الفساد .. الراس خايس لو الذيل ؟..لو إثنينهم؟؟

جميعنا ينبذ الفساد ولكننا جميعا نعمل به ونشجع عليه بقصد أو دون قصد الا القلة القليلة التي يمكن أن أطلق عليها تسمية المنزهين من السماء.. فهل هم موجودون فعلا أم إنهم مجرد أشخاص فضائيون كحال الفضائيين اللذين كانوا يستلمون نصف رواتبهم والنصف الآخر يذهب الى جيوب قادتهم في الجيش؟.. ولعل الحملة الوطنية لمكافحة الفساد التي دعت اليها هيئة النزاهة وروجت لها بالتعاون مع الوزارات ووسائل الأعلام ومنظمات المجتمع المدني وغيرها من المؤسسات وضعت النقاط على الحروف في مسألة الفساد والذي طالما دعونا الى القضاء عليه بقوة وإرادة حقيقية وليس بالشعارات لتضعنا أمام الأمر الواقع وتؤشر الفساد والخلل وقتها عرفنا إننا جميعا مفسدون وإن لم نعلم بذلك.
الموظف يصل الى الدائرة متأخرا ويخرج منها مبكرا ولكنه يقيم الدنيا ولايقعدها حينما يأتي راتبه ناقصا ولو دينار واحد هذا وجه من أوجه الفساد.. قانون انضباط موظفي الدولة لم يحدد في أي فقرة من فقراته إستراحة لتناول الطعام مثلا أو تأدية الصلاة وإن كان لزاما على الموظف أن يأكل أو يصلي عليه تعويض ذلك بوقت إضافي هذا وجه آخر من أوجه الفساد ..الرشاوى وتفضيل مراجع عن مراجع بسبب الأنتماءات الحزبية والعشائرية أو لقربه من مسؤول هذا وجه اخر من أوجه الفساد ..المواطن (البريء) الذي يجبر على دفع الرشوة هو أيضا فاسد لأنه ساعد وشجع وأخفى معلومة عن حالة فساد ..الوجاهة في التعيينات وشغل المناصب من أناس ليس لديهم الخبرة والأمكانية لشغل مثل هذا المنصب هو وجه من أوجه الفساد ..المعلم والمدرس وأي موظف أخر لايقدم خدمته المكلف بها على أكمل وجه فهو فاسد ..وعضو مجلس المحافظة الذي يؤثر على مدير دائرة في قرار أو تمشية معاملة ناقصة وليست ضمن التعليمات هو فاسد.. والبرلماني الذي من واجباته ان يراقب الوزارات والذي بدلا من مراقبة ومحاسبة الوزراء والوزارات يقوم بإبتزازهم من أجل أن يخصص له عدد من الدرجات الوظيفية والتعيينات وبالتالي لايستطيع أن يحاسب هذا الوزير فهو فاسد وإبن فاسد أيضا وإن كان يقدم خدمة لتعيين شاب.. وعضو مجلس المحافظة والبرلماني الذي يضغط على الدائرة أو الوزارة حتى يحصل على مقاولة لشركة ما إستلم منها كومشنات (عمولة) فهو ليس بفاسد فقط فهو فاسد ومجرم بحق الشعب.. الأعلامي المتحزب الذي لايقول الحق ويدافع عن الأحزاب والتيارات والكتل الفاسدة فهو معهم فاسد وشريك بالفساد .. ومنظمات المجتمع المدني التي تديرها أحزاب فاسدة ومسؤولين فاسدين ويتكلمون بإسم النزاهة والديمقراطية هذه توضع في خانة الفساد.. المؤسسة الدينية التي تقول عن فلان حزب أو برلماني فاسد وتسكت عن حزب أو برلماني أخر فهي مؤسسة فاسدة وعليها أن لا تتحدث بإسم الدين.. المسؤولين عن رواتب الموظفين الذين يخصصون راتبا لموظف ما في دائرة ما (500)  الف دينار في وزارة ومبلغ مليون ونصف لموظف في وزارة أخرى يحمل نفس الشهادة وسنين الخدمة هذا الفساد والظلم بعينه.
القانون الذي لايطبق بشكل صحيح فهو باب من أبواب الفساد ..وسوء استخدام مقدرات الدولة وخيراتها دون مسائلة أو رقابة هو وجه اخر من أوجه الفساد.. سوء تشريع القوانين والتي طالما صدرت في العراق لفائدة شريحة واحدة حزبية أو طائفية هي قانون لتثبيت الفساد ..إختيار الهيئات المستقلة على أساس مذهبي وعرقي وديني وحزبي ومنهاهيئة النزاهة هو نوع من أنواع الفساد..رئيس الوزراء الذي يسكت على فساد وزراءه ويضعهم في خانة الصالحين فهو فاسد لامحالة ورأس الفساد.ولابد هنا من ذكر حادثة قريبة جدا ..في الأمس القريب كنت في إحدى الدوائر للتنسيق على إقامة ورشة عمل تخص مكافحة الفساد وتحدثت مع مدير الدائرة بالأمر وجاءت النتيجة موافقة لأنه علم إن ورشة العمل تخص موضوع ومهم وخطير لطالما عانى العراق منه وقبل أن أشد الرحال دخل علينا مسؤول لطالما دعى الى مكافحة الفساد في دعايته الإنتخابية ولابد من تظافر الجهود وإنتخاب النزيهين لكي نخلص العراق من هذا المأزق على حد تعبيره وقد أحضر معه مصوره الخاص ومرافقه وشاب يحمل (فايل معامله) وما أن جلس حتى أومأ للشاب برأسه دون كلام  أن يقدم معاملته لمدير الدائرة وأحسست بعدم الرضا لكن وجود مسؤول برفقته جعله يوافق على مضض هذا ماقرأته في وجه المدير.. ووجودي في هذه الدائرة وفي غرفة المدير دعاه الى الفضول والسؤال عن سبب تواجدي بإعتباره يعرفني ويعرف عملي فقلت له اننا في صدد إقامة ورشة عمل حول مكافحة الفساد.

ولكنه رد مستهزءا (والله إنت بطران شتلحك هوه الراس خايس) ويقصد الحكومة المركزية ونسي نفسه إنه يعتبر رأس بالمحافظة وجاء ليؤثر بمنصبه على المدير لتمشية معاملة بطريقته ضاربا عرض الحائط عشرات المراجعين الذين ينتظرون خلف أبواب غرفة المدير وهذا هو الفساد بعينه..ونسي أيضا إنه أحد ممثلين هذا الرأس بالمحافظة وهو يعدنا بالقضاء على الفساد منذ عام 2008 والى الآن.الفساد والظلم حينما تجد برلماني راتبه 40 مليون ومواطن من بلد النفط يبحث عن لقمة يأكلها في أكوام القمامة ..الفساد والمشاركة فيه هو إنتخاب الفاسدين.. الفساد حينما تسلم أمن العراق لقادة دمج تضيع نصف العراق وتسلمه بيد داعش خلال يومين.. الفساد حينما تصرف الأحزب والكتل السياسية مليارات الدورات على إحتفالاتها ومؤتمراتها ودعاياتها الأنتخابية دون أن يقف أحد ويسألهم من أين لكم هذا؟؟ . الفساد حينما تغلق قضايا السرقات والاختلاسات بالمليارات بحجة عدم وجود الأدلة .. الفساد حينما نسلم الوزارات لوزراء فاسدين غير مؤهلين نأتي بهم على أساس طائفي وحزبي.. الفساد حينما نقف مكتوفي الأيدي أمام بلد ينهب من جميع الجهات ونحن مازلنا نقول (شعليه خل تطلع من غيري)... أنا معك سيادة المسؤول (الرأس خايس) لأنه أتى بك لتكون ممثلا عن شعب محافظتي التي سن وشرع فيها أول قانون منذ ملايين السنين وأنت تستهزء وتتهكم وأنت تصعد سيارتك الفارهة محفوفا بحماياتك وأنت الذي لم تشبع سابقا حتى من ركوب (سرج البايسكل).مع الأسف الشديد كلنا نشارك بالفساد ونساعد علية ونتسامح به تحت ذريعة (هوه الراس فاسد).