نساء عاصرنَ الأئمة وعشنَ أبداً/33 أم فروة كانت تقضي حقوق أهل المدينة
مخطئ مَنْ يحصر دور المرأة، في القضايا الأسرية الهامشية، لأنها تحتل دوراً محورياً يكمل دور الرجل، حتى وإن كان الرجل نبياً أو إماماً، فرسالة الإسلام تبلورت، بموقف من السيدة خديجة بنت خويلد، مع النبي محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، بدعوته للدين الجديد، كما لا يمكن نسيان موقف الزهراء، من الإمام علي (عليهما السلام)، ولم يقتصر دور السيدة الحوراء زينب (عليها السلام)، على رعاية الأطفال والعيال، بل إنها أشعلت ثورة كربلائية لم ولن تمحى أبداً.
سيدة من طراز خاص، يحيط بها الأئمة من كل صوب، فهي زوجة الإمام محمد الباقر، وأم الإمام جعفر الصادق، وجدة الإمام موسى الكاظم لأبيه(عليهم السلام)،وعاصرت خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وإبناه السبطين الحسن والحسين، وإبنه علي زين العابدين(عليهم السلام)،في بدايات شبابها، وروت أحاديث عنه وإتئمت به، ودعت لإحياء أمر ثورة كربلاء ضد الطغاة والمجرمين، نعم إنها السيدة الجليلة فاطمة(أم فروة)،بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، جدتها أسماء بنت عميس (رضوانه تعالى عليها).
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام:(كانت أمي ممَنْ أقنتت وأتقت وأحسنت والله يحب المحسنين)، وكانت عظيمة الشأن والمكانة، عند نساء عصرها في المدينة المنورة، وتساعد زوجها الإمام الباقر في أداء المهام الشرعية، بسبب مضايقات الأمويين له، فلقد روي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال:(كان أبي عليه السلام يبعث أمي وأم فروة، تقضيان حقوق أهل المدينة)، وهذا دليل واضح على الثقة والعلم، ومكارم الأخلاق والرفعة، التي كانت عليها هذه السيدة الجليلة، فهي أتقى نساء زمانها.
ورد ذكر هذه السيدة الفاضلة، في كتاب الكافي( ج1 ص473 )،باب مولد أبي جعفر بن محمد الصادق(عليهما السلام)، بأنها كانت مواظبة للدعاء، لشيعة أميرها علي(عليه السلام)، حيث قالت:(إني أدعو في اليوم والليلة ألف مرة، لأننا نحن فيما ينوبنا من الرزايا، نصبر على ما نعلم من الثواب، وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون)،وسيدة جليلة تدعو لشيعة أهل البيت(عليهم السلام)،فمن المؤكد أنها تدر ك حجم المعاناة، والمكابدة التي تجري عليهم، فهي قد عاصرت محنهم وجهادهم، لأجل الدين والعقيدة.
مَنْ يختارها الباريء عز وجل، لتكون زوجة لمعصومٍ باقرٍ لعلوم الأولين والآخرين، وأم لمعصومٍ صادقِ علوم آل محمد، وجدة لمعصومٍ صابرٍ كاظمٍ للغيظ (عليهم السلام أجمعين)، فإن لها صفات وميزات، تؤهلها لهذه الأمانة الكبيرة، فعندما ينتهي العمر يبقى الذكر، فكيف إذا كان هذا الوعاء المكين، يتميز بهذه الشجاعة والقوة، والإيمان والبيعة الصادقة لأهل البيت، فأبوها القاسم من ثقاة أصحاب الإمام زين العابدين، وجدها محمد ربيب أمير (المؤمنين علي عليهما السلام)، لذا منها السلام وعليها السلام.