قتلوا السفير الروسي .. فتحققت نبوءة ألأسد..!



 قبل ثلاثة سنوات من مقتل السفير الروسي "أندرية كارلوف" في أنقره، تنبأ "بشار الأسد" أمام أحد الصحف الغربية، بعدما سألوه عن منحى العلاقة بين تركيا والإرهاب، فقال "إن من يضع عقرباً في جيبه، عليه أن يتوقع بأنها ستلدغه يوم ما..!" طوال تلك السنوات، وجيوب تركيا يملأها الإرهاب، ولعله جاء الوقت الذي تحققت به نبوءة الأسد، وظهر العقرب المسموم بعصارة الإرهاب، ليلدغ أردوكان، ويقتل السفير الروسي بنفس الوقت.

"أردوكان" صاحب مشروع الخلافة الإسلامية في دول المنطقة، ترجل عن عرشه، وعظيم أحلامه..! وذهب يقبل أعتاب الشعب الروسي، وكتب رسالة الإعتذار باللغة الروسية، وتنصل حتى عن لغته الرسمية، في حادثة تحطم الطائرة الروسية في تركيا، وكانت تلك الحادثة، بداية التقارب، الذي أذعن له أردوكان لروسيا، فبأي لغة سيكتب رسائل الإعتذار هذه المرة؟ وبأي صورة سيذهب لهم؟ وما هي التنازلات التي سيقدمها..؟ ثمن روح السفير "كارولوف"

"أندريه كارلوف" المقتول برصاصات أحد رجال الأمن التركية، لم يكن مقتله كردة فعل، عن تعامل الحكومة الروسية مع الوضع السوري، أو لتحالفها مع الأسد أو لما حدث في حلب مؤخراً، كما تصور الجميع، من صرخات القاتل حول جثة الضحية، بعبارات تدعو الى الثأر، وإلا لكان أردوكان الهدف الأنسب والأقرب، كونه يستعد عبر حكومته، للمشاركة في بعض المؤتمرات، التي تدعو الى تحجيم وتشخيص، والقضاء على المجموعات الإرهابية في سوريا وحلب.

إختيار القاتل لضحيته، أكبر من هدف الثأر وردة الفعل، "كارلوف" لم يكن سفير روسيا لدى تركيا وينتهي الأمر، أي موظف يعمل ضمن إطر حكومية، حاله حال باقي السفراء، بل يتعدى الى أكبر من ذلك المفهوم، حيث تعتبر هذا الشخص، "عراب" وصانع التقارب ( التركي- الروسي)، لما يمتلكه من خبرة في هذا المجال، ويعتبر الرجل الأول في طرح دبلوماسية حل الأزمة السورية في حلب، حيث كانت عملية إخراج المسلحين، وإخلاء الأهالي تدار من تركيا، من خلاله، وبإتصالات مكثفة بين روسيا وتركيا.

تركيا ليست بالسياسي المتخبط، الى درجة قتل السفير الروسي، وبهذه الطريقة، وأمام شاشات التلفاز، كونها على يقين بأنها ستكون هي الخاسر الأول والوحيد، فإذا ما كلف ثمن الطائرة الروسية المحطمة في تركيا،كبرياء الرئيس التركي، فماذا بقي من ذلك الكبرياء ليقدمه الآن؟ من جانب أخر، إذا ما قامت روسيا بغلق سفارتها في تركيا، سيكلف تركيا الاكثر، لعدم قدرة تركيا على حماية الدبلوماسيين الأجانب، وهذا ما يؤثر سلبا على أمنها، وإقتصادها الإستثماري العالمي ..!.

تركيا اليوم ظهرت بالموقف المخجل، الذي لا تحسد عليه، إذا ترى منظومتها الأمنية مخترقة، بهذا الشكل والقريب من المناصب والمواقع الحساسة بالدولة، الأمر الذي نسف جميع مواثيقها ومؤتمراتها وتعاونها مع الدول الإقليمية والغربية، في قضايا مكافحة الجريمة والإرهاب، خصوصاً وأن السيد "مولود جاويش"وزير الخارجية التركي، كان يستعد في وقت الجريمة، لرحلة المشاركة في إجتماع ثلاثي مع نظيريه الروسي والإيراني في موسكو، لوضع أساسيات مكافحة الجماعات الإرهابية في سوريا، كما وعليها التعامل مع القاعدة الشعبية التي خرج منها القاتل والمتغلغلة بالدولة، والرافضة للتقارب بينها وبين روسيا.

الجانب الروسي، هو المستفيد الأول مما حدث، على رغم من فقدانهم إحدى شخصياتهم السياسية، ولكن هذا ما يجعلهم في المكان الأقوى، خاصة وإنها قد تخلصت من عنجهية أردوكان وأحلامه الوردية، وليس بالمستبعد أن يوقع الأخير على ورقة بيضاء، لتملي روسيا شروطها فيما بعد، وقد تشهد الأيام المقبلة، تقارب أكثر وإتصالات مكثفة بين الطرفين، وليس على تركيا إلا الإذعان لروسيا تلافيا لتبعات الحادثة، الأمر الذي يجعل روسيا في دائرة الإتهام الغير موجه، بأن تكون هي الجاني والمجني عليه بنفس الوقت.

نهاية المطاف؛ قد تكون تداعيات تلك الحادثة، بأن تشهد تعاون دولي بشكل عام، و(تركي _روسي) بشكل خاص، والذي سيوجه بكل جدية الى محاربة خلايا الإرهاب في الدولة التركية، ومن جهة أُخرى قد نشهد تخلي الجانب التركي عن الحواضن الإرهابية التي يقودها، والتي ستكلفه الكثير من التنازلات الى الجانب الروسي مستقبلاً، وبكلتا الحالتين؛ ستكون حادثة إغتيال السفير، بداية أُخرى لتحجيم الإرهاب في المنطقة، والتخلص منه، وبذلك تكون دول المنطقة، بما فيهم العراق وسوريا، هما المستفيد الثاني من تلك الحادثة.