إغتيال بسلاح عربي!
       عملية إغتيال السفير الروسي في تركيا "أندريه كارلوف" جاءت رداً على الدور الروسي البارز في عودة حلب إلى سلطة الدولة, هكذا فُسّر الأمر. بيد أنّ فحصاً سريعاً لخريطة التمثيل الدبلوماسي الروسي, يجعل تركيا في مرتبة متأخرة أو يلغيها من قائمة الدول المرشّحة لهكذا عملية, فالمنطقة مليئة بالروس, أفراد وجماعات, وليست مصر, سوريا, لبنان, العراق, وغيرها, أفضل أمناً من تركيا. فالعملية ليست إنتقاماً بقدر ما هي سيناريو لتحقيق مكاسب, مع عدم إغفال الجانب الثأري.
من الواضح أنّ تركيا اليوم, ليست تركيا الطامحة بإحياء الخلافة, والتي نشطت قبيل الأزمة السورية وتحديات مساندتها  لقطر بمشروع إمداد أوربا بالغاز عبر سوريا. وقد تكون أول دولة تكتشف حماقة الإتكال على التنظيمات المسلحة للعبث بشؤون دول المنطقة, ولم تتوقف عند حد الإكتشاف؛ إنما ذهبت بعيداً عندما جلست مع محور آخر, وأدارت ظهرها لإصدقائها الخليجيين.. من أوجه التقارب الذي ربما يتطوّر إلى حلف جديد, هو أنّ موسكو تشهد اليوم 20/كانون الأول/2016 إجتماعاً مشتركاً يضم وزراء دفاع كل من: روسيا, إيران, تركيا. وهو يكمل حلقة الإجتماعات السابقة.
ليس خافياً الدور التركي في عملية إجلاء المسلحين من حلب السورية, وبالتالي سيؤسس إجتماع اليوم لحالات ممثالة, تماشياً مع تسوية الأزمة السورية. ولهذا معنى كبير, إذ أنّ الأتراك الذين تماهوا مع الرغبة الخليجية في مواطن مختلفة, يتقاطعون اليوم مع تلك الرغبة ويعملون على تقويض المشروع الخليجي الذي يخضع هو الآخر لصراع (سعودي-قطري), فضلاً عن إستئثارهم بمقعد التمثيل كمحرّك فعلي للمعارضة السورية.
إدارة ترامب المرتقبة بالغت في إظهار إمتعاضها من المملكة العربية السعودية التي تتزعم دول الخليج, ومع ترجيح سيناريو الإنضمام التركي لحلف (موسكو-طهران)؛ تبقى الدول الخليجية معرّضة لخطر وجود, لذا فهي لن تقف صامتة حيال تبدّل موقف أنقرة. ويبدو أنّ اللعب على التظيمات المسلحة, وفّر لها أدوات في الداخل التركي.. لا شك أنّ تركيا تتحمّل مسؤولية غض النظر عن حالات التطرف والنزعة العنفية التي سادت اللهجة السياسية طيلة السنوات الستة المنصرمة, خالقة بذلك جيلاً من المستعدين للقتل والإنتحار.
 الأطراف السورية لن تربح كثيراً من إستفزاز روسيا, فضلاً عن سطوة تركيا -نتيجة لعدة عوامل- على المعارضة السورية, كما أنّ الإحتمال بدور للحكومة التركية بحادثة إغتيال السفير أقرب للخيال, وليس لإحدٍ مصلحة سوى من يرغب بعرقلة تطور العلاقات (الروسية-التركية) وربما كان لإجتماع موسكو اليوم, دوراً كبيراً في إختيار توقيت العملية, طمعاً في التأثير على أجواء المحادثات؛ علها تكون الخطوة الأولى في معاقبة أنقرة, وإرغام روسيا على إجراءات جارحة لكرامة أردوغان, لتكون المحصلة النهائية: جولة جديدة من الحرب في سوريا!.. لا أحد يصرّ على البقاء في زمن مضى سوى العرب, فالمنطقة سلكت طريقاً آخر غير الحرب.