العَجبُ العجاب |
كان ياما كان , كان في زمن هارون العباسي , مجموعة تسمى التنابلة , مجموعة كسرت الرقم القياسي ، بالكسل والاعتماد على الاخرين بإنجاز الأعمال ، الخاصة بهم ,حتى ذاع صيتهم ، فأرسل هارون في طلبهم , فرفضوا مما أدى أن يأمر بحملهم إليه ، ولما جلسوا عنده , قدم لهم الطعام , فلم يأكلوا , فإستغرب وتساءل عن عدم أكلهم , فأجابوا بأن مد اليد الى القصعة وحمل اللقمة تحتاج الى جهد ، فأمر بوضعهم في زورق مثقوب , وانزاله وسط النهر , ليغرقوا . التنابله ذكروني بمجموعة , عجيب أمرهم ,كانوا فيما مضى من الايام , متسلطين إلى حد لا يطاق , يتمشدقون بالغيرة العربية , والروح الوطنية , وكنا في نظرهم ، رعاة دواب, خير منا اليهود ,ولما دار الزمن ليعيد كُل لمكانه الطبيعي , تعالى الصياح والاتهامات , والبكاء على مدينة ابو جعفر , كأننا سنستبيحها , وكأننا لسنا الجزء الأكبر فيها ,وصبرنا لأمر كبارنا , على إعتبار أن الجميع أبناء وطن واحد ودين واحد ومصير واحد . تحملنا لذلك الأمر الكثير من الألم , ودارت دورة الزمان مرة أخرى ، لتجتاح الوطن موجة من المغول , لكن بسلاح حديث ،لتحرق الحرث والنسل ، يقتل الرجال وتسبى النساء , وتفرض افكار ومعتقدات متطرفة وحاقدة , البعض نزح من أراضيهم , لتستقبلهم بيوتنا وحسينياتنا ومواكبنا , نطعمهم ونجوع ، نغطيهم لنبرد , بل وأكثر من ذلك , فقد نطق الحق , بكلمات ، تجمع شبابنا ليكونوا حشدا غطى وجه الشمس , وليغسل بدمه الارض من عار ما لحق بها من اكتساح المغول الجدد . جماعة هارون , تكاسلوا ان يحملوا بندقية , وان يلتحفوا الارض , بل اثروا النعمة مطالبين بالمدد الغذائي , فكانت قوافل المساعدات تترا عليهم , تريدون تحرير الارض , هي دونكم إذهبوا وحرروها ,هكذا كان كلامهم , إنا هاهنا قاعدون , فجرت الدماء الزاكية , لتطهر الأرض وتغسل عارها , وردة تتبع وردة , تتلقى الموت بصدرها , لتفوز بالشهادة . الدم يجري ، ليغسل الأرض , النجاسة تنحصر وتتلاشى , والظلام يلفظ أنفاسه الأخيرة , منتظرا رصاصة الرحمة , لينتهي إلى الأبد , عندها اشرأبت اعناق جماعة هارون , كل يريد حصته , وإلا فالعصا جاهزة لتعيق حركة العجلة , ولكن هيهات , فلابد للعراق أن يمضي الى الأمام , بعقول رجاله , ودماء شبابه , لأنه أمل الدنيا |