يتكون قانون الكمارك العراقي ، النافذ حالياً رقم 23 لسنة 1984 من (271) مادة موزعة على (18) باب ، تناول الباب لخامس عشر منها موضوع (الجرائم الكمركية) بالمواد من (188) الى (288) .

وتتسم الجرائم الكمركية بخصوصية دفعت المشرع العراقي ، منذ بدء تأسيس الدولة العراقية ، الى ان يتناول قضايا الكمارك بقانون خاص ، ويتعامل مع الجرائم الكمركية تعاملاً يختلف عن الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات ….

وتظهر خصوصية الجرائم الكمركية بما يلي :-

اولاً // ان الهدف الرئيسي من ارتكاب الجرائم المركية هو الكسب المادي وتحقيق اقصى الارباح على حساب مصلحة الخزينة … لذلك يكون افضل عقاب على مرتكبي تلك الجرائم هو مصادرة بضائعهم المهربة ووسائط النقل المستخدمة بالتهريب ، اضافة الى غرامات تستوفى منهم … مع عقوبة الحبس عند الضرورة .

ثانياً // اغلب الجرائم الكمركية تكتشف في مراكز حدودية بعيدة عن مراكز المدن او في قطارات او موانئ او محطات للسكك من قبل مسافرين قادمين الى البلد او مغادرين منها ، يتوجب اعتبارات تشجيع السياحة وموجبات الضيافة ان تكون اجراءات العقاب القانوني فورية وبعيدة عن الروتين وتنصب على الغرامة او المصادرة للبضاعة المهربة دون المساس بحرية المسافر بدون ضرورة .

 ثالثاً // العصابات المتخصصة بالتهريب الكمركي غالباً ما يقودها اصحاب الاموال وتجار في السوق السوداء يختفون وراء عناصر مأجورة يعملون كسواق او حمالين او وكلاء او معقبين …. لذلك فان عقوبة المصادرة او الغرامة اكثر ايذاءً لرؤساء العصابات الاجرامية المتخصصة بالتهريب الكمركي ، واقرب للعدالة من فرض عقوبات سالبة للحرية على المأجورين المقبوض عليهم وهم متلبسين بالعمليات الاجرامية من المدفوعين بالحاجة المالية او الجهل بضوابط التشريعات الكمركية النافذة . (19)

وحدد قانون الكمارك النافذ انواع الجرائم الكمركية بانها :-

1- جرائم التهريب .

2- الجرائم المتعلقة ببيانات الوضع في الاستهلاك (تصاريح الادخال الكمركية) .

3- الجرائم المتعلقة ببيانات التصدير (تصاريح الاصدار الكمركي) .

4- الجرائم المتعلقة بالاوضاع المعلقة للرسوم .

5- الجرائم المتعلقة ببيان الحمولة (المانفيست) .

6- الجرائم المتعلقة بالتجول والحيازة .

7- جرائم اخرى مختلفة .

وحيث ان جرائم التهريب هي اخطر الجرائم الكمركية واوسعها انتشارا ، فانها تستحق التعريف بها ، وبالعقوبات المقررة عليها ، واختصاص المحاكم الكمركية بشأنها ….

فقد عرفت المادة (191) من قانون الكمارك ، التهريب بانه ادخال البضائع الى العراق او اخراجها منه على وجه مخالف لاحكام قانون الكمارك دون دفع الرسوم الكمركية او الرسوم او الضرائب الاخرى كلها او بعضها ، او خلافاً لاحكام المنع والتقييد الواردة في هذا القانون والقوانين النافذة الاخرى .

واعتبرت المادة (192) في حكم التهريب ما يأتي :-

– أ) عدم التوجه بالبضائع عند الادخال الى اقرب مكتب كمركـــــي .

اتباع طرق

– ب) عدم اتباع الطرق المحددة بموجب هذا القانون في ادخال البضائع او اخراجها .

– ج) تفريغ البضائع في السفن او تحميلها عليها بصورة غير مشروعة مخالفة لاحكام هذا القانون وفي غير الاماكن المعينة كموانئ لتفريغ البضائع او تحميلها .

– د) تفريغ البضائع من الطائرات او تحميلها عليها بصورة غير مشروعة خارج المطارات المعينة لهذا الغرض او القاء البضائع اثناء النقل الجوي خلافاً لاحكام قانون الكمارك .

– ه) عدم التصريح في مكتب الادخال والاخراج عن البضائع المستوردة او المصدرة دون بيان حمولة (مانيفست) ويشمل ذلك ما يصطحبه المسافرون .

– و) اكتشاف بضائع غير مصرح عنها في المكتب الكمركي موضوعة في مخابئ مهيئة خصيصاً لاخفائها في فجوات او فراغات لا تكون مخصصة عادة لاحتواء مثل هذه البضائع .

– ز) اجتياز البضائع المكاتب الكمركية دون التصريح عنها في حالتي الادخال او الاخراج .

– ح) ما يكتشف بعد مغادرة البضائع والمواد مكتب الادخال الكمركي من زيارة او نقص او تبديل في الطرود او القطع او في محتوياتها من البضائع والمواد المنقولة من مكتب كمركي الى مكتب كمركي اخر او المنقولة بالعبور (الترانسيت) .

– ط) عدم تقديم المستندات التي تحددها ادارة الكمارك لابراء التعهدات والكفالات المأخوذة من بيانات الاوضاع المعلقة للرسوم المنصوص عليها في الباب الثامن من القانون .

– ي) اخراج البضائع من المناطق او الاسواق الحرة او المخازن او المستودعات الكمركية دون معاملة كمركية .

