طوفان نوح .... بين مبالغات الأسطورة و حقيقة الحادثة الجزء الرابع

 

حديقة الحيوانات في سفينة نوح

مما تقدم في حديثنا تبين لنا 
١. ان طوفان نوح هو طوفان محلي شمل الأقوام محل الدعوة ( دعوة نوح ع ) و هذا هو المنسجم مع قاعدة اللطف الالهي من ان لا عقوبة بغير بيان و إنذار

٢. ان هناك أقواما اخرين معاصرين لنوح ع لم يشملهم الطوفان .
تبقى مسألة صغيرة 
هل احتمل نوح معه كل المخلوقات كما تصوره التوراة بطريقة كوميدية مضحكة 
نأتي للقران لنرى ما قال

فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ۙ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ....

هنا ننتبه الى كلمة كل النكرة المنونة 
هذه الكلمة لا تفيد الاستغراق و الشمول العام لنوع ما الا اذا أضيف لها المراد شموله

كأن نقول كل شئ فنقصد جميع الأشياء

او نقول كل ذكر فنقصد جميع الذكور بلا استثناء

اما كل النكرة المنونة كما في اية الطوفان فهي استغراق و شمول لمعلوم سابق في ذهن المخاطب و هو نوح في هذه الحالة

مثال في هذه الاية

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)

انظر الى لفظة كلا ً في الاية الاولى و الثالثة و لفظة كلٍّ في الاية الثانية 
في الاولى نكرة لها مقصود محدد معلوم و هو ابراهيم و إسحاق و يعقوب 
و في الثانية لها مقصود معلوم هم زكريا و يحيى و عيسى و الياس 
و في الثالثة شملت جميع المذكورين مسبقا في الآيات

إذاً كل النكرة تفيد الاستغراق و الشمول لمعلوم في ذهن المخاطب و هو في حالة اية الطوفان نوح كما قلنا و بالتالي فليس مقصودها كل الكائنات الحية و انما معلوم محدد لا يعلمه الا الله و نوح ... لان القران لم يكشفه لنا 
و عليه لا سبيل لافتراض ان جميع الكائنات صعدت السفينة مع نوح و انما في الحقيقة لا يبعد انه أخذ معه الحيوانات الخاصة بحياة الانسان في ذلك الزمان و المتواجدة في محيطه من انعام منتجة فقط و ليس كما تدعي التوراة .

و لذا فان نوح لم يحمل معه حديقة حيوانات عائمة و انما مجموعة محددة من الانعام و الحيوانات فقط

هذا ما دلتنا عليه اللغة العربية الجميلة