"حلب ... من هنا تبدأ حكاية التفاهمات الروسية – الأمريكية !؟" |
في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مستهل لقائه مع نظيره الأمريكي، جون كيري، في هامبورغ الألمانية، أنه يدعم مبادرة واشنطن بشأن حلب التي تقدمت بها في 2 ديسمبر/كانون الأول الحالي، زادت الاحاديث والتأويلات والتكهنات خلال الايام والساعات الماضية عن مصير التفاهمات الروسية – الأمريكية على وقع مايجري بحلب الشرقية، وهنا يقرأ البعض أن التفاهمات الروسية – الأمريكية الحالية لاتتعلق فقط بما يجري باحياء مدينة حلب الشرقية بل تدور حول رسم معالم نهاية الحرب على سوريا ، التي يعتقد البعض انها قد نضجت إلى حد ما ،وتنتظر موافقة القوى الدولية والاقليمية عليها لخروجها إلى العلن ، ليصار إلى تطبيق مضامينها على أرض الواقع ،لتكسب المصداقية والواقعية .
وتتزامن هذه الاخبار وتلك الاحاديث مع اقرار معظم اللاعبيين الدوليين بحقيقة بقاء الرئيس الاسد كضامن لمستقبل سورية ،مع العلم أن “الاسد هو الرئيس الشرعي لسورية لغاية انتهاء ولايته بعام 2021″ فالشعب هو من منحه الشرعية في 3 حزيران 2014،والشعب هو الوحيد الذي بمقدوره ان يسحب هذه الشرعية “،وبخصوص التفاهمات الروسية – الأمريكية بشقها السياسي فبرز واضحآ أنها تسعى لتشكيل حكومة تمثل أطياف واسعة من القوى الوطنية السورية،والاستعداد لاجراء بعض الاصلاحات الدستورية والسياسية بالداخل السوري، مع علم الامريكان بأن مؤسسات الدولة والجيش العربي السوري خط احمر لا يقبل المساس بهيكليتها وبعقيدة الجيش الوطنية والقومية الجامعة بمسار أي أتفاق مستقبلي،مع سعي روسي لتشكيل حلف أممي واقليمي يكون مركزه سورية والجيش العربي السوري لمكافحة ظاهرة تمدد الارهاب بالمنطقة العربية ومحاربة تمددها إلى مناطق مختلفة بالعالم” .
ومن هنا يمكن قراءة بعض المضامين الرئيسية للتفاهم الروسي – الأمريكي ، وأولى هذه المضامين أن الرئيس الاسد شرعيته تستمد من شرعية صناديق 3-حزيران 2014 ، ولن تسحبها أو تبقيها الا شرعية صناديق 3-حزيران 2021. وثاني هذه المضامين تهيئة الأرضية المناسبة محليآ وأقليميآ ودوليآ لأنجاز أستحقاق تشكيل حكومة سورية جديدة تمثل معظم القوى الوطنية السورية وهذه الحكومة بدورها مطلوب منها تهيئة الأرضية المناسبة لانجاز استحقاق سياسي خاص بالدستور السوري أما تعديلآ أو طرح دستور جديد للاستفتاء عليه من قبل الشعب العربي السوري .
وثالث هذه المضامين والتي يصر عليها السوريين ويدعمهم بها الروس هو عدم السماح بالمس بهيكلية المؤسسات الوطنية السياسية والسيادية ضمن مسار أي اتفاق شامل بخصوص وضع حلول لأنهاء الحرب على سورية ،وبالشق الأخر هناك بعض التفاصيل التي مازالت بحاجة إلى توضيح أكثر حول مضامين الحلف الأممي التي تسعى روسيا لتشكيله لمحاربة ظاهرة تمدد الارهاب والذي ستبحث تفاصيله روسيا مع الادارة الامريكية القادمة "ادارة ترامب "،وهنا يجدر التنويه ان التفاهمات الروسية – الأمريكية مازالت حبيسة الادراج والمناقشات والمشاورات والتي لم يظهر للعلن بعد أنه تم التوافق عليها من جميع الاطراف والقوى المعنية بهذه التفاهمات .
وتزامنآ مع كل هذه الاحاديث ،هنا لا يمكن انكار حقيقة ان الميدان العسكري السوري قد شهد مؤخرآ هزائم عدة للميليشيات المسلحة ،من حلب شمال سورية إلى محيط دمشق جنوب سورية ،وبالفترة الأخيرة لاحظ جميع المتابعين كيف قلبت المعادلة بشكل كامل بما يخص مجمل المعادلة الميدانية على الساحة السورية لصالح الجيش العربي السوري.
هذه الخسائر التي منيت بها المجاميع المسلحة تزامنت مع الوقت الذي يستكمل فيه الجيش العربي السوري وقوى المقاومة خطط حسم المرحلة الأخيرة من تطهير احياء حلب الشرقية من البؤر المسلحة المتواجدة في هذه الاحياء، وعلى الجانب الآخر من عمليات الجيش المستقبلية بالشراكة مع حلفاء سورية يجري وبكلّ هدوء ومن دون أي ضجيج إعلامي التحضير لمعارك تحرير جسر الشغور في ريف إدلب الغربي وخان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، ومناطق أخرى في محافظة إدلب، التي ما زال الجيش العربي السوري يحافظ على تواجد وإنْ كان محدوداً في داخلها، وخصوصاً في ريف إدلب الشمالي.
بالمحصلة يمكن القول ان قراءة المشهد الميداني ،ينبئ مستقبلآ بقلب كامل لكامل المعادلة العسكرية والميدانية على الارض السورية لصالح الجيش العربي السوري ،وبعيدآ عن التفاهمات الروسية - الأمريكية ،يمكن القول ان سورية اليوم وبالشراكة مع بعض حلفائها تنتظر أعلان ساعة الصفر ،لانطلاق مشروع سورية الاكبر لتحرير سورية كل سورية من جميع مظاهر التمرد المسلح ،وأيقاف عجلة الفوضى التي بدأت تتمدد داخل الدولة السورية ،ومع علمنا ان هذه المعركة طويلة وتحتاج لتضحيات كبيرة نوعآ ما ،ولكن لابد منها ،هكذا يجمع معظم السوريون ،فهي الخلاص لتحرير وطنهم ،والانتصار على هذه الحرب التي تستهدف سورية كل سورية .
ختاماً، إنّ صمود سورية اليوم عسكرياً، ودعم حلفائها لها عسكريآ و اقتصادياً ، وتوسّع الجيش العربي السوري بعملياته لتحرير الأرض مدعوماً ومسنوداً من قاعدة شعبية تمثل أكثرية الشعب السوري، هذه العوامل بمجموعها ستكون هي الضربة الأولى لإسقاط أهداف ورهانات الشركاء في الهجمة الأخيرة على سورية، وبحسب كلّ المؤشرات والمعطيات التي أمامنا وبعيدآ عن مضامين التفاهمات الروسية- الأمريكية، ليس أمام الأميركيين وحلفائهم اليوم، ومهما طالت معركتهم وحربهم على سورية، إلا الإقرار بحقيقة الأمر الواقع، وهي فشل وهزيمة حربهم على سورية.
|