قتل وسحلت جثته ومثل بها .. هل كان يستحق ذلك

الحديث عن نهاية الحكام حديث طويل فاغلب نهاياتهم كانت مأساوية  والذكي منهم من ترك المنصب  بارادته ارضاءا  لرغبات الجماهير..  فالتجارب التاريخية تتحدث عن نهايات متشابهة  لأغلب الحكام  فمهما زاد غلو الحكام وجبروتهم فان نهايتهم غالبا ماتكون بانتفاضة جماهيرية تقضي عليهم  ولكن الامر الغريب جدا ان احدا من الحكام الجدد لم يتعظ مما حدث لمن سبقهم من قتل وتنكيل .. والتجارب كفيلة بكشف المستور وليس بعيد عنا  ما حدث  بعد احداث ماسمي بالربيع العربي ولكن الاسوأ كان المصير المؤلم الذي حدث  للعائلة الملكية العراقية من قتل وتنكيل حتى نال النصيب الاكبرمنهم  الامير عبد الاله  خال الملك فيصل الثاني  والوصي على العرش وكان الامر الناهي في حكم العراق منذ توليه الوصاية  عندما كان الملك طفلا صغيرا  لايتجاوز العشر سنوات .. وللحقيقة وللتاريخ وبحسب ما  رواه من عاصر فترة الحكم الملكي ان الامير عبد الاله كان ابي النفس لايتجاوز على اموال المواطنين مثلما يحصل حاليا من نهب وسلب للمال العام.
ومن الحكايات التي تروى عن الوصي ان صاحب مقهى شعبي يقع في باب الشيخ ويدعى " ارزوقي " وهو من هواة تربية الخيول كان يمتلك فرسا شاركت في سباق الخيول الذي يسميه البغداديون ب " الريسز " وفازت فنالت اعجاب الامير الذي يهوى تربية الخيول وما ان عرف صاحب الفرس  حتى قام باهدائها الى الامير عبد الاله  الذي رفض استلامها وطلب من صاحبها تقييمها لدفع المبلغ الذي يطلبه وعلى اثر ذلك ذهب الوصي بنفسه الى محلة قهوة شكر قاصدا المقهى واستقبله صاحب المقهى ارزوقي وجلس معه وشرب قدح الشاي كما احتشد اهالي المحلة حول المقهى مرحبين بقدوم الوصي لمحلتهم وهم يهتفون للملك وللوطن .. وبعد ان عرض الوصي شراء الفرس واتفقا على ثمنها اخذ عبد الاله الفرس وضمها الى خيوله العربية التي كان يعتني بها .ومن الروايات  الاخرى حدث مرة  ان أطلق احد ضباط الشرطة النار على بعض السكارى في احد ملاهي بغداد  وتبين ان الضابط كان سكرانا  فلما استجوب ادعى بأن السكارى أخذوا بسب وشتم الامير  ما حمله على ان يسكتهم برصاص مسدسه..  ولما تبين كذب ادعاء هذا الضابط وان الحادث لايعدو ان يكون قضية خمر ونساء  بعث الامير في طلبه واستجوبه بنفسه ولما انتهى الضابط من حديثه  قال الامير "  اسمع يابني  انا اعرف بأنني مكروه منهم  ولو أردت ان آمر باطلاق النار على كل من يكرهني ويسبني  لاستنفد رصاص رجال الشرطة كافة".ورغم ان عبد الاله كان مكروها  الا انه كان متسامحا ورؤفا مع الفقراء ويقال ان الملك فيصل الثاني والامير عبد الاله واثناء دخولهما مبنى سباق الخيل في منطقة المنصور وتوجههما للجلوس في المقصورة المخصصة لهما اعترضهما شحاذ تعود ان  يكرمة عبد الاله ماتجود به نفسه لكن الامير عبد الاله لم يلتفت اليه في ذلك اليوم  فصرخ الشحاذ قائلا " سيدنا شنو هاي جيبك اليوم فارغ " فضحك الامير عبد الاله واخرج من جيبه مبلغا من المال واعطاه له .
ومن الحكايات التي تدلل على مستوى التسامح الذي يتحلى به افراد العائلة الحاكمة يقال انه واثناء حضور الملك فيصل الثاني والامير عبد الاله ورئيس الوزراء نوري سعيد وعدد من الوزراء احتفالية اقيمت في قاعة الملك فيصل " قاعة الشعب " الواقعة في منطقة الباب المعظم كان من ضمن فقرات الاحتفالية  القاء قصيدة من قبل الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري وما ان بدأ الجواهري بالقاء قصيدته وكانت مفرداتها تتضمن نقدا لاذعا للاسرة الملكية حتى خرج الملك والامير ورئيس الوزراء من القاعة ممتعضين لكنهما لم يتخذا اي اجراء صارم بحق الشاعر الجواهري .. ويقول شخص مقرب من الامير عبد الاله " في احد الايام وبينما كان الامير عبد الاله يسوق سيارته المكشوفة في بغداد  وكنت مرافقا له من دون اي حرس مررنا بشارع في منطقة الصالحية فمرت سيارة اجرة  بجانبنا  تحمل عددا من النسوة بعباءاتهن فعرفن الامير فأخذن  يزغردن .. فالتفت الامير الي وقال .. من أصدق .. اصدقهن  ام أصدق راديو صوت العرب " وكانت اذاعة صوت العرب من القاهرة تشن حربا دعائية هائجة ضد الامير عبد الاله ونظام الحكم الملكي في العراق في ذلك الوقت "
ومهما قيل عن الامير عبد الاله فقد يتساءل  البعض وخصوصا ابناء الجيل الجديد الذين يتعطشون اليوم لقراءة  تاريخهم  القءصيصسريب .. هل كان الامير عبد الاله يستحق فعلا تلك النهاية المأساوية عندما قتل شر قتلة وسحلت جثته في شوارع بغداد ومثل بها ومزقت اوصالها وعلقت في اكثر من مكان بعد ان نالتها السكاكين وقطعتها اربا اربا ..وهل يستحق ذلك الانسان ان تقطع اعضاءه  .. وستبقى الاجيال  القادمة في المستقبل تبحث عن بدائل مخفية لقناعات ترسخت في الاذهان على امتداد القرن العشرين عن رجال وساسة ربما شوهت سمعتهم ونيل من سلوكهم وتفكيرهم لاسباب سياسية لاتمت للحقيقة التاريخية بصلة .