هدى عماش ما بين عقّدتين .. حزب الدعوة وصدام حسين |
هدى عماش ما بين عقّدتين .. حزب الدعوة وصدام حسينهدى صالح مهدي عماش، أمرأة عراقية صنعت مجدها العلمي بثبات، حتى ان الترف العائلي في نشأتها لم يتسلل الى ذاتها، فكانت الهمّة العلمية ديدن مسيرتها اضافة لما تتمتع به من سموّ اخلاقي يعكس الشرف الباذخ في نشأة تربيتها.. التقيتها للمرة الاولى نهايات العقد السبعيني في مكتب صديقي المرحوم الدكتور هديب مجهول البكري الذي اغتيل برصاص الغدر عام ٢٠٠٦ ... عندما كانت هدى عماش في زيارة لبغداد وهي طالبة الدكتوراه في جامعة ميزوري بكولومبيا تحيط بها في ذلك اللقاء القيادات النسوية الطلابية الشابة من قيادات الحركة الطلابية آنذاك .. وقد تبادلنا أطراف الحديث لوجود قاسم مشترك بصداقتي مع عمها حسان عماش الضابط الذي أُحيل الى وظيفة مدنية في وزارة الصناعة وتم ابعاده عن بغداد موظفا في شركة القابلوات والأسلاك في الناصرية، وقد كان محور الحديث عن والدها الجنرال صالح مهدي عماش وكتابه الذي قرائته في وقت مبكّر "موسكو عاصمة الثلوج" فكان أدبها الجم وشخصيتها الواثقة عنوان تجاذب أطراف الحديث، حتى تناولت الظلم الذي حلّ بوالدها بتجريده من منصب نائب رئيس الجمهورية الى سفير العراق في موسكو وما حلّ بعائلتها .. ولكنها تحدثت بلغة القادة ولعبة الصراع وليس في لغة المظلومية. تلك مقدمة ولنعود لقراءة الحدث في تجريمها من قبل محكمة جنايات النزاهة حول استخدامها لسيارات نوع بيك آب بعدد خمسة سيارات إبان تسنمها لمنصبها .. نجد ان الحكم الصادر كبّوة فاضحة للقضاء العراقي بتعقّب كيدي لامراة عراقية احتلت مكانة علمية مرموقة، بجريمة لاتتوفر أركانها المادية والمعنوية .. ونحن نعلم علم اليقين ان الوزارات العراقية تم نهبها وسلبها وحرقها ما بعد عام ٢٠٠٣ ما عدى وزارة النفط التي تم حمايتها بقرار القيادة العسكرية الامريكية لمنطقة بغداد .. وبذلك ينفي وجود اي وثيقة تدلل لاستخدامها للمال العام، وان ما استندت به محكمة الموضوع هو سرد تاريخي ادلى به المشاور القانوني للوزارة الذي هو جزء لا يتجزا من القيادة الحالية لحزب الدعوة الحاكم في العراق .. قد وجد ضالته المنشودة في التلذذ بإلصاق تهمة لقامة تشكل عنوان باذخ لمراة عراقية ناجحة علميا وتمتد جذورها لعائلة بغدادية عريقة يشار لها بالبنان، مع اليقين المطلق بترفعها عن مدّ اليد للتجاوز على المال العام. ولكل ما ورد أعلاه من اسباب موضوعية جعلت من صدام حسين توزيرها بين اعضاء قيادته متناسيا بمضض عقدة الماضي بكراهية أباها ولم يكن انصافا لطاقاتها الخلاقة .. وبذلك القرار يمكننا القول انها ظلمت اكثر مما كان تكريما لها .. لانها بذلك مجبرة للعمل مع صدام حسين ولم تفارق ذاكرتها وفاة والدها في فراشه عندما كان سفيرا للعراق في هلسنكي أمرا يبعث على الريبة في تدخل الايادي الخفية لاغتياله .. فهل من فرح ان يعمل إنسان مع احساسه الفظيع بقاتل والده. اما حزب الدعوة فهو يحمل عقد التاريخ منذ نشأته .. فهو حزب يعيش بعقدة التاريخ باستذكار اسماء رجال المؤسسات الأمنية والداخلية .. صالح عماش، ناظم كزار، سعدون شاكر، برزان التكريتي، فاضل البراك، اعضاء منظمة حنين .. وهكذا دواليك. لذلك يمكننا القول ان قرار المحكمة بعيدا عن الوقائع القانونية، ارضاءا لعقد تاريخية مترسخة في ذاكرة الدعويين. |