ارضٌ خُلقت للموت لا للحياة..! |
ليت حروب العراق وقتاله، كرواية من الروايات العالمية، التي مهما طال أمد حربها أو تناحرها؛ فلابد لها أن تنتهي وتحط أوزارها، معلنةً نهاية لصراعها، وراحة لقارئها، الذي انشغل بفك طلاسمها، وإن كانت للعراق رواية؛ فكيف لكاتب أن يخط حروفها؟ من أين يبدأ؟ وإلى أين ينتهي؟ أ يكتب رواية عن الحرب أم الخيانة، أم الفساد أم الشهداء، أم الفقر؟! عجيب أمر هذه البلاد، قتالٌ وقتال، وحربٌ وحرب، ودماءٌ ودماء، وكأنها خلقت للموت لا للحياة! شباب يتسابقون للموت، في تعد واضح لكل قوانين الإنسانية، غير مدركين أنهم خلقوا ليحيوا ويتعلموا، ليبنوا ويرسموا، لكنهم ماتوا وتركوا أمهاتهم وآبائهم، غارقين في مأساة فراقهم. لا أعلم كيف كتب السياب، قصائده عن هذا الوطن؟ وعن أي شمس تحدث في شِعره؟ وكيف للظلام أن يكون أجمل في بلاده؟ لا أدري أ كان الشاعر غارق في تخيلاته الشعرية، وغير آبه بمعاناة شعبه، الذي ذاق مرارة العيش، وذل الحرمان، ليس لجرم يذكر؛ سوى إنه ولد في هذه البقعة من الأض؟ أم إن السياب كان عاشق لوطنه؛ فلا يرى ولا يسمع، سوى مخيلات رسمها لعشيقه؟ فكل شمس تشرق في عراقنا، تعلن بداية يوم جديد لآلام العراقيين، ومعلنة معها معركة جديدة، تارة مع الإرهاب، وأخرى مع الفساد، وثالثة مع الفقر، والقائمة تطول، أما الليل، فمع كل ليل جديد، ينضم صغار آخرون لقوائم الأيتام؛ ليناموا على حر فراق أبائهم، هذا الليل، يخفي تحت ظلمته ألاف الآباء المنكوبين بأبنائهم، والأمهات المفجوعات بأولادهن، والاف العوائل المشردة من مدنها، هذا الظلام الجميل، يخفي تحت ظلمته أحلام خيبها هذا الوطن، وحولها لكوابيس تلاحق كل أبنائه. وأتساءل عن الجواهري وقصيدته، "حييت سفحك عن بعد فحييني..." فلو عاد به الزمن كيف له أن يُنشد دجلة، التي غَرّقت في دماء الشهداء، حتى طغى لون الدماء على جرفيها؟ دجلة التي طافت بها جثث شهداء سبايكر، دجلة التي على شاطئها ذبح العشرات، وفي مياهها غاصت الأجساد، أ يَردُ عيون الماء الصافية، أم جثث الشباب الطافية؟! دجلة التي صارت مقبرة ترتادها الثكالى؛ لتنعى أبنائها، فلو عاد الجواهري من جديد؛ أ يحيي الجرف والمنحنى، أم صراخ الثكالى ودماء الشهداء؟ سنين عجاف، خلت من كل شيء، سوى الحروب والقتال؛ ارتوت فيها هذه الأرض، بدماء شبابٌ كانت أحلامهم تناطح السماء، وبرجال كانت هاماتهم عالية بعلو الجبال، فمابين الفساد والإرهاب والقتل والتهجير؛ انتهت حياتهم، وخابت آمالهم، وأما نحن، فلا ندري كيف ستكون نهايتنا؟ أننتهي كما انتهى أسلافنا، مابين المذابح والمقابر والمعارك، أم يطول أمدنا؛ لنعاصر ونكابد ماهو أشد وأمر من ذلك؟
|