الإنزلاقات العربية والإقليمية على سطوح مدهونة بالنفظ!!

الواقع العربي , ومنذ إكتشاف النفط في أرضه , يتميز بإنزلاقات متلاحقة ومتراكمة على سطوح مصقولة ومطلية بالنفط , وما نجت دولة عربية واحدة من مصير الإنزلاق.
وكان العراق أول الدول المنزلقة , فتورط في مَزلقة ما بعدها من مَزلقة , ولا يزال متوحلا فيها , وكانت أعظم الإنزلاقات التي حصلت هي المزلقة العراقية الإيرانية , التي مضت الدولتان فيها حتى اليوم , بعد أن تم إستثمارها وتطويرها وتوليدها منزلقات لاتنتهي.
وما الإنقلابات والحروب والصراعات والأحزاب إلا مطبات إنزلاقية , تهاوت فيها الدول العربية بمجتمعاتها كافة , وهذا يفسر عدم نجاحها في إقامة أنظمة دستورية معاصرة ذات قيمة حضارية , وإنما عبّرت عن إرادة ورؤية المنزلقات التي وقعت فيها , وما خرجت منها إلا كركام وحطام.
فأحزاب العرب وخصوصا الدينية منزلقات دامية وجحيمات حامية.
وأبشع وأشرس المنزلقات هما الطائفية والفئوية التي سقط فيهما العرب أجمعين , وصاروا قوة سلبية مروعة للإنقضاض على وجودهم وتبديد طاقاتهم وقدراتهم , وتورطهم بأمور إنقراضية إمحاقية إنتحارية , ينجزونها بأنفسهم.
فمَزلقة الطائفية ورطة عربية فنائية بلا منازع , وقوة إجهاضية لجميع ما فيهم من إرادات وتطلعات وآمال وطموحات , ذلك أنهم متوحلون وغاطسون في آبار الغابرات ومدثرون بتراب الأجداث , ويتكلمون بلسان الأموات , فلا هم أحياء ولا هم أموات , وإنما يؤدون دور الدمى المحكومة المصير , والمسخرة لتأدية أدوارها التدميرية وهي تتراقص أمام الناظرين.
والعجب في العرب أنهم لا يتعظون من منزلقاتهم السابقة , وإنما يعتبرونها ثورات وإنتصارات وتسلقات وتحديات , وما أنجزوا فيها غير الخراب الشامل الذي يشير إليه الواقع الماثل , ويترجمه السلوك البائس الخامل.
ويذهب العجب عندما نعلم بأن المنزلقات العربية تتواكب بسرعة وإنقضاض غاشم , لا يسمح بصحوة عقلية ورؤية واضحة , وإنما يتمزلق العرب وفقا لمشيئة صناع المنزلقات , وتناسبا مع وفرة النفط الذي يندهنون به فلا يعرفون الثبات في مكان , أو الإنطلاق إلى أمام , وإنما وقفتهم متأرجحة ومصيرهم مضطرب ومجهول , بفعل فقدان التوازن الذي توفره هذه المنزلقات.
وآخر المنزلقات العربية ما يحصل في اليمن التي إنزلقت فيها إيران والسعودية , ولا يُعرف نهاية لها ولا نتيجة إلا الخسران الفادح , ويبدو أن مسلسل المنزلقات يتمدد إلى باقي الدول العربية , والمُستهدف الأكبر بعد إنزلاق السعودية هو مصر , التي يتم إعداد ما لا يحصى من المنزلقات لها , علها تنزلق بواحدة منها , وقد كادت أن تنزلق لولا يقظة وأهْبة أبنائها , لكن مسلسل المنزلقات في أعتى صوره , ودوام تعجيله وإنقضاضه , ويُخشى أن تتورط مصر في منزلق.
ولا ننسى منزلق سوريا الذي وقعت فيه عدد من الدول الإقليمية والعربية , وتورطت بمتواليات الصراع الدامي والتدمير الخلاق الجاري على قدم وساق.
تلك حكاية واقع عربي إقليمي مأزوم بالمنزلقات ومحكوم بها , ولا يمكنه الخروج من مآزقه إلا برؤية جامعة تسعى لتأمين المصالح المشتركة , وتهدف للإتحاد والتعاون والتكامل على كافة الصعد والمستويات , وإن لم تستيقظ الدول العربية والإقليمية , فأنها ستهلك في المنزلقات وستستنزف قدراتها , وتقع في شراك الصيادين وأحابيل المفترسين.
فهل سيتم الإبتعاد عن المنزلقات المدهونة بالنفط؟!!
أمْ إنها محنة نفطية إنزلاقية متوثبة الإمتهان والإفتراس!!!