هل سيلاحق الشعب نوري المالكي كما لاحق صدام حسين؟ 2-2 |
إن رئيس الوزراء المستبد بأمره قد أزيح عن السلطة في العام 2014 بعد نكبة نينوى، بعد أن أصبح مؤذياً للمرجعية الشيعية بالنجف وللأحزاب الإسلامية السياسية، فوضع في مكانه عضو في قيادة حزبه، حزب الدعوة الإسلامية. إلا إن المالكي لم يستطيع تحمل هذه الإزاحة والإهانة، فصلافته لا حدود لها، إذ أنه يسعى، ومنذ أشهر، للعودة إلى قيادة السلطة وبدعم كبير من إيران. لقد ساعد كل من رئيس الوزراء الحالي ورئيس مجلس القضاء الأعلى في عودة هذا الرجل إلى وظيفته كنائب لرئيس الجمهورية وإلى التحرك النشط، بعد إزاحته منها. فقرار الإزاحة تم بقرار من رئيس الوزراء دون عرضه على مجلس النواب، وكان العبادي يعرف إن مثل هذا القرار الفردي يمكن أن يعيده إلى منصبه، ولم يجرأ على عرض القرار ابتداءً على مجلس النواب، كما أن رئيس مجلس القضاء الأعلى، العاشق المتيم بفكر وممارسات المستبد بأمره، كما تبدو كل مواقفه، أعاده بقرار من المحكمة الاتحادية إلى منصبه السابق، فبدأ بتحركه الجديد المشبوه والمضر. يبدو أنه اعتقد بأن الشعب، رغم قصر ذاكرته، نسى ما تسببت به سياساته من موت وخراب ودمار وفساد وإرهاب. ولهذا تحرك صوب إقليم كردستان ليلتقي بقيادات الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير ليزيد من توتر العلاقات بين هذين الحزبين والحزب الديمقراطي الكردستاني ويدفع بها إلى القطيعة النهائية، بعكس المحاولات الأخرى لحل المشكلات بالطرق الدستورية والحكمة ومصلحة العشب. وقدم للحزبين وعوداً بالخير العميم، ووعوده، كما تعود الشعب عليها: "مواعيد عرقوب لها مثلاً وما مواعيده إلا الأباطيل"، إذ ما يزال الشعب يتذكر طلبه مهلة 100 يوم ليصلح كل شيء بعد مظاهرات 2011، ولكنه غاص في مستنقع الطائفية وتخريب العلاقات والاعتقالات الكيفية والتعذيب وغير ذلك. ثم أرسل عضوة حزبه والنائبة في مجلس النواب عن قائمته، حنان الفتلاوي، لتزيد من حدة التوتر وتنشط الخلافات وتلقي بالمزيد من الحطب والزيت على النار المشتعلة! وهذه الزيارات جزء من خطة إيرانية تهدف إلى تعميق الصراع في إقليم كردستان، وخلق أجواء تساعد على البدء بالتهيئة الفعلية لعودة المالكي إلى السلطة!!! ثم قام أخيراً المستبد بأمره بزيارة إلى الناصرية والعمارة والبصرة. وجوبه بالناصرية بمظاهرات حاشدة لم يتوقعها تتهمه بـ "راعي الفساد" والتسبب بمقتل 1700 مواطن مجند في معسكر سپايكر. أما زيارة المالكي للعمارة، فقد انتهت كسابقتها. فقد طوق المتظاهرون الفندق الذي نزل فيه نوري المالكي، موجين له سلسلة من الاتهامات كالوقوف وراء الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية المتعاقبة بالبلاد، وهم يؤكدون إسهامه الكبير بإذكاء "نار الفتنة" بين فئات الشعب بسبب اتباعه سياسات "طائفية" فاقمت الأوضاع تدهوراً، ويشيرون إلى أن المحافظات العراقية المختلفة لا تزال ترزح تحت نير "الارث السيء للمالكي".أما زيارته للبصرة، إذ كان يعتقد جازماً، وهو المصاب، كما يبدو، بالنرجسية المرضية، بأنه سيقابل بالورود والرياحين والتسبيح والتكبير بحمده من جانب أهل البصرة الفيحاء. وإذا به يفاجأ بحشود المتظاهرين وهم يهتفون "ملعون المالكي"، و "تبقى المحافظات حرة والمالكي يطلع برة". وما كان من أحد أعوانه إلا توجيه مسدسه صوب الجماهير المحتجة على وجود المالكي بالبصرة.كم كان محقاً السيد علي حسين في عموده الثامن ابزم 11/12/2016 حين كتب عن تحدي أزلام رئيس الوزراء السابق ما يلي: "إذن لا بد أن يكون الخزاعي في خدمة نوري المالكي، وحزب الدعوة أيضا مناصراً لـ "فخامته"، هذه ببساطة النتيجة الوحيدة التي تخرج بها بعد مشاهدتك للفديو الذي يقوم به عرّاب المصالحة الوطنية ومُنظّرها عامر الخزاعي وهو يشهر مسدسه في وجوه المتظاهرين. وفي هذا المشهد والحمد لله – أطلّ علينا حزب الدعوة مستفزّاً ليشتم المتظاهرين، ويصفهم بالخارجين على القانون ويحذرهم من أنّ أمينه العام سيقوم بصولة قانون جديدة، بعد أن يجلس على كرسيّ رئاسة الوزراء قريباً، ..."!!!هل عرف الشعب العراقي أخيراً ما تمارسه قوات الحشد الشعبي من أعضاء المليشيات الطائفية المسلحة، وبمشاركة بعض فصائل الجيش العراقي المتسمة بالتمييز الديني والطائفي، من هدم وجرف للبيوت ومناطق سكن المسيحيين وكنائسهم في شمال العراق، بهدف منعهم من العودة إلى مناطق سكناهم. وهذا الفعل الإجرامي استكمال لما قامت به عصابات داعش بطرد المسيحيين أو قتلهم وتشريدهم، وما قامت به قيادة المجلس الإسلامي الأعلى بشراء دور سكن واراضي زراعية في برطلة بأسماء من الشبك الشيعة وبأموال إيرانية سخية تدفع لصاحب الدار المسيحي الفقير، وهي شبيهة بما كان يقوم به الصهاينة في شراء دور سكن الفلسطينيين من مسلمين ومسيحيين بدفع مبالغ طائلة لهم مقابل ذلك. إنها جريمة جديدة ترتكب بحق مسيحيي العراق من جانب المليشيات الطائفية الشيعية المسلحة الملتحقة والمكونة للهيكل العظمي للحشد الشعبي وبقيادة قاسم سليماني الموجود حالياً بالعراق ويقود هذا الحشد، والذي قال نوري المالكي إنه المؤسس لهذا الحشد وقبل دعوة المرجعية لوجوب "الجهاد الكفائي"!لم يدرك هذا المستبد بأمره حتى الآن ما ارتكبه من بشاعات بحق هذا الشعب المستباح الذي ما يزال يخوض حرباً مريرة ضد عصابات داعش والتي يقدم فيها أغلى التضحيات، سواء أكانت من القوات المسلحة أم قوات الپيشمرگة أو من المتطوعين، إضافة إلى الخسائر المادية والحضارية التي لحقت وما تزال بالمنطقة وبالثقافة والتراث العراقي الأصيل، كما لم يدرك عظم المعاناة والمرارة التي تواجه جميع النازحات والنازحين والمهجرات والمهجرين قسراً عن مناطق سكناهم، ولاسيما معاناة الأطفال والصبية والشباب. والغريب بالأمر أن المستبد بأمره حرك أزلامه ليشنوا حملة دعائية وقحة ضد الشخصية الثقافية الديمقراطية والناشط المدني والاجتماعي والكاتب الأستاذ على حسين محرر العمود الثامن في جريدة المدى، بسبب نقده الواقعي والموضوعي لسياسات نوري المالكي الطائفية والمصائب التي تسبب بها للعراق وشعبه. وقد ساهم هذا الموقف في الكشف عن طبيعة المجموعة التي لا يهمها رأي الشعب وهمومه ومشكلاته، بل المهم عندهم وعند سيدهم الهيمنة على ما يمكن الوصول إليه بالعراق المنهوب والمنكوب بهم وبغيرهم من الحكام الحاليين!!! وكما قال أبو تمام حبيب بن أوس بن حارث الطائي (788 – 845م):إن لم تخـش عاقــبـة اللـيالي ولم تستح فافعـل ما تشاءأثق بأن الشعب العراقي سوف لن ينسى محاسبة رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الجمهورية الحالي، وسوف لن ينسى من حاول تبييض الصفحة البائسة لهذا الشخص، ومحاولة إعادة تسويقه، والعواقب الوخيمة التي تسبب بها خلال سنوات حكمه وما بعدها. إن الشعب العراقي يمهل ولا يهمل، وسيبقى يلاحق رئيس الوزراء السابق كما لاحق المجرم صدام حسين، وإذا كان الأول قد حكم عليه بالإعدام شنقاً، وكنت ضد قرار الإعدام، أتمنى أن يحاكم نوري المالكي بعدالة وأن يتلقى عقابه العادل من قضاء عراقي يتمتع بالاستقلالية والنزاهة واحترام القانون، وأتمنى ألّا تكون عقوبته الإعدام، بل الحبس مدى الحياة، إن ثبتت التهم الكبيرة الموجهة له، وتقرير لجنة مجلس النواب عن التحقيق في أحداث الموصل، بأمل أن تتجسد أمامه، وهو في السجن، ما تسبب به لهذا الشعب الأبي والمستباح حتى الآن!!!
|