ماذا جنى الشيعة من (الحكومة الشيعية)؟
في الإذاعات والفضائيات والإجتماعات والندوات نسمع كلمات ومصطلحات متناقضة مع الواقع، وفي المواقع الالكترونية والصحف المختلفة نقرأ تعابير متخلفة تدل على أن كتابها لايدركون الشواهد الراهنة والمعاناة، لذلك يصدقون الأكاذيب واشتباكاتها ويكذبون الحقائق وصراعاتها والظروف وملابساتها. من بين تلك المصطلحات والتعابير التي سميناها بالمتناقضة والمتخلفة، عبارات صعبة ومعقدة تقول أن الشيعة يحكمون العراق وأن الدولة والسلطات تخضع للهيمنة والسيطرة الشيعية، والشيعة الذين إعتادوا على أن يدفعوا فاتورة شيعيتهم، يظلمون الآخرين.
بعد إسقاط صدام، وصل الكثير من سياسيي الشيعة الى مواقع المسؤولية، ومناصب حساسة، وبسبب سوء النيات وإنكفاء البعض على ذاتهم وانشغالهم بمشاكلهم الخاصة والجدل السياسي العقيم والمزاعم المثارة من قبل غالبية الأطراف، إحتل أحدهم، ويدعى ( نوري المالكي )، في وقت واحد عدة مواقع مهمة في الحكومة، وبات اللاعب الشيعي الأكثر حيلة وتحركاً على الساحة السياسية، والأبرع في خداع البسطاء من الناس وربطهم بدوامة الخضوع لإرادته بأسم الله والدين والمذهب، وأصبح الأكبر فشلاً في إقرار الأمن والسلام بما يكفل للمواطن حريته في النوم الهادىء في داره، وسيره في الشارع دون توجس، وفي عمله دون وجل، وإستولى على المال والسلاح، فحول مع المحيطين به طوال ثمان سنوات عجاف، محنة الشيعة الى مكاسب ذاتية وحزبية والى منح مالية ومادية لأقاربه وأتباعه ومؤيديه، وفي عهده تم إستغلال المناصب للفساد والافساد والنهب والاثراء غير المشروع، والترهيب والكذب والتبجح .
ولكن، عدا الذين  حصلوا على مكاسب أو مناصب على حساب الوطن ومصالحه، ماذا جنى الشيعة من حكم يسميه البعض ب ( حكم الشيعة )؟
في المناطق الشيعية الواسعة التي كانت محرومة من كل شىء، لم يتم تشييد البنى التحتية الارتكازية، كالطرق والجسور، ومحطات توليد الطاقة،  كما تم تعطيل المصانع التي كانت تعمل. وعلى مدى ثمان سنوات عجاف من حكم المالكي عاش الكثير من المواطنون الشرفاء في جنوب العراق الزاخر بالخيرات، على ضوء الفوانيس عاطلين عن العمل وهم يواجهون البرد والحر دون ساعة راحة مع شبح الجوع والعوز والحاجة والبؤس، ومحرومين من السكن الصالح الذي يليق بإنسانية الإنسان، ويشربون المياه المالحة وغير الصافية، محرومين من البيئة النظيفة الخالية من المستنقعات، والحفر، والمطبات، والبعوض والذباب، والإمراض، وما زال الكثير منهم يعيش في مساكن من الطين والبردي والقصب أو من الصفائح، وحتى الذين يعيشون في المدن والقرى المهملة غالبيتهم يعانون من الأتربة والغبار ومن مصاعب العيش في الازقة المملوءة بالعفونة والمياه الآسنة.
الاطفال والمعلمون والمدرسون لم يشاهدوا مدارس عصرية تتوفر فيها الإنارة والتدفئة والتكييف، والمناهج الجديدة أو طرق التدريس الحديثة.
المشافي والمستوصفات القليلة عانت من قلة الأطباء وشحة الأدوية اللازمة والكلاب والقطط السائبة والصراصير والفئران والأجهزة القديمة العاطلة، وكانت النظافة فيها رجساً من عمل الشيطان.
أما الفلاح فقد حرم من المكننة الزراعية والبذور المحسنة والاسمدة الكيمياوية، وعانى من الآفات وهدم الترع وإنسداد المبازل.
وأخيراً نقول: في غمرة الأحداث التي نشهدها، تستحضر الذاكرة العطاء الثر والتضحيات الكبيرة والمواقف الوطنية التي قدمها الشيعة عبر مسيرتهم الطويلة على طريق الحرية والعدالة ومقارعة الظلم، نرى السياسيين المعارضين للمالكي، أو الذين لايؤيدونه فإنهم لم يستطيعوا حتى الان ترتيب صفوفهم وتحالفاتهم وفقاً للدروس المستفادة والمعطيات التي أفرزتها المحاولات المالكية، ولم يستطيعوا تجاوز المؤامرات التي حيكت من قبل المالكيين، لذلك يصعب عليهم الإحتفاظ بزخم علاقاتهم مع الكورد، وتسوية خلافاتهم مع العرب السنة. ولكن المؤكد الذي لايقبل الشك هو أن قاعدة بوصلة الموقف الشيعي ستمضي نحو الإتجاه الصحيح، ولاتنسى الذين عاثوا في الارض فساداً، والحقوا الأذى بالحرث والنسل، وإن كانوا يدعون الشيعية ويرفعون شعارات (ما ننطيها) و(أنا ولي الدم) و(قتل سبعة مقابل سبعة) ويتحدثون عن استمرار الصراع بين أنصار الحسين وأتباع يزيد، وستجعل من طموحات المالكي المصاب بجنون العظمة، سحابة صيف لا تلبث ان تنقشع دون قطرة ماء.