكيلات مسلحة سبقت الحشد وهي موجودة على الارض قبل فتوى المرجعية بشكل غير رسمي، تعيش على اثار الخلافات بين الكتل السياسية وتحوم حول ولاءاتها واجنداتها الشكوك ، ولكونها تحمل السلاح خارج سلطة الدولة بقيت متهمة بكل سوء حتى تثبت العكس . هذه التشكيلات بوضوح تكونت في اطار توازن الرعب الذي يشهده العراق واطلقت على نفسها في مؤتمر معلن بفصائل المقاومة الاسلامية . بسبب داعش والمتعاونين معه وداعميه تداخل بناء الحشد بمكونات الجماعات المسلحة، الحشد ببساطةىخبراته واعداده الاولي ، عواطفه اكبر من قدراته ، والميلشيات بخبراتها وتنظيمها واهدافها المحددة . وتم تبادل الادوار والافادة من المكتسبات ، على النحو التالي : - اكتسبت الميلشيات شرعية وجودها الرسمي بانضمامها الى الحشد ، واكتسب الحشد قوة في الشارع بانضمام الميلشيات اليه . - لا تتفق اصول نشوء الميلشيات واستقلاليتها مع اصول نشوء الحشد ، لان الحشد اسس بناء على فتوى المرجعية فيما الميلشيات اسست قبل ذلك بكثير. - الحشد يتبع للقائد العام للقوات المسلحة ، فيما للميلشيات قياداتها الخاصة. - الحشد ظهير ورديف للجيش العراقي ، فيما للميلشيات ساحات مواجهاتها وخرائطها وتخطيطها . - التحاق الميلشيات والتحامها بالحشد بعد الفتوى ، وفر لها فرص التسليح ودفع الرواتب والوجود الطبيعي ضمن موازنات ومشروع الدولة .
مالذي يجعل من هذا التضارب قائما ، متعكاسا ومتوازيا في الوقت نفسه . انها الحرب على داعش والاجندة الخارجية والمواقف السياسية المترددة ، واصرار الكثير من السياسيين العراقيين على ابعاد العراق الدولة من تنافسهم ، وكأن ارض العراق محكومة اليوم باعادة انتاج الدين الاسلامي بقطبيه ، السنة والشيعة ، السنة مع الارهاب ، والشيعة من ايران ، وهي معادلة غير صحيحة بالمطلق و خائبة بائسة مخزية للعراقيين جميعا دون استثناء . هذا هو الموقف كما انتجته الاحداث ، وتسببت به النخب السياسية، موقف لايمكن باي حال ان يكون بعيدا عن الولاءات والتاثير الخارجي ، والبحث الاقليمي عن نفوذ داخل العراق ، ولايمكن ان يفرز بدقة متناهية ومثالية كما يريد البعض، من هو الوطني الخالص، والمؤمن الخالص ،والانسان المحض الذي لاياتيه الميول من بين يديه وقلبه وسلاحه. هذا هو الموقف على الارض اذا ، القوى المسلحة تستطيع فعل اي شيء ، والساحة العراقية مباحة ، وقوتك في العراق هي شرعيتك سياسيا وسلاحيا، بقانون او بدون قانون حيث لاسلطة تحاسب فاسدا او قاتلا او مسؤولا مقصرا في واجبه او مقاولا ياخذ ولايعطي ، فالكل محمي بنظام دقيق منسوج من خيوط المحاصصة والتواطؤ على الاثم . وفي اتون ذلك كله ضاعت دماء وتضحيات العراقيين واموالهم ،وطعنت حياتهم واهتز مشروع دولتهم .فمالذي يمكن فعله ؟. أفضل الطرق لوضع هذه الفوضى في نصاب صحيح وعقلنة الجنون الذي يشهده البلد وضمان حقوق الشهداء التي ضاعت بين ذلك كله هو في اقرار قانون ينظمها ، فاقرار قانون الحشد هو الضمانة الوحيدة وليست الاكيدة ، لاحتواء مخاطر الفوضى التي تعيشها البلاد ، فالحشد اليوم يضم اربع فئات شيعية وسنية على الاقل ، من جماعات محترفة ،ومن متطوعين، وتشريع القانون يوفر في الاقل كلمة (عليه واجبات) مقابل له حقوق وحق الدولة والبرللمان فيما بعد تاشير المصالح الوطنية والتدخل الخارجي ومنع ومحاسبة السائرين فيه ، ، طالما نحن لانتحدث عن دولة صحيحة غير المنطقي فيها يبدو شاذا ، ودليل على ذلك ان جميع الرافضين لاقرار قانون الحشد ، لم يرفضوه لانه يتقاطع مع القيم الوطنية كما يسوقون ، بل لانه لم يعرض على طاولة المساومات والتسوية المزعومة كي يعتبر ثمنا لبضاعة في رؤوسهم .. انتم اوصلتم البلد الى هذا الدرك ،وعليكم ان تعيشوا في حضيضه جميعا ، لتبقى دماء ابنائنا التي اريقت على مذبح الحرية ومواجهة الارهاب ، ومعاناة المواطنين جميع المواطنيين هو الشرف العراقي الوحيد في هذا الزمان.
|