النفط جوهر الويلات !!

 

قبل أكثر من عشرة سنوات كتبت عددا من المقالات عن النفط إبتدأت بمقالة "الإدمان على النفط" التي نُشرت في عدد من الصحف العربية , وإنتهت بمقالة "النفط عدونا" , ولم تكن من وحي الخيال أو من باب الرأي , وإنما تستند على دلائل ودراسات وبحوث ووقائع وتطورات وتفاعلات قائمة في الواقع العراقي والعربي , تؤكد أن النفط هو الهدف الكامن وراء الأحداث والتداعيات!!

وقد تيقنت من الموضوع بعد أن قرأت كتاب " حروب أمريكا النفطية"* الصادر عام (2004) لمؤلفه (ستيفن بلليتايري) والذي كان رئيس محللي السي آي أي في العراق (1980-1988) , وهو أستاذ جامعي , وألقى محاضرة حوارية عن كتابه في (30\3\2005) بإحدى الجامعات, وهو يشرح بدقة ودلائل دامغة قاطعة أن ما جرى في العراق منذ إكتشاف النفط فيه وحتى يومنا هذا , يستند على آليات أخذ النفط وإلهاء الناس بما يبعدهم عنه وينسيهم إياه.

وكان طرحه في الكتاب أن ما جرى في العراق كان يهدف لأخذ النفط وحسب , وكل قول غيره إنما للتمويه والإلهاء وإبعاد الأنظار عن الهدف والغاية التي تبرر جميع الوسائل والتداعيات , ما دام الهدف مُصان ومُستحوَذ عليه بالكامل.

وما صرح به الرئيس القادم لم يكن جديدا ولا غريبا , وإنما الرجل يقول الصدق وبوضوح ومباشرة , ولا يراوغ أو يماطل , فالهدف واضح لا يقبل الشك , والوقت قد أزف لوضع اليد مباشرة وإعلان الملكية الصرفة للنفط , ما دامت الكراسي سعيدة والشعب منشغل بالغابرات وبالسلوكيات المبرمجة وفقا لتوصيفات وتبريرات وصياغات تقاتلية لن تنتهي أبدا , بل ستتوالد وتتضاعف وتتعقد لتوفير الأجواء المناسبة لأخذ النفط.

فما الذي إستفاده الناس من النفط؟!

بإستثناء بعض الدول التي إمتلكت قيادات رشيدة ووطنية وإنسانية , فأن النفط تحول إلى أعتى أعداء العراقيين والعرب , وما يدور في أرض العراق بسبب النفط وعائداته , التي يُشترى بها ما يخرب البلاد ويقتل العباد ويشردهم .

وما هي الإنجازات الحضارية التي أسهم فيها النفط؟

مدارس , جامعات , مستشفيات , مكتبات , مشاريع عمرانية , مواصلات , منشآت ترفيهية , صناعات , زراعة , كلها بعيدة المنال , والإنسان يعاني من الإنصفاد بالحاجات والأنين والحرمان من الكهرباء , وفقدان الأمان ومن الفساد والذل والهوان .

ويتصور الناس بأن النفط ملكهم , وأنه من حقهم , وما تنعموا بقرش واحد من عائداته التي تذهب إلى أرصدة الكراسي الممتهنة للشعب والوطن الذي تم مصادرته وبيعه للآخرين , حتى أصبح القول بالوطن أو بالوطنية عارا وسبة وشتيمة.

وتلك وقائع يتم تغافلها وتجاهلها والتوهم بغيرها , وعندما يصدعنا أحدهم بالواقع المرير نرفع رايات التناكر والنكران ونحسب القول عدوان , ونحن الذين نتلهى بما يساهم في سرقة ثرواتنا ومحق وجودنا الوطني والإنساني والحضاري , وما أشدّنا تحفزا للتلهي بالسخافات والتفاهات , والمفترسون من حولنا يتضاحكون ويَسعدون بغباوتنا الفرهاء!!

رحم الله عمتي التي كنت ومنذ طفولتي أسمعها تردد " النفط النفط سيحرق البلاد والعباد " , وقد إحترقنا بنفطنا يا عمتي , فهل من برد وسلام؟!!