لعن الله منبرا ومعمما أيقظ فتنة

 

كأني بذلك المسجد الذي بناه المنافقون في المدينة يوم كان الرسول حيا ينشطر إلى عشرات المساجد وينتشر على ارض العراق ويرتقي منبره معممون لا خيار لهم سوى الفتنة وما تجر خلفها من ويلات .ولا يعرفون غير لغة الحرب التي هي خيارهم الأول والآخر . يضعون السيوف على عواتقهم مهيجين الحشود داعين بالويل والثبور وتعظيم الأمور . يشحنون الأخ على أخيه حقدا ويفرقون بين من وحدهم خطاب ( لا اله إلا الله ) بأسباب لا تمت إلى الدين بصلة . يصورون الخلاف الذي قال عنه رسول الرحمة والإنسانية محمد بن عبد الله (رحمة ) إلى عداء قاتل ويطلقون دعواتهم القبيحة المنكرة إلى قتل المختلف في وضح النهار ومن على منبر اقل ما يصح فيه هو قول الفرزدق : لازلت تركب كل شيء قائم حتى اجترأت ركوب المنبر لازال منبرك الذي دنسته أمس منك كحائض لم تطهر لقد دنست تلك المنابر إن لم تكن دنسة بالأساس بدعواتهم المريضة الخبيثة التي أدت لقتل أبرياء لا ذنب لهم سوى المخالفة بالمذهب وسالت دمائهم قريبة من تلك المنابر المجرمة وتلذذ ركابها برؤية الدم المسلم البريء الطهور بموجب تلك الدعوات التي يجب ان تجتث هي وأصحابها أو لايصغى لها على الأقل ولا يعمل بها ولا يسمح لأصحابها قلوا أو كثروا على ركوب منابر الإسلام في أي مكان من العراق . إن معممي الفتنة ومسرجي خيول حربها ومسعري أوارها يعرفون أحاديث الرسول ويحفظونها عن ظهر قلب كما حفظها الخوارج من قبلهم ويحفظون قول السلف لكنهم اشتغلوا وانشغلوا بغيرها . وتجاهلوا حساب رسول الله لمن سماه الحب ابن الحب يوم قتل رجلا قال (لا اله ألا الله ) وسأله أمام الحشد (هل شققت عن قلبه ) وأداروا ظهرهم لقول (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ) و(لا اله ألا الله حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي ) و (المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله ) وسلكوا مسلكا مغايرا لمسلك عمر بن الخطاب وموقفه من خالد بن الوليد في حرب الردة وكذا فعلوا مع علي بن أبي طالب يوم خاطب الخوارج قائلا ( سأسالم ماسلمت أمور المسلمين ) وتناسوا الآية الكريمة المباركة القائلة (وقاتلوا الكفار الذي يلونكم ) وأعلنوا حربهم على من يصدح بـ( لا اله ألا الله ) خمس مرات في اليوم الواحد . وإذا كان النبي قد آمر بهدم ذلك المسجد ودكه بالأرض لماذا لا نتأسى به والذكر الحكيم يقول (كان لكم برسول الله أسوة حسنة ) وإذا عجزنا عن الفعل المباشر بالتهديم المكاني لنا القدرة بطريقة تهديم أخرى تؤدي إلى نفس النتيجة وهي ان نهجر تلك المنابر ونصم أذاننا عن سماع نعيق ركابها ونغمض أعيننا عن رؤية منابرها المدنسة بالفتنة ونضرب عنها صفحا ونعيش حياتنا أخوة متحابين بالله سالكين لسبيله القويم ملتزمين بكتاب الله وحبله المتين وسنة رسوله الأمين وبذا نجتث مسجدا لم يشيد لوجه الله ومعمما عرفا طريق الإسلام فسلك غيره ومنبرا دنسا بفتنة . ونرفع ايدينا بدعاء (لعن الله منبرا ومعمما أيقظ فتنة).