سؤال _ هل تعتقد أن الإنسان كائن مفكر بـ (القوة) أم أنه يندفع للتفكير من خلال ضواغط الحاجة أو التقليد أو حتى العرف الأجتماعي؟ أنا _ بالتأكيد الإنسان كائن مفكر بالقوة لأن ملكة التفكير لا تنتقل بالتقليد ولا بالملاحظة وإلا سنجد أن دوافع المبادرة الأولى ستنعدم لأنها بحاجة لمحفز للأستجابة أولا، إنها التوليفة التكوينية الأولى، الفطرة الإنسانية حيث تبدو من خلال قراءة قصة الإنسان مع الفكر أنه يفكر غالبا ليس شرطا كأستجابة بل كخيار طبيعي من خيارات النظام العقلي لديه. سؤال _ هذا يقودنا إلى سؤال أخر وهو هل أن الإنسان مجبر على التفكير طالما أنه بالقوة كائن مفكر؟ أنا _ بالأفتراض نعم لا بد له من التفكير ومجبر على ذلك ولكن، في هذه الـ (لكن) العبرة، الإنسان أيضا كائن كسول وكائن ناقص في الكثير من الجوانب التي يمكنها لو تبلورت دوما ستقلب حياته، هذا الكسل والأعتماد على نتاج الأخر وأحيانا مقايضته بأشياء ضرورية مقابل ألا يفكر أو يدع غيره يفكر هي العلة الأولى التي تدفع بالتجلي عن هذا الإجبار، وأتذكر مقولة وإن كانت نصف مغلوطة ونصف صحيحة تلك التي تقول (الحاجة أم الأختراع). سؤال _ الفرق بين العقل والفكر ببساطة؟ أنا _ العقل منظومة عمل وأنتاج تبدأ غفي عملها من الداخل للخارج، أي أنها أولا تنظم وجودها وتضع خرائط العمل تتبنى أليات وقوانين ثم تنضج لتكون مصدر أنتاج المعرفة والعلم وكل ما يمكن أن ينسب للعقل من وجود شخصي، الفكر هو المادة أو الموضوع الذي يقتضي العقل كوجود أو ممارسة كي يبني المعرفة بمعنى أخر الفكر والتفكر دلالة على أن العقل موجود أولا وعامل ثانيا وقادر على الإنتاج ثالثا، لا عقل بلا فكر ولا فكر بلا عقل ولو بالد الأدنى، ولا كلاهما بغير أستعداد تكويني أولي لازم وضروري. سؤال _ هل الكائنات الأخرى التي تملك نسبة ما من التفكير ربما تفكير بسيط نوازعي سيكون لها حظ من العقل؟ أنا _ العقل نوعان عقل منتج تبعا لطبيعة التفكر في نظامه وهذا هو العقل الإنساني بأبسط صوره ولأننا نعرفه ونعيش معه بهذه الصفة، وهناك عقل لحظي قد يتصرف ويفكر في اللحظة ولأجل اللحظة ولكنه لا ينتجها كمعرفة تتراكم بل كخطوة أستجابة لواقع تنتهي بأنتهاء الواقع وهذا لا يعني أيضا عدم تكرارها إذا تكرر الحال، الكائنات التي تتصرف بفكرة لحظية قد تملك نظاما عقليا خاصا بها ولكن ليس بنفس النظام البشري بالتأكيد. سؤال _ ننتقل فيه إلى محور قريب لعله موضوع الدين والتدين وصراعهما الوجودي للبقاء، كيف ترى الدين كائنا في زمن ينتصر للعلم والمعرفة ويهجر الدين رويدا رويدا؟ أنا _ الدين فكرة والتدين عمل وما بين الفكرة والعمل بون شاسع من الملاحظات والفوارق والحدود، بالنسبة للدين سيبقى محورا معرفيا قائما يشتد صراعه من أجل البقاء عندما يستطيع العقل الديني أن يفهم جوهرية الدين وأن يعيده للمسار الأخلاقي الإرشادي، عند ذاك أنا متأكد أنه سيبقى عنصرا مهما في تشكيل وبناء الرؤية الوجودية الكونية الشاملة، أما لو كرس العقل الديني جهده ووجوده للدفاع عن التدين ومحاولة جبر الوقائع على أن تصدق أطروحاته فمن المؤكد سيهزم الدين والتدين بأسرع وقت، وذلك لأن الفكر أي فكر إن لم يكن واعيا ومستجيبا وقادرا على التلاؤم مع تطورات العقل ومفاهيمه المتجددة سيجد نفسه في زاوية الأندثار مهما حمل من مجد أو من أفكار أو قوة ذاتية للدفاع عن موقعه، أذن القضية ليست مع الدين بل مع العقل الديني وقدرته على المقاومة الإيجابية. سؤال _ هل يعني أن الدين كمفردة وجودية من مفردات وجودنا الحي ستمضي مع كل هذا التطور والأنقلاب المفاهيمي نحو عالم مادي قانوني متحكم بالضوابط ولا يقبل الأفتراضات خارج المنطق العلمي والعملي؟ أنا _ القضية ليست بالمفاهيم فقط بل أولا وأساسا بالإنسان ذاته، الكثير من الماديين واللا دينين والملحدين تصادفه لحظات من التأمل يعود فيها لجانه الروحي، الإنسان كائن برغم ما يمتلك من قدرات جبارة يبقى كائن ضعيف بحاجة إلى جانب روحي يضيء له العتمة الداخلية، لا أجدر من الدين في سد هذا الجانب ولو بشكل جزئي، هنا يمكنني التأكيد أن الدين سيبقى موازيا لوجود الإنسان مع كل التطورات والتبدلات الجوهرية في الوجود على المستوى المعرفي وعلى المستوى العلمي. سؤال _ لو اتفقنا جدلا على أفتراض أننا في يوم من الأيام سنفيق على عالم خال من كل مظاهر وأثار الدين، والجميع يدرك عليه أن يتعامل بصغريات الأمور وكبرياتها بالمنطق العلمي دون اللجوء إلى التبريرات والتسويقات التي نؤمن بها حاليا، كمثال قولنا من صبر ظفر وأن الأمور بخواتيمها وأيضا لا يمكن بالإمكان أن يحصل أفضل مما كان، هل تتوقع سيعيش الإنسان في ذلك العالم المثالي طبعا حسب الأفتراض حنينا إلى الدين أو التدين؟ أنا _ نعم من الممكن بل من الأكيد سيضطر الإنسان وبحسب طبعه التكويني أن يحن للدين، الإنسان كائن حقيقي غير مبرمج على نمطية محددة من السلوكيات ولا يمكن برمجته كذلك، إنه بلا منازع الكائن الأكثر جدلا بين كل الكائنات وسيبقى يحن للدين للماضي للذكريات لكل ما يذكره بإنسانيته الطبيعية. سؤال _ أنت تجرد العلم من قوته الطبيعية في إعادة خلق الإنسان وبرمجة واقعه وفقا لمنطق العلم؟ أنا _ ليس هذا الأمر تجريد من قوة العلم، المشكلة أننا للآن ومه هذا الكم الهائل من النتاج العلمي لم نفهم العلم إلا أنه قوانين مجردة تنطبق على حال متكر بنفس المعطيات والمقدمات والمنهج دون أن تختلف النتائج، هذا ليس مفهوم العلم ولا جوهره المعرفي، العلم هو مقدار ما نكتشف من الحلقات المغيبة وهنا علينا أن نؤمن أن كل غائب أو مغيب أو خارج نظر وفحص العلم ليس بالضرورة أنه غير علمي أو مخالف للعلم، عندما تضع موضوع تحت قوانين العلم وتمحصه بالأفتراض والبرهان والنتيجة لا بد لك من قضيتين أما أعلان وأعتراف بعلمية الموضوع وتطابقه مع العلم ، أو أن الموضوع ووفقا لما متوفر من وسائل علمية لم يتم التح
|