– ك) درج معلومات غير حقيقية عن البضائع المصرح عنها في بيانات الادخال او الاخراج بقصد التهرب من الرسوم الكمركية او الرسوم او الضرائب الاخرى كلياً او جزئياً ، او بقصد استيراد او تصدير بضائع ممنوعة او مقيدة او محصور استيرادها او تصديرها او التلاعب بالقيمة بقصد تجاوز المقدار المحدد في اجازة الاستيراد او التصدير .

– ل) تقديم مستندات او قوائم مزورة او تحتوي على معلومات غير حقيقية او وضع علامات كاذبة بقصد التهرب من الرسوم الكمركية او الرسوم او الضرائب الاخرى كلياً او جزئياً او تجاوز احكام منع او تقييد او حصر البضائع او تصديرها .

– م) نقل او حيازة البضائع الخاضعة لاحكام النطاق الكمركي ضمن هذا النطاق دون مستند اصولي .

– ن) عدم اعادة استيراد البضائع الممنوع او المحصور تصديرها المصدرة بصورة مؤقتة لاية غاية كانت .

– س) ارتكاب اي فعل بقصد التهريب من دفع الرسوم الكمركية او الرسوم او الضرائب الاخــــرى كلياً او جزئياً او من احكام منع او تقييد او حصر الاستيراد او التصدير .

وعن العقوبات المقررة على جرائم التهريب الكمركي

لم يأخذ قانون الكمارك العراقي بعقوبة الاعدام او السجن على اية جريمة كمركية ، وانما اعتمد الحبس بحدود ضيقة وتوسع بالعقوبات المالية التي جعلها الاساس في مواجهة الجرائم الكمركية واوضحت المادة (194) من قانون الكمارك ، العقوبات المقررة على جرائم التهريب الكمركي ، وما في حكمه ، وعلى الشروع في اي منهما وهذه العقوبات هي :-

– أ) الحبس / لمدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على خمس سنوات.

– ب) الغرامة المالية

– ج) الحبس والغرامة المالية معاً

– د) الغرامة الكمركية / وتكون بمثابة تعويض مدني لادارة الكمارك ، وفق اي من النسب الاتية :-

اولاً // ستة امثال القيمة عن البضائع الممنوعة المعينة .

ثانياً // ثلاثة امثال القيمة والرسوم معاً عن البضائع الممنوعة او الموقوفة او  المحصورة .

ثالثاً // اربعة امثال الرسوم عن البضائع الخاضعة للرسوم اذا لم تكن ممنوعة او

 موقوفة او محصورة على ان لا تقل عن قيمتها .

رابعاً // 25 بالمئة  من قيمة البضائع غير الخاضعة للرسوم والتي لا تكون ممنوعة او  موقوفة او محصورة .

– ه) مصادرة البضائع

موضوع جريمة التهريب ، او الحكم بما يعادل قيمتها عند عدم حجزها ، ويجوز الحكم بمصادرة وسائط النقل والادوات والمواد التي استعملت في التهريب ، وذلك فيما عدا السفن والطائرات ما لم يكن تداعدت او استؤجرت لهذا الغرض ، او الحكم بما يعادل قيمتها عند حجزها .

جواز حكم

واقرت المادة (194) كمارك ايضاً جواز الحكم بضعف العقوبات المقررة عندما يكون المسؤولون عن التهريب من ذوي السوابق .

وعن المحاكم الكمركية واختصاصاتها

اقر قانون الكمارك مبدأ اعتماد القضاء المتخصص في مجال الفصل في المنازعات والدعاوي والجرائم الكمركية ، فنص في المادة (245) منه على ان تشكل المحاكم الكمركية ، ويحدد مكانها ، ودائرة اختصاصها بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزير المالية .

وتتألف المحكمة الكمركية من قاض متفرغ لا تقل درجته عن الصنف الثاني يسميه وزير العدل وعضوية موظفين اثنين من الكمارك حائزين على شهادة جامعية اولية في القانون لا تقل درجة اي منهما عن الدرجة الثالثة يسميها وزير المالية بناء على اقتراح المدير العام .

تطبق المحكمة الكمركية قانون المرافعات المدنية وقانون اصول المحاكمات الجزائية في كل ما يرد به نص في قانون الكمارك .

حددت المادة (246) اختصاص المحكمة الكمركية بانها :-

– أ- الفصل في الدعاوي المتعلقة بجرائم التهريب .

– ب- الفصل في الدعاوي التي تقيمها الدائرة الكمركية من اجل تحصيل الرسوم الكمركية والرسوم والتكاليف الاخرى .

– ج- النظر في الاعتراضات على قرارات التحصيل والتغريم ، ومنع قانون الكمارك بالمادة 247 منه المحاكم الاخرى ان تنظر في الدعاوي التي هي من اختصاص المحاكم الكمركية .

ومن الجدير بالذكر ان جرائم التهريب الكمركي المشمولة باحكام قانون الكمارك ، والتي تعد من اقدم الجرائم المالية واكثرها انتشاراً ، تختلــف عن جرائم تهريب اخطر لها احكام خاصة بقوانين اخرى اهمها :-

– جرائم تهريب الاسلحة

– جرائم تهريب المخدرات .

– جرائم تهريب الاثار .

– جرائم تهريب العملة .

– جرائم تهريب المواد القابلة للانفجار .

– جرائم تهريب الذهب .

وهذه الجرائم تعد جرائم جنائية لها اخطار واضرار جسيمة غالباً ما تصيب امن الدولة او صحة الشعب او تراثه او اقتصاده الوطني ولا تعد من الجرائم المالية . (1)

{{{

1) للمزيد من التفاصيل تراجع دراسة عبد الوهاب عبد الرزاق التحافي – الجرائم الاقتصادية والمالية تحديات تواجه التنمية المستدامة – وزارة الداخلية / مجلة الداخلية – بغداد العدد 7 / 2014 .