الشوكولاته في مفردات الحصة التموينية قريبا في العراق |
في سنة 2004 قررت السفر الى الاردن لاجل فتح علاقات تجارية مع المصانع الغذائية الاردنية وسرعان ما توقفت امام مصانع البسكويت و الشكوكولاته والعلكه لان السوق العراقية في ذلك الوقت تلتهم ما يطرح بها بسهوله بسبب الانتقال الكمي والنوعي للاقتصاد العراقي وعلى أيّ حال فقد اتصلت باحدى المصانع الاردنية الكبيرة والعريقة على اساس جلب واستيراد مادة العلكة والشوكولاته الى بغداد وكان لقائي مع مالك ومدير المصنع في غاية اللطف والتقدير فقد رافقني بنفسه تاركا مكتبه واعماله الكثيرة , وكانت تبدو عليه علامات السرور والفرح البالغ حتى ادخل في نفسي الاستغراب والحذر بسبب الاهتمام الزائد والمبالغ به واذكر عندما كنت اطلب نموذجا من نماذج الانتاج يقوم باعطائي صناديق كبيرة تحتوي على عشرات النماذج من الواح الشوكولاته وانا اقول له ياستاذ ... الله يخليك .. اين اذهب بهذا الكم الهائل من الواح الشوكولاته .. فيقول خذها لك خذها لك .. بعدها استاذنني بتناول الغداء معه في بيته الخاص وأمر سائقه بأحظار السيارة لتقلنا الى داره الواقعة على اطراف العاصمة عمان . كانت دهشتي كبيرة واستغرابي شديد لان الرجل لا يفتئ بالترحيب بي وبقدومي الى الاردن وتحديدا الى مصنعه , وعند ركوبنا سيارته المارسدس الفضية قال لي كلمتين اثنتين ( انت انا ) جعلتني لا افهم ما سيحصل وقد ازدادت شكوكي وتسائلاتي كثيرا .. لماذا هذا الاهتمام المبالغ الذي فاق الحدود ولماذا قام بترك مصنعه واعماله الكثيرة وهاتفه الذي لا ينقطع عن الرنين , كان الوقت هو الساعة الثالثه ظهرا وقد اثر بي الجوع لشدة التجوال ومشاهدته خطوط الانتاج في المصنع المذكور وعند وصولنا الى داره الفخم قام العاملون والمستخدمون بفتح بوابة القصر حيث اعد لنا الطباخون على الغداء وليمه لا تصدق ولا يمكن للعقل البشري استيعابها لكثرة ما احتوت من اصناف واطياب الطعام . كانت حرارة اللقاء تفوق الوصف وبعد تناولنا للغداء قمنا بارتشاف الشاي في حديقة قصره المنيف وقال لي ساروي لك ما حدث لي في بلدكم العراق بلد المعجزات .. ففي سنه 1997 كنت اسافر للعراق باستمرار من اجل شراء العسل الطبيعي بكميات كبيرة وشحنها الى المانيا وكنت اعاني من مشكلة طبيّه سببت لي الكثير من الالم والمعانات فقد كنت اعاني من الام مبرحة في ساقي اليمنى وتحديدا عند الركبة وقد ذهبت للكثير من الاطباء الاخصائيين الاردنين وغير الاردنيين ولكن من غير جدوى حتى ادمنت على تناول المسكنات والمخدرات يوميا حتى اتجنب شدة الالم والتهاب المفاصل المزمن وكانت حالتي الصحية تزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب شدة الالام المبرحة التي لا تقبل ان ترحل عني وكنت قد اجريت عمليتين جراحيتين الاولى في المانيا والثانية في لندن لازالة ماء الركبة ولكن زادت الامور تعقيدا وخطوره , وكان السفر الى العراق بواسطة السيارات ايام الحصار الظالم على بلدكم وكنت اشتري واشحن يوميا الكثير من مادة العسل الى المانيا بسبب جودته وطعمه المميز وتهافت الشركات الالمانية على هذا العسل الذي لا مثيل له وكنت اتنقّل بين المناحل والبساتين العراقية لجمع العسل الاصلي ليلا ونهارا الذي كانت اسعارة متدنية للغاية مقارنة مع بقية الدول , وذات يوم كنت في منطقة ابو غريب الواقعة غرب بغداد المعروفه ببساتينها الوارفة ومناحلها العملاقة وبانتاجها الوفير وقد شاهدني احد المزارعين وانا اتناول كمية كبيرة من اقراص الدواء التي كانت لا تفارق جيبي وحقيبتي فسالني عما أشكو فقلت له ساقي اليمنى وركبتي بالتحديد فاشار عليه ان اذهب الى احد المعالجين الشعبيين في المنطقة المذكورة وقد حدثني عن الخبرة العظيمة والكبيرة التي بحوزت هذا المعالج الشعبي فقلت له يا اخي ان كبار الاطباء الاردنين وغير الاردنين قد عجزوا في تخفيف معاناتي فكيف لمعالجكم الشعبي ان يشفيني من مرضي هذا , فقال لي ان ابناء قريتنا تعتمد عليه في الصغيرة والكبيرة وان الكثير من سكان بغداد يلجئون اليه في ادق الامور تعقيدا فانت لا تخسر شيئا اذا ما قام المعالج باجراء الكشف على ساقك المصابه فقلت له لا باس دعنا نذهب وانا في داخلي ان لا امل في شفائي على الاطلاق , كان الوقت ما زال مبكرا وقد ذهبنا الى دار المعالج الشعبي الذي اكرمنا اشد الكرم عندما عرف انني من الاردن الشقيق وبعد ان تكلمت له عن معاناتي قام بفحص ركبتي التي تورمت وانتفخت بسبب الالتهابات المزمنه فذهب الى معشبه الخاص وقام باحظار خلطة من الاعشاب البرية على شكل عجينه وقام بوظع هذه العجينة على ركبتي من كل الجوانب وبشكل سميك ثم دعا احد مساعديه بحفر حفرة عميقة في الارض ووضع مادة النفط الابيض ودعاني بالنزول اليها وقال الى مساعده بضرورة غمر سيقاني تماما بالتراب وعدم دخول الهواء مطلقا وتركني وذهب وبعد مرور نصف ساعة قمت اشعر بحرارة شديدة واشياء تتحرك في ساقي تريد ان تنفجر و بقيت على هذا الحال اربعة ساعات واكثر حتى كادت روحي تخرج من جسدي وتمنيت الموت من شدة الحرارة التي كانت تخرج من ساقي وقد نفذ صبري وجسدي يغلي وراسي يتصبب عرقا وانا في هذه الحال حتى جائني المعالج وقال لي اخرج من الحفرة فان علاجك قد تم باذن الله فجمعت قواي المنهارة ودفعت جسدي بقوة وخرجت ابكي من شدة الالم الذي لحق بي وقمت بارتداء سروالي وجلست على الارض منهكا للغاية وقد حملوني الى الداخل حيث استلقيت ونمت على الارض ساعات طويلة وعندما اسيقضت قمت بتحريك ساقي وثنيها وانا لااصدق هل هذا انا وهل هذه ساقي التي كنت لا اقوى على ثنيها ابدا , كانت فرحتي لا توصف وشعوري لا يصدق فقد مشيت طبيعيا وقمت بالوضوء وصلّيت لله تعالى ساجدا صلاة الشكر . كان المعالج الشعبي يعالج الناس مجانا ولوجه الله تعالى لشدة ما كان يعاني بلدكم من الفاقه ايام الحصار الظالم فلم يقبل مني اي مبلغ مالي مهما كان صغيرا وانا بدوري لا اعرف كيف اشكرك واشكر كل العراقيين الذين فتحوا لي مناحلهم وبيوتهم وقلوبهم ولا اعرف كيف اجازي كل من كان سببا في شفائي , فعرفت ان سر الاهتمام الشديد الذي واجهني به هذا الرجل هي كلمة قد خرجت مني عندما قلت له انا مهندس قد تخرجت من كلية الزراعة (ابو غريب ). وعند رجوعنا الى المعمل ارسل لي الرجل الكثير والكثير من صناديق الشوكولاته وهو يقول أسكت ولا تتكلم فقلت له سوف اقوم بتوزيع مادة الشوكولاته في الحصه التموينية للمواطنين في العراق فضكحنا سويا و دعوتُ له بالتوفيق .
|