البارتي و سروه والصرصر!

شهدت كردستان والعراق الاسبوع الماضي واحدا من اهم المواضيع الساخنة التي انشغلت بها المراكز السياسية والاعلامية وتحدثت عنها كثيرا، تلتها تحريك الشارع من اجلها (اقامة مسيرات حزبية) وجرى التظاهر بالقوى العسكرية والجوية لاجل ذلك!! الا وهو تصريحات السيدة سروه عبد الواحد عضوة البرلمان العراقي عن حركة التغيير، التي اخرجت من قالبها وتم تشويهها لمرام سياسية, وجرى للاسف استخدام البيشمركة والشهداء العظام وذويهم كمادة لهذه اللعبة السياسية المقرفة. 
بعد المصادقة على مشروع قانون الموازنة العراقية العامة كانت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ البداية مع الشكل الذي وضعت الحكومة العراقية حصة الاقليم من الميزانية, وخلاف كل الكتل الكردستانية الاخرى التي عملت على احداث تغييرات فيها بما يخدم مصلحة شعب كردستان. هذه التغييرات التي رفضها الحزب الديمقراطي وحكومة الاقليم حتى قبل المصادقة عليها، اذ غادر الحزب الديمقراطي الكردستاني قاعة البرلمان من دون ان يحاول الدفاع عن قوت الشعب وحياتهم وما تحتاجه البيشمركة، بذريعة عدد البيشمركة, فيما بقيت الكتل الكردستانية الاربع الاخرى تواصل جهودها وتمكنوا من تثبيت مشروعهم في الموازنة واحداث تعديل مناسب في حصة البيشمركة اكبر بكثير مما جاء في مشروع الحكومة العراقية الاساسي للموازنة, فيما قاتلت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة الاقليم من اجل الابقاء على الفقرات المستهلكة التي لم تثمر طيلة العامين الماضيين عن شيء، بذلك اصبح الحزب الديمقراطي الكردستاني سواء في بغداد او في كردستان وحيدا وباتت صورة انكساره واضحة، ولذا كان بحاجة الى اشعال ضجة ما من اجل اخراج نفسه من الزاوية التي حشر نفسه فيها. 
تحدثت سروه عبد الواحد في مقابلة تلفزيونية حول حياة ومعيشة البيشمركة وعوائل الشهداء الذين يعيشون في وضع صعب وسيء, بعبارة اذا ما اخرجت عن سياقها في حديثها فانها ستوحي باشياء اخرى, اما اذا بقيت في سياق الحديث فانه امر طبيعي. فقبل مدة ذكر احد علماء الدين في قناة فضائية انه على اطلاع بان امرأة من اجل ان تؤمن لطفلها الحليب اتفقت مع احد اصحاب الدكاكين على تامينه مقابل ان يمارس معها الجنس، والسؤال هنا، " مالفرق ان كانت هذه المرأة زوجة مواطن اعتيادي او زوجة بيشمركة او زوجة شهيد؟"، " وهل ان الحكومة غير مسؤولة عن تامين حياة ومعيشة المواطنين وحماية كرامتهم من كل الطبقات والفئات؟!".لا اريد الدفاع عن السيدة سروه بقدر ما ابغي توضيح موقفي من ردة فعل الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولان السيدة سروه ليست بحاجة الى دفاعي، لاننا نعلم جميعا من تكون ونعرف انها المدافعة بقوة, والصعبة المراس عن شعب وجماهير كردستان والبيشمركة وعوائل الشهداء والحريات الشخصية والحريات المدنية في كردستان والعراق.اتساءل لماذا لم تحرك حادثة هذه المراة التي باعت نفسها لصاحب الدكان مقابل تأمين حليب طفلها وجدان الحزب الديمقراطي الكردستاني؟!.ان سروه عبد الواحد هي واحدة من الاصوات البارزة في المراكز السياسية والاعلامية العراقية التي تفكر بصوت عال, وتقف علنا ضد سياسات الحزب الديمقراطي الكردستاني ابتداءا من احتكار مفاصل السلطة الى شل نظام الحكم في الاقليم وتعطيل البرلمان والاستيلاء على رئاسة الاقليم، لذا فانا اعتقد انه بالاضافة الى حاجة الحزب الى هذه الضجة, فانه يستغلها أيضا من اجل الاساءة الى هذه الشخصية السياسية, ولاجل ان لا يحاول شخص اخر الوقوف ضد سياساته, والحزب الديمقراطي الكردستاني استخدم هذا الاسلوب للاساءة ومن ثم اللجوء الى محاكمه, وقد جرب ذلك سابقا مع قيادات من الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير مثل كوسرت رسول علي ونوشيروان مصطفى واخرين، لكن وفق سيناريوهات مختلفة الاشكال، ولذا فان سلوك الحزب ازاء مناوئيه ليس جديدا بل هو حالة طبيعية عنده. 
قبل مدة قال السيد مسعود بارزاني في خطاب له في بعشيقة امورا تتعلق بمصير شعب كردستان, ورد عليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، وتراجع البارزاني بعد 24 ساعة على الخطاب قائلا: "ان هناك خطأ حصل في الترجمة الى العربية"، وقد كتبت في احد المجاميع السياسية والاعلامية التي اشاركها في الواتس آب: اني استمعت الى الخطاب بالكردية، فكتب احد العرب المشاركين " انظرالى الايضاح وانسى التصريح "، انهم يتعاملون مع تصريحات سروه عبد الواحد على طريقة (لاتقربوا الصلاة) وذلك لاهداف سياسية ورفضوا استعدادها للاعتذار في حالة كونها أخطأت. 
البرنامج الذي تحدثت فيه سروه نشر في الثاني من هذا الشهر اي قبل اقرار الموازنة بخمسة ايام، ولكن الحزب الديمقراطي اثار الضجة حوله في الثامن من هذا الشهر اي بعد يوم من المصادقة على الموازنة!، وهذا يبرهن ان الهدف من اثارة الضجة هو ليس قضية البيشمركة ولا عوائل الشهداء، بل هو التغطية على انسحابهم من قاعة البرلمان دون الدفاع عن حقوق البيشمركة, وفي الوقت الذي اخذت فيه قضية تصريحات سروه عبد الواحد طريقها الى الاضمحلال بين الناس طلع علينا المتحدث باسم رئاسة الاقليم في 14/12 ليثير ضجة اخرى حول تصريحات لرئيس منظمة عصائب اهل الحق قيس الخزعلي بثتها قناة الرشيد في 26/11 (اي ان رئاسة الاقليم انتبهت اليها بعد 18 يوما وتريد الرد عليها), وبذا نفهم ان الهدف هو ابعاد اذهان الناس عن مأساة جوعهم!.تعرفت على سروه عبد الواحد بعد 31 آب عام 1996 كزميلين صحفيين, والان نعمل معا كعضوي برلمان وفي لجنة واحدة ، وانا اقر بان هذه المرأة شجاعة ونشيطة, وحسب علمي جرت محاولات كثيرة لاغرائها, وطرح عليها مطامع كثيرة لكي تتراجع عن مواقفها ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكنها لم تتنازل ولو للحظة عن قناعاتها، وهي بنت السليمانية التي حاولت ان تقيم حملتها الانتخابية في بارزان بمحافظة اربيل كونها مرشحة عن اربيل لكن لم يسمح لها، لذا فهي تتوقع دوما ردود افعال من الحزب الديمقراطي الكردستاني ولم تخشاه، وانها قلقة فقط من استخدام البيشمركة وعوائل الشهداء ادوات لهذه الحملة ضدها، انا اعرف ان سروة لا تخشى من شيء الا من الصراصر مثل اي امرأة (مع الاعتذار من السيدات والمنظمات، خوفا من ان يستخدم الحزب الديمقراطي الكردستاني قولي هذا كموضوع حملة للاسبوع المقبل)!. وفي الوقت الذي تتظاهر فيه جماهير كردستان في مدن السليمانية وكرميان وحلبجة ورابرين يوميا للمطالبة بحقوقهم، ورغم ان سلطات الحزب الديمقراطي الكردستاني تمنع مواطني كردستان في مدن اريبل ودهوك وبقية المدن الواقعة تحت سيطرتها من التعبير عن احتجاجاتهم؟!, تقوم في ذات الوقت باجبارهم على التظاهر ضد سروة عبد الواحد. 
ان على المخلصين للحزب الديمقراطي الكردستاني قبل غيرهم ان لا يقبلوا بهذه الافعال والسيناريوهات الحزبية، لانها بالفعل تصغر من شأن حزبهم, ولانها تظهر ان حزبهم بكل تاريخه الكبير يخشى من امرأة وهذه المرأة تخاف من صرصر!.