تناهى إلى سمعي مزحة، يتناولها الناس ، تطرب لها الأذن، ويضحك واحدنا من القلب عليها ، عن اولئك الذين لم يذقوا عشرا مما عانه ويعانيه شعبنا لسنوات طوال . يحكى أن جاء أحدهم ليتبوّأ موقعا مهما في البلد . وصادف في أحدى جولاته المهمة ، أن يزور أهوار جنوبنا الجميلة والغنية . أركبه رجل صاحب قارب "مشحوف" معه ، لينقله إلى الجانب الآخر من الهور . سأله الرجل صاحب "المشحوف" : أستاذ ، جنطتك هاي ، خو ما بيها شي مهم ، ترى هاي دنيا كلشي ايصير بيها ، اخاف قدر يصير ونغرك ، خو ما كو بيها فلوس ؟ الأستاذ : لا، فيها شهاداتي ودراساتي وسيرتي الذاتية . الرجل : استاذ المعنى شنو ؟ الأستاذ : يعني الجنطة تعرفني اني منو . ومضى "المشحوف" بهما ، والرجل يدفع بالمجذاف . اراد الاستاذ ايجاد لغة أو حديث مع الرجل ، فسأله : أنت تعرف ابستمولوجي ؟ الرجل بأستغراب : لا أستاذ . شنو دوا هاذ ؟ ضحك الأستاذ ، ومرة أخرى سأله : تعرف ايكولوجي ؟ الرجل : لا أستاذ . وبين الفترة وألاخرى يسأله مصطلحات تنتهي بلوجي : أنت تعرف انثروبايولوجي ؟ أنت تعرف سسيولوجي ؟ كوزمولوجي؟ طبولوجي؟ تحامل الرجل ، كمن يكظم غيضه : لا اوداعتك استاذ ، احنا اهنا ، كظيناها ضيم وظلم . وبدأ صاحب "المشحوف" يسأل : أستاذ ، أنت هم شفت حرب ؟ وحدة أثنين ؟ الأستاذ : لا، كنت ادرس واحاضر في بلدان أخر. الرجل : شفت حصار ، تعرف الجبل ؟ الأستاذ : شنو ما شايف جبل ؟! الرجل : لا استاذ عفوا ، قصدي عشت بالجبل ، والحكومة ملاحجتك ؟ اختفيت من الامن والشرطة لو انسجنت من كثرة الظلم ؟ اكلت أيام الحصار؛ خبزمثل الاحجار ويه بصل ، لو ويه تمر يابس ، يزوهر الواحد منه ؟ كاعد بفصل حتى تعرف هاي الناس ؟ الأستاذ : لا. وأثناء السير اصطدم المشحوف بشيء صلب ، أحدث ثقبا به ، وبدأ الماء يتسرب إلى داخل القارب القديم ،الذي كان متروكا دون صيانة، طيلة فترة التجفيف سيئة الصيت . أنشغل صاحب "المشحوف" في ايجاد وسيلة لمنع زيادة المياه داخل القارب . في حين بدأ الاستاذ حائرا متذمرا : والحل ؟ أجاب الرجل : أستاذ ، اهنا لاسيرتك ، ولا جنطتك تفيدنا . سيرتك ما تشبه سيرتنا. الأستاذ : والنتيجة ؟ الرجل : أستاذ ، أنت تعرف تسبحلوجي ؟!
|