مراحل تطور الفساد الاداري والمالي في العراق

لم يكن الفساد في العراق وليد السنوات الحديثة أي من عمر تأسيس الدوله العراقية في العام 1921 ‘وانما هو موروث تاريخي ترجع اصوله الى عمق التاريخ العراقي أي الى ما قبل 1750 سنه قبل الميلاد حين وضع الملك البابلي الشهير مسلته التي ثبت فيها شرائعه وقوانينه والزم العراقيين بتطبيقها وكانت اغلبها مقرونة بعقوبة في حالة عدم الامتثال لها ‘ومن بين البنود التي عالجتها شريعة حمورابي انماطا تختص بالفساد ‘كعدم الكفاءه‘والاهمال‘ والغش‘والاحتيال‘وخيانة الأمانة‘إذا سرق سيد ثوراً أو شاة أو حماراً أو خنزيراً أو قارباً، إذا كان (المسروق) يعود للإله أو للقصر، فعليه أن يعطي 30 مثلاً. أما إذا كان يعود إلى مسكين، فعليه أن يدفع 10 أمثال كاملة، إذا لم يكن لدى السارق ما يعوّض به فإنه يعدم.
إذا سرق رجل ثوراً أو شاة فذبحه أو باعه فليعوض بدل الثور خمسة من القطيع. وبدل الشاة أربعة من الخراف..وفي الدولةالإسلامية ظهرت نبرات الفساد  بعد وفاة النبي (ص) مباشرة عندما تعالت اصوات التفريق بين المسلمين انفسهم بين الانصار والمهاجرين واقروا بأفضلية المهاجرين ‘او بأفضلية الحكم للعشيرة عندما حصروا الخلافة او الحكم بالقريشين وهذا معناه التركيز للمتنفذين في الدولة ‘كما تأسست طبقات متنفذه بيدها المال والجاه في وسط دوله اسسها النبي على العدل والمساواة في العطاء بين ابناء الامه ‘فعندما يفرق الخليفة عمر بن الخطاب بين من قاتل مع النبي ومن قاتله في العطاء  حيث يقول(لا اجعل من قاتل رسول الله كمن قاتل معه) وهذه سنة تتعارض مع مبادئ الاسلام والقيم التي جاء بها .وتجلت ظاهرة الفساد الاداري في سنين الاحتلال الذي تعرض اليه العراق  في حقبه التاريخية, فالوافدون إليه من كل الجهات يحملون سلوكيات وطبائع معينه يطبقوها على البلد المحتل بغض النظر عن عدم شرعيتها وسوء أخلاقها ولكي تستتب لهم السيطرة وبسط نفوذهم على عموم البلد يكون المال والمنح والعطايا امرأ يسيرا بأيديهم لشراء الذمم وكسب المواقف المؤيدة‘ لهم برزت هذه الظواهر في زمن الاحتلال العثماني للعراق ‘حين كانت الوظيفة العامة تباع وتؤجر، وهناك (تسعيرة) للمناصب إذ يزداد السعر مع أهمية الوظيفة أو المنصب، وما يجلبه هذا المنصب من عوائد على الشخص ابتداءً من الوالي وحتى اصغر موظف. فقد كان الوجود في مركز حكومي في عهود المماليك وما قبل المماليك يعادل ان يكون الإنسان في ميدان الأعمال، وكثيرا ما كان الحصول على التعيين يتم عن طريق شراء المركز عن طريق المزايدة – وكان المزايد الفائز بالمركز يعوض ما دفع، مع الفائدة، عن طريق وجوده في الوظيفة، وكان الشعور بالمسؤولية العامة آنذاك أمرا  غير مفهوم على الإطلاق، اما في العام 1870 فقد كان في صوامع الحبوب العامة التابعة لأحد المراكز الإقليمية مقياسان،

الأول اصغر من المقياس العادي الموجود في الأسواق يستخدم لتوزيع الحبوب وبيعها، والثاني اكبر من المقياس العادي ويستخدم لشراء الحبوب أو إدخالها، وكان المقياس الأول يفرق 10 بالمئة مع الشاري في حين كان المقياس الثاني يفرق بنسبة 16 بالمئة مع البائع أو دافع العشر، وحتى الإصلاحي مدحت باشا لم يستطع إلغاء هذه الممارسات وغيرها فقد باع سكرتيره في العام 1871منصب متصرف الموصل بـ 800 ليرة تركية. وكان الفساد في ظل نظام السلطان عبد الحميد – بصورة تقريبية من العام 1878 وحتى ثورة العام 1908 اكبر حجما وأوسع انتشارا. وهذه التركة الثقيلة من مظاهر الفساد التي خلفها الاحتلال العثماني للعراق والذي انتهى عام 1917 باحتلال الانكليز للعراق جعلت من الفساد عنصرا متأصلا في بنية المجتمع العراقي والدولة العراقية منذ تأسيسها.وقد تفشت ظاهرة الفساد  في القرن العشرين في زمن الاحتلال الانكليزي الذي أعقب العثمانيين حيث كان الانكليز يبحثون لأنفسهم عن إنشاء القواعد العسكرية والأسواق والموارد ‘وهذه الأهداف لا تتأتى بيسر وسهوله دون القوه والسطوة واستخدام المال والهبات ‘وطالما كان هناك من المنتفعين والفاسدين ومن هم على استعداد تام  لبيع ذمتهم ووطنهم وعرضهم من اجل سلطة أو مال وتحت أي مسمى فالمحتل لا يكترث لفساد المجتمع ولترويج أخلاقيات وأساليب غير شرعيه بقدر تمرير هيمنته وتمشية أهدافه ومراميه لهذا عمد الانكليز الى توزيع الاراضي الزراعية على الشيوخ وقسم من رجال الدين والمتنفذين مما خلق رموز كبير من ملاك الاراضي والاقطاعين ومن الاتباع  والمريدين لهم ‘وحتى عند تشكيل ألدوله العراقية الأولى في عام 1921 وبشكلها الصوري كونها كانت دولة تحت هيمنة وتبعية الاحتلال والذي أريد لها إن تكون دولة متخلفة ضعيفة بهياكل إدارية هشة قائمه على الروتين والمحسوبية والعشائرية وبيع المناصب والمراكز حيث أصبحت الوظيفة العامة مصدرا للعيش لهذا تفشى أسلوب البيع والشراء أو التأجير لهذه الوظائف كما هي في العهد العثماني ‘وقد تفشت الرشوة والاختلاسات وازدادت شكاوى المواطنين من سلوك الموظفين واصبحت المراكز والمناصب مركزا للثراء غير المشروع  . اتسم نظام الحكم في الدولةالعراقيةالحديثة  بالفساد ‘فالأراضي الزراعية فيها موزعه بين الاقطاعين والشيوخ ورجال الحكم وشرائح من ضباط الجيش العراقي ‘وكانت عباره عن رشاوى دفعها الحكام لكي يؤمنوا تبعية هؤلاء تحت هيمنتهم وسطوتهم ‘وقد اصدرت الإرادةالملكية قوانين موغلة بالفساد ‘كقانون الاراضي الأميرية 1931‘وقانون اللزمة 1933‘وقانون حقوق وطلبات الزراع 1933‘وقد صدرت هذه القوانين لخدمة السياسةالبريطانية وكان الغرض منها مكافاة الشيوخ الذين تعاونوا معها .وكان من نتيجتها ان حوالي 85% من الاراضي الزراعية في العراق موزعه فقط على 35 الف مالك ‘ومن جراء هذا الظلم والقهر الذي سبب التعاسة والفقر والالم للفلاحين في الريفارتحل الكثير منهم تاركين مواطنهم ومزارعهم الى المدن ليبحثوا فيها عن مصدر اخر للعيش والرزق   فبنوا الصرائف والاكواخ على حافات المدن وخاصة بغداد والبصره‘ليشكلو بها حزاما ينم عن مدى البؤسوالفاقة والجوع الذي تعرض اليه المواطنين ‘لحين قيام ثورة 14تموز1958 حيث اعلن فيها الزعيم عبد الكريم قاسم قراراته الحاسمة  باجتثاث الصرائف والاكواخ عن وجه العاصمة والمدن الاخرى وببناء المساكن من الطابوق وتجهيز احيائها بمستلزمات البنى التحتية من ماء وكهرباء ومدارس ومستشفيات ومراكز صحية وخدمية اخرى‘ وعمد في بغداد الى شق قناة إرواءية بطول 25 كم (قناة الجيش )من نهر دجلة الى نهر ديالى موزعا على ضفافها الاراضي والمزارع على ساكني هذه المنطقه‘كما انشأ مدنا اخرى في داخل بغداد كانت غارقة بالفقر والبؤس كمدينة الشعلة والعامل وغيرها ‘الى ان فاجأه المتآمرون  بتعاونهم الفاضح مع القوى الأجنبية  حيث اطيح به وبآماله وعهوده التي قطعها للفقراء من شعبه ولم يكمل المشروع الذي بدأ به واقسم عليه من ازالة  مظاهر الفقر عن وجه العاصمة والقضاء على الصرائف والاكواخ.وكان من بواكير الانقلابين في 1963 حين توجوا انقلابهم بالرشوة المشهورة التي قبضوها من حكام دولة الكويت والتي باعوا  فيها قسم من الحدود العراقيةالكويتية الممتد من المطلاع الى العبدلي وقسم من ابار النفط في الرميلة مقابل مبلغ 30 مليون دينار عراقي ‘وقد تصدر الفساد في زمن البكر حين اُحتكرت السلطة ومفاصلها من قبل شريحه معينه ممثلة بأقارب وانساب وحواشي وعشائر المسؤولون الكبار في هرم السلطةالجديدة ‘  والتي عاثت بالبلد ومقدراته وبثروته وممتلكاته لصالحها ولمحسوبيها وتركت ابناء الشعب يتلظون حسرة وفاقة على موردا للرزق يقتاتون منه ‘الى ان جاء العهدالعارفين الذي اغرق البلاد بأسواء ما كان عليه من العشائرية والمحسوبيه والطائفية والتخلف وكانت فترة ممحله بائسه قاتمه المت بالعراقيين الى ان اطيح بالنظام العارفين في عام 1968 ليعود البعثيون بثوب آخر  متبوئي مركز القرار السياسي ومالكين زمام دفته ‘  

وليربطوا العراق بمصيرهم شعبا ووطنا مستلبين حرياتهم ومكممين افواههم وفاتحين اذرع السجون والمعتقلات للوطنين والاخيار من ابناء هذا الوطن ‘وليعتمل معولهم بتخريب البلد والقضاء على البقيه الباقية من بناه التحتية ومراكزه الاقتصادية ومن جميع موارده وامكانياته من خلال زج العراق في اتون حروب مفتعله مع جيران العراق من الدول الإقليمية التي حصدت فيها نفوس الالاف المؤلفة من العراقيين والتي فتكت  بكيان الوطن  وبمقدرات شعبه  والتي مهدت السبل والمسالك للفساد الاداري والمالي كي ينخر بمفاصل الدولة وعروقها ‘حيث تحول الانسان العراقي الى سلعة في سوق المضاربةوالمزايدة بين ان يضحي بروحه في الجبهات الحامية للقتال او ان يضمن الحياة والاستقرار له ولعائلته من خلال دفع الرشى والهدايا والاراضي والممتلكات لذوي النفوذ في الحزب والسلطة  او للأمراء والضباط في الجيش العراقي لشراء الاجازات الوقتيه والدائميه او للنقل وممارسة العمل في الخطوط الخلفية او في المدن بعيدا عن محرقة القتال ‘مما سببت هذه المظاهر من الفساد خلق فجوة كبيره بين الشباب العراقي من المجندين والمتطوعين في سلك الجيش كان لولبها ومحركها الرئيسي الفساد الذي مارسته السلطة في مختلف طبقاتها وكان ابن الشعب الفقير المعوز حطبا لنارها.فضلا على ما آلت اليه هذه الحروب من نتائج كارثية على الدولة والمجتمع العراقي وما تمخض عنها من فساد قاتم ومستشر تتوج في نهايتها بالحصار الاقتصادي الذي فرضته الامم المتحدة على العراق ‘

عقوبة على ما اقترفه نظامه من مساوئ تجاه جيرانه وتجاه الامن والاستقرار العالمي ‘حيث كانت هذه القرارات اكثر وقعا وايلاما وجوعا للمجتمع العراقي وليس على حكومته لأنه هو من  تحمل وزر واعباء اخطاء ما اقترفته سياسة التفرد والدكتاتورية التي مارستها القيادةالسياسيةالعراقية ‘حيث خلفت هذه السياسات الرعناء  مرتعا خصبا للفساد الاداري والمالي الذي استفحل ونشط بشكل لامثيل له في النهب والسرقةوالتحايل والنصب والتزوير والرشا والتلاعب بأموال العراق داخليا وخارجيا‘ وكان تهريب النفط من خلال ثقب الانابيب خير مورد للسراق والمفسدين من مسؤولين ومتنفذين دون ان يجد أي رادع او مراقبة تصده وتحيل بين مطامعه ومصالح الشعب والوطن.وهكذا ظل الفساد يتوارث في العراق بتعاقب الحكومات عليه وكل حكومة تأتي تدعي أنها تحارب الفساد وتكافحه لكن الفرد العراقي يتلمس إن الفساد في الحكومة اللاحقة أوسع واشمل وأشرس منه في التي سبقته.لكن تاريخ العراق لم يشهد في كل الحقب والعهود الزمنية التي مرت عليه فسادا افدح واضخم واوسع مما شهده بعد عام 2003 حيث وصل الفساد الاداري الى مديات خطيرة تهدد الدولةالعراقية وجميع مؤسساتها واركانها ‘يأتي هذا على الرغم من وجود مؤسسات وهيئات رقابية وتشريعيه وقانونيه ومنظمات مهنية ومدنيه اُسست وشُرِعت وفقا لمبادئ ومواد الدستور العراقي الجديد واكتسبت قوتها وحصانتها بقوة القانون ‘بغية التدقيق والرقابةوالمتابعة لمظاهر الفساد والحد منه ومكافحته لإرساء دعائم دوله مدنيه ديمقراطية دستوريه تتماشى مع متطلبات العصرنةالحديثة وتعزيز مقومات النهوض الاقتصادي والتنموي والتقدم الحضاري للبلد ورفع مستوى معيشية  ورفاهية ابنائه بعد سنين العذاب والجفاف والقهر الذي عاناه الشعب من انظمته السابقة .وقد بات من الصعب إيقاف مد الفساد وتناميه وعلى مختلف الأصعدة سواء في القطاع العام الحكومي المتمثل بدوائر ألدوله ومؤسساتها التشريعية و التنفيذية والخدمية أو على المستوى السياسي والحزبي من طبقة الأحزاب المتنفذة وغير المتنفذة بقيادة البلد أو الاستشراء بين مختلف الطبقات الاجتماعية ومشاريعها الاقتصادية والتجارية.انه الفساد الكبير الفساد السياسي الذي يمثل اخطر انواع الفساد واشرسهالأنه يكمن في منظومة الدولة بكل مؤسساتها التنفيذيةوالقضائيةوالسلطوية وبكل هيئاتها الرقابيةوالإعلاميةوبأحزابها ومنظماتها السياسيةوالمهنية وقواها الأمنية ‘فالطبقةالسياسيةالحاكمة في العراق اليوم ابتداء من سقوط النظام البائد على يد التحالف الدولي في 2003 الى الان تمارس ابشع واخس وافدح انواع الفساد‘ فبيدها كل مقدرات الوطن وثروة وممتلكات ابنائه من عقارات وقصور واطيان  وموارد مالية واقتصادية من تصدير واستيراد وبيع وشراء وتهريب اموال وتجارة في المخدرات والمحرمات والتلاعب في العقود والاتفاقيات وقبض الرشا والعمولات وخلق المشاريع الوهمية بملايين الدولارات وترويج اسواق المزايدة بالمناصب والمراكز الإداريةالحساسة  والوظائف الحكومية المختلفه‘حتى وصلت في تماديها الى بيع ارواح العراقيين واسترخاص دمائهم من خلال المتاجرة والارباح بالمناصب القيادية في القوات المسلحة والامن الداخلي دون النظر الى المهنيةوالحرفيةوالخبرة التي يستوجب توفرها فيمن يشغل المنصب فضلا عن ابرام العقود من اسوء المناشئ والمصانع لشراء الأسلحةوالأعتدةالفاسدةوالمهترئة او عقود وهمية لا اساس لها على ارض الواقع.

أضافة الى امعانها في الاختيار والتعيين في دوائر الدولة ومؤسساتها  للمنتسبين لأحزابها ومحسوبيها ومنسوبيها في الاماكن غير المؤهلين لإدارتها وتمشية مهامها من دون الرجوع  الى الخبرة والاختصاص والكفاءة في اختيار الاشخاص.فضلا عن الرواتب والايفادات والامتيازات الخيالية التي تتقاضاه وعن الاعداد يعتبر الفساد الإداري ألان من الظواهر التي تشكل تحديا كبيرا للدولة والمجتمع مما يستوجب دراسة هذه الظاهرة بمزيد من التمعن والتحليل للوصول إلى المسببات الحقيقية لتناميها وتشخيصها والوقوف على العوامل والمنشطات ألدافعه لها تمهيدا لبلورة أفكار ودراسات من اجل مكافحتها والتقليل من تأثيراتها ونتائجها وتخفيف الأعباء الثقيلة التي تخلفها على بناء ألدوله والمجتمع.فالطبقةالسياسيةالحاكمة ارتهنت العراق ارضا ووطنا وشعبا لمصلحتها ومصلحة احزابها ولم يعد مفهوم الوطنيةوالخدمة وبناء الوطن  ورقي المجتمع لها وجود في منظور هذه الاحزاب وسياسيها وفي متن خطابها السياسي القديم الذي كانت تناغم به الشعب ايام نضالها السلبي ‘فالفساد السياسي  سيظل ينهش باقتصاد العراق ويهدر اموال شعبه وسيبقى الحاضنة الام للفساد الاداري والظهير الحامي الذي يتكأ عليه هذا الفساد ‘فلن تطوله يد الرقابةوالمتابعةوالمسائلة ولن تروج أي ملف او معاملة سرقة او تلاعب او هدر للمال العام طالما ظل هذا الفساد محميا ومتسترا بالطبقة الفاسدة من السياسيين والحكام ومن يتأبط بهم من مسؤوليهم واحزابهم او من الأجهزةالرقابية والهيئات المختصةبالنزاهة والتفتيش والقضاء او المحاكم التابعة ذيليا وسياسيا لطبقة الساسة المتنفذين ومن بطانتهم او الذين يقعون تحت ضغوطاتهم وتدخلاتهم.
المصادر: الدكتور موسى فرج,رئيس هيئة النزاهه العراقيه السابق, سنوات الفساد التي اضاعت كل شيئ