ألفرق بين الموازنة والميزانية

يحدث عند الكثير التباس وخلط بين مفهوم الموازنة والميزانية ووددت توضيح الفرق بينهما بشكل مُبّسط, فالموازنة في أبسط تعاريفها هي (الخُطة المالية التي تضعها الدولة كمنهاج للسيرعليه في العام المُقبل في تحديد كافة تفاصيل نفقاتها المالية)، وغالباً ما يتم إصدارها بقانون رسمي من قبل السلطة التشريعية في بداية كل عام ولايمكن تنفيذها على أرض الواقع الا بعد صدور القانون الخاص بها, أي انها خُطّة مستقلبيّة للعام القادم وتتضمن أرقام تخمينية لكافة النفقات والمصاريف والأموال التي تحتاجها جميع وزارات ومؤسسات الدولة للعام القادم, وطريقة إعدادها متشابهة في معظم دول العالم حيث تقوم وزارة المالية بتوجيه طلبات مبكرة الى كافة وزارات ومؤسسات الدول بإكمال توقعاتها وتخميناتها لكافة أوجه الإنفاق للعام القادم وبعد إكتمال الإجابات تقوم وزارة المالية بإعداد الموازنة العامة للبلاد بالاستعانة بكوادر متخصصة في هذا المجال بدراسة هذه التخمينات وتحليلها وجدولتها بشكل علمي دقيق وبالمقابل تقوم بجدولة كافة موارد الدولة المتوقعة للعام المقبل وفق معطيات علمية يتم تثبيتها لغرض خلق الموازنة بين هذه الواردات المتوقعة وبين حجم الإنفاق المتوقع بحيث يتم محاولة تجنب حدوث عجز بين المتغيرين.

وأرقام الموازنة دائماً تعكس بشكل دقيق سياسة الحكومة العامة وأهدافها السياسية ,فمثلاً ان حكومة بلد ما تضع من ضمن سياستها الثابتة خلق تنمية مستدامة حقيقية في جميع القطاعات الاقتصادية نرى في موازنتها تخصيصات كبيرة للمشاريع التنموية في مختلف القطاعات لتحقيق هذا الهدف الحيوي في خلق التنمية المطلوبة , ودولة أخرى تضع من ضمن استراتيجياتها الأطماع التوسعية والعدوانية نجد في موازنتها تخصيصات كبيرة للتجهيزات والأسلحة والأعتدة العسكرية لتحقيق أهدافها التوسعية, وهكذا يمكن لأي متابع متخصص أن يتعرف على سياسة واستراتيجية أي حكومة من خلال تحليل موازنتها العامة والتدقيق في تفاصيلها وأرقامها.

أما الميزانية العامة فهي (التقديرات الفعلية للنفقات المالية التي قامت الدولة بكافة وزاراتها ومؤسساتها بإنفاقها وكذلك الديون التي سدّدتها خلال عام واحد) واعدادها يكون في نهاية العام من قبل وزارة المالية بعد أن تقوم بجمع الميزانيات الفرعية لكافة مؤسسات الدولة والتي تتضمن ماأنفقته خلال العام, وتقوم بتوحيدها وتبويبها وإصدارها بدقة من قبل الكوادر المتخصصة وبعد ذلك يتم تحليلها بشكل مفصل ويمكن من خلالها أن تقوم الحكومة بتقييم أداء الوزارات والمؤسسات من خلال مدى تنفيذها لبنود وأهداف الموازنة العامة للبلاد, وكذلك يمكن من خلال تحليلها تقديم المقترحات العلمية للحكومة والتي تساعدها في اتخاذ قرارات حاسمة لمعالجة الأخطاء الحاصلة في تنفيذ الموازنة السابقة وكيف يمكن تلافيها وكذلك اتخاذ الإجراءات الصحيحة لمعالجة المشاكل الاقتصادية التي ظهرت في البلاد ووضع الحلول المناسبة لها.

إذاً هناك اختلافاً جوهريّاً بين الموازنة والميزانيّة يجب فهمه بشكل صحيح تجنباً لوقوع الخلط بينهما، فالموازنة تُقدّر تقديراً وتوضع في بداية السنة، وتُستخدم كأداة رقابيّة على العمل، وتعتمد على التخطيط الصحيح لما سيتم إنفاقه في العام المُقبل، بينما الميزانيّة تكون في نهاية العام لمعرفة ما حقّقته الموازنة من إيرادات للدولة، ومن ثمّ مقارنتها بالأهداف التي وُضعت في الموازنة، إذاً فهي سِجل مُفصَّل لما تم إنفاقه خلال العام الماضي في كافة مفاصل الدولة.