تحية لكاتدرائية الأقباط في العباسية!!

 

يُحكى (والعُهدة على الراوي),  أن الرئيس جمال عبد الناصر طلب من  أطفاله أن يأتوا إليه بما جمعوه من قروش , وعندما سألوه عن السبب قال: " كي تتبرعوا مع أبناء شعبكم لبناء كاتدرائية الأقباط في العباسية"

 

تقع الكاتدرائية في حي العباسية , وبنيت في ستينيات القرن العشرين , وتبرع الرئيس جمال عبد الناصر بمال لبنائها , وحضر إفتتاحها معه إمبراطور أثيوبيا هيلاسيلاسي.

 

بدأ إنشاؤها في 24\6\1965 , وإنتهى بناؤها يوم الأربعاء 25\6\1968 , وهي بناء عمراني جميل ورمز حضاري وتعبّدي رائع التواصل مع مسيرة الشعب المصري , على مدى العصور المشرقة بالمحبة والأخوة الوطنية والإنسانية.

 

وفي يوم الأحد 11\12\2016 حصل فيها تفجير أودى بحياة 25 إنسان , معظمهم من النساء وأصاب خمسين آخرين.

 

ما أن توارد الخبر حتى برز السيناريو العراقي الذي يُراد تطبيقه في مصر , ففي العراق فجروا كنيسة سيدة النجاة في بغداد , وكذلك المراقد والجوامع والمساجد وأماكن العبادة الأخرى , وأولعوا التفاعلات الطائفية المنحرفة المدمرة للحياة بدينها وعقائدها وعمرانها وإنسانها.

 

وما جرى ويجري في ذلك البلد يتم إتخاذه منطلقا للنيل من الدول العربية الأخرى , وخصوصا مصر المستهدفة بزخم شديد وتعجيل يزيد , لأنها العمود الفقري للوجود العربي وللروح العربية الإسلامية الأصيلة.

 

ومن المعروف لا يمكن النيل من الأوطان إلا بتعاون أهلها المغرر بهم , والذين تم إعدادهم وتأهيلهم في مختبرات القضاء على المجتمعات والشعوب , وهذا ما يحصل في كافة البلدان المنكوبة , التي يسخرون أبناءها للنيل منها وتقويض وجودها الحضاري , وإذكاء الصراعات الخاسرة المهلكة في أرجائها.

 

وما جرى يُراد له أن يجري في بلاد الكنانة , والعمل بهذا الإتجاه على قدم وساق , والضغط يتنامى وأعمال الخراب والعدوان تتكرر , للنيل من الوطن والإنسان.

 

وأملنا ان يكون الإنسان المصري متسلحا بوعيه وقيمه وإرادته الوطنية , فيصون عزته ويهزم أعداءه , وينتصر لقيمه ومبادئه الحضارية الإنسانية السامية.

 

تحية للإنسان المصري العربي الصامد أمام هذه التحديات ,  التي تسعى للنيل من وحدة المجتمع , وتدمير معالمه ونسيجه الإجتماعي المتين. 

 

تحية لكل إنسان يرفض هذا السلوك المناهض لأبسط قيم ومبادئ ومعايير الدين الإسلامي الرحيم , الذي ما حصل في تأريخه المساس بكنيسة أو معبد لأهل الكتاب على مدى العصور والأزمان ,  فذلك مخالف لعهد الله ومواثيق رسوله وما جاء في كتابه. 

 

فالإسلام يحفظ دور العبادة ويصونها من أي مكروه , وتلك حقيقة لا يمكن للأشقياء الجهلة الأميين  , المُسخرين لأفعال السوء والبغضاء والكراهية والطائفية والفئوية النكراء , أن يغيّرونها أبدا.   

 

تحية عربية إسلامية لكاتدرائية الأقباط في العباسية , وإلى عوائل الضحايا الأبرياء , فقلوب العرب والمسلمين معكم , ودعوانا إلى الله القادر القدير أن يخرجنا من هذه الغمة , وأملنا أن تبقى الكاتدرائية صامدة ومعبرة عن رسالتها الإنسانية الأمينة الصادقة.

 

تحية من أعماق القلوب المُحبة النقية السمحاء , لإخوتنا من الديانات والأقليات الأخرى في مجتمعانا العربية , التي تتعرض لهجمات التمزيق والتفريق والشقاق , وفقا لمناهج ودعاوى ظلامية أمية سقيمة سوداء.

 

 فأين هؤلاء من موقف الخليفة عمر بن الخطاب , حينما طلب منه بطريك كنيسة القدس أن يصلي بها فقال:

 

"لن أصلي في الكنيسة كي لا يأتي من بعدي مَن يقول هنا صلى عمر ويهدم الكنيسة ويقيم مكانها مسجدا"

                                                                                   

فالله محبة , والله سلام , لا قتل وإجرام!!

 

أللهم إحفظ مصر من كيد الآثمين , وانصرها على أعداء العروبة والدين!!