الجاهلية في القوانين أم في الأفراد |
بمناسبة ولادة النبي محمد {ص} تابعت عددا من البرامج التي تحدثت عن الولادة الكريمة المباركة , غير اني لم المس من كل المتحدثين الخوض في مفهوم { الجاهلية } فهل يعنون الجهل الاجتماعي كما يتصورونه ام ان الجهل خاص بالقانون الذي يتعامل به المجتمع .؟ اليس العرب الذين بعث في محيطهم النبي محمد{ص} اكثر ثقافة من مجتمعنا الان ..؟ وهل تمكن الشعراء والادباء ان يجارون ما كتبوه وما تحدثوا به .. هل سمعت برجل له صفات حاتم الطائي في العصر الحديث .. هل عرفت شخصا يحمي الجوار والذمار كعصر الجاهلية الذي نهاجمه ونعتبره رجعيا ..؟. هل في المجتمع الحالي كله من له موقف في الدفاع عن الضعفاء والمظلومين , كما كان يقف العرب قديما ..؟ وهل يمكن ان تقيس شيوخ عشائر يصومون ويصلون ويحجون بيت الله الحرام , كمواقف الشيوخ في الجاهلية كما سمعنا عنهم ..؟ اليس من حمى رسول الله {ص} بعد رجوعه من ثقيف رجل يسمى عندنا جاهلي ..؟ في وقت كان زوار امير المؤمنين علي بن أبي طالب {ع} يتضرعون تحت القبة الشريفة إنيفك اسر الشهيد محمد باقر الصدر من يد صدام وزمرته , في وقت هو لا يبعد عنهم أكثر من مائة متر .. من هو الأفضل بالموقف , الجاهلي ام نحن ..؟ يوم اتفقت قريش الجاهلية على الحصار الاقتصادي والمقاطعة لبني هاشم , اليس كان من ينقل لهم طعاما كافرا او مشركا ونسميه جاهلي , والذين اتفقوا على عقد مؤتمر لرفع الحصار عنهم كلهم مشركون .. فأين كان كبار الصحابة الذين يأكلون يوميا ثلاث وجبات ويرتدون ثيابا ويعملون ويتاجرون .. وعندنا تجربة مع العرب المسلمين الذين يصلون الجمع وينتقلون بالطائرات الى مكة المكرمة كل عام ونحن كنا نتضور من الجوع ثلاث عشر سنة بسبب تهور حكومتنا , أين كان المؤمنون الصوامون المصلون العرب والمسلمون , هل شعر احد بنا ..؟ أم الكافرون بالأمم المتحدة هم من خفف بعض القرارات عن جوع شعب كامل .. إذن من هو الجاهلي .. ومن هو المسلم ..؟ في القران الكريم نص واضح يقول : " ليخرجهم من الظلمات إلى النور " النص يتكلم عن شعب يتخبط في قوانين ظالمة وضعت من قبل طغاة العصر ,تلك القوانين { الأعراف} تصب لمصلحة القوي والتاجر والشيخ والزعيم , وكانت التجارة تفرض تعاملا ربويا , والمجتمع يرزح تحت نير الاستعباد والرقيق, والعبادة محصور بصنم يمثل العشيرة فقط , كل عشيرة وكل مدينة لهم رب ولهم توجه يمثلهم بصنم .. والحرية الفردية معدومة , والمرأة سلعة تباع وتشترى .. هذه القوانين التي جاء الإسلام ليغيرها , وليس التركيبة الاجتماعية بما هم أفراد .. واليوم كم من المجتمع المسلم ممن لا يتقيد بالقوانين الإسلامية .. العبادية , الميراث ,الأخلاقيات , الجباية , الضرائب المادية .. لو أحصينا ما نعرفه ولا نتعامل به , فأننا نسير بنفس الوتيرة التي كان عليها أجدادها في الجاهلية .. واليوم القوانين السائدة في المجتمع والدولة فيها من الظلم ما يجعلنا نترحم على زمن الجاهلية قبل الإسلام .. ثم الأفراد, كل فرد مقتنع انه على حق والآخرون على باطل .. هذه هي الجاهلية في القوانين وليس الفرد يكون جاهلي .. لأنهم قتلونا بالإسلام .. |