نساء عاصرن الأئمة وعشنَ أبداً/29 آمنة: لقد وضعتِ خير البشر! |
سيدة جليلة تلتقي مع عبد الله، والد النبي محمد(صلواته تعالى عليهما)، في جده الرابع فهي بنت وهب، بن عبد مناف بن كلاب بن مرة، إمرأة قرشية كلابية من الأبوين، وإحدى بنات أعمامه، كانت محط أنظار نساء مكة لعفتها، وجمالها، وشرفها، حتى بعض الروايات تنقل، أن بعض النساء ماتت حسرة وحسداً، على زواجها عبدالله بن عبد المطلب، إنها السيدة آمنة والدة النبي(صلواته تعالى عليهما)، وما إنفك يكرر قوله:(لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين، الى أرحام الطاهرات).
نقل المؤرخون أن إحدى نساء مكة، تعرضت لعبد الله والد النبي فقالت:(أنتَ الذي فداكَ أبوكَ بمائة من الإبل)فقال:نعم فعرضت نفسها عليه ولو بالحرام، مقابل مائة من الإبل فتشاءم منها، وتوجه لوالده لطلب الزواج، وعرض عليه عبد المطلب التزويج من بنات الملوك، فكان يظهر على وجه عبدالله الإمتناع، وقال له: ما تقول فيما سمعت عن آمنة بنت وهب، من العفة والخلق الرفيع؟ فأجابه والده:فوالله ما يناسبك من بنات مكة مثلها، فهي المحتشمة في نفسها والطاهرة المطهرة!
بعد زواج عبد الله من آمنة(عليهما السلام)، بقي عندها يوماً وليلة، فحملت بالنبي محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، وصادف ليلة أن عبد الله إلتقى بالمرأة المكية ذاتها، فلم تعرض رغبتها الأولى عليه، فتساءل عن سبب إعراضها؟ فأجابته:ماذا صنعتَ بعد ذهابك عنا؟ فأجابها: تزوجتُ آمنة بنت وهب، عندها قالت له:للهِ ما زهرية سلبتَ، ثوبيكَ ما سلبتَ وما تدري؟ثم قالت: رأيتُ في وجهكَ نور النبوة، فأردتُ أن يكون فيَ، ورأى الله إلا أن يكون حيث يحب!
السيدة القرشية الفاضلة، آمنة بنت وهب (عليها السلام)، كانت تتنقل في سلسلة من الأرحام المطهرة، لأنها أم لسيد الكونين، ورسول رب العالمين، وقد حفظت وليدها النذير البشير، من كيد المناوئين والحاقدين، لأنها رأت في منامها قبل ولادته، أن هاتفاً من السماء يقول لها: (إن الله تعالى لايودع هذا النور، إلا في مثل هذه يعني فاطمة)، وإنها حملت بخير الأنام، وعند ولادته الميمونة نوديت: (لقد وضعتِ خير البشرية، فعوذيه بالواحد الصمد من شر كل باغٍ وحاسدٍ).
عندما بلغ النبي من العمر ست سنوات، توفيت والدته آمنة(عليها السلام)،وعهد به لأم أيمن ورجعت به لمكة، وقد دفنت في منطقة الأبواء بين مكة والمدينة، التي طالها الهدم أيضاً، لذا لابد من إعلان حملة لإعادة بناء قبرها، ففضلها كبير جداً، يكفيها فخراً أنها حملت بين أحشائها، منقذ البشرية محمد(صلواته تعالى عليه وعلى آله)وقد تألمت كثيراً لفقدان زوجها عبد الله، وكان يزور قبرها ويبكي عليها بكاء شديداً، فسلام عليهما يوم ولدا، ويوم أستشهدا، ويوم يبعثانِ حيينِ.
|