قاهر الالمان
        
 
في ثلاثينيات القرن المنصرم وتحديدا سنة 1935 انتشر مرض الملاريا في العراق وخصوصا مناطق اعالي الفرات , وكان علاج هذا المرض في ذلك الوقت بواسطة دواء او مادة الكنين المستخرجه من اشجار الكينا التي تنمو وتتواجد في جنوب شرق اسيا , وكانت مصانع الدواء العالمية تقوم بصناعة هذا الدواء على شكلين الاول على هيئة مسحوق اصفر اللون قابل للذوبان في الماء ويعطى للأطفال والشكل الثاني على شكل اقراص ويعطى للكبار . وحدث ذات يوم ان احد الاطفال من ساكني هذه المناطق اصيب بمرض الملاريا حيث من اعراض هذا المرض الحمى او الحرارة العنيفة التي تستمر لثمانية ساعات مع قشعريرة دورية تهلك الابدان . ومع تطور المرض تصل خطورته الى فقر الدم وتضخم الطحال . فقام والد الطفل باصطحابه الى مستشفى شركة نفