فوبيا السلطة وصناعتها

 

 

   ثمةَ مَنْ يخاف المرتفعات، يهابها ويصيبهُ الذُعر منها، فيُلازمهُ هذا الخوف، حتى بعد أن يكبر، فيجد نفسهُ ما زال يشعر بالرعب والرهبةِ، من الوقوف على حافة هاوية، ومجرد النظر إلى الأسفل يجعله يشعر بالدوار، إنهُ المرض النفسي(الفوبيا).

   نكتشف في عراق اليوم، إن الشعوب لسيت الوحيدة التي تعاني هذا المرض، تجاه المستقبل، أو ما يخص ما حصلت عليه أو تطمح الوصول إليه، فالكثيرين ممن تسلقوا على أكتاف الشعب، فوصلوا إلى مناصب عُليا، يهابون النظر إلى الأسفل(على ما يعتقدونه) وهو المستقبل الآتي لا محالة، يعانون فوبيا من نوع آخر، هي الخوف من السقوط من مرتفعات المناصب، لأنهم لا شئ بغير هذه المناصب، فقد صنعتهم ولم يصنعوها، فجعلتهم يتحكمون بمصائر الشعب ويسرقون قوته!

   السلطة تشبه الظل، الذي هو وجودٌ إقترن بوجودٍ آخر، لا حقيقة مستقلةٍ له، فبسقوط الضوء على الاشخاص والشواخص، تظهر الظلال، فقد نرى شخصاً تافهاً وظله كبير، أو نرى شخصاً كبيراً وظله حقير، فإنَّ هذا كُلهُ بسبب الضوء الساقط عليهما...

   المؤسسات الإعلامية باتت اليوم هي من يصنع الظل، لشخصياتٍ وشواخص كثيرة؛ في مقالنا هذا سنسلط الضوء على صناعة الظلال لرجال السلطة، وللسلطةِ نفسها، تلك الظلال الوهمية التي أصبحت فوبيا الشعب والمسؤول معاً، فجعلت الدولة تترنح لا قرار لها ولا إستقرار...

   صُناع الرأي وصُناع القرار، كلاهما يعتمدان على ما يقدمه الإعلام من معلومات(وكما هو معروف فإن الوسائل الإعلامية، ليست جهات إحصائية، ولا دقيقة في نقل المعلومة، بصورتها السليمة)، لأن الحكومة تفتقر لمراكز دراسات وأبحاث متخصصة، تمتلك الأدوات الصحيحة للتحليل، وفق معلومات إحصائية واقعية ودقيقة، فأصبح الإعلام الرائد الأول في صناعة الرأي، وبهذا يكون المؤثر الأقوى في صناعة القرار...

   تقف وراء المؤسسات الإعلامية، شخصيات لها مآرب شخصية ومؤسساتية، إستطاعت أن تصيب الشعب بمرض الإحباط والخوف من تغيير السلطة أو مواجهتها، وكأن التغيير دائماً يسير نحو السلب، كذلك أصابت سهامها المسؤول، فغدا يخاف من السلطة ويتهيب منها، حتى إذا وصلها أحاط نفسهُ بكومةِ مستشارين، لا نفع فيهم سوى إستنزاف المال العام، ولا يهمهم نجاح المسؤول أو فشله...

بقي شئ...

يجب أن يثق الشعب بنفسهِ، ويعلم أن السلطة وجدت لخدمته، وكذلك ليثق المسؤول بقدارته، وليؤدي ما أؤتمن عليه وإلا فليتنحى، فلا سلطة للجبناء والمرضى الخانعين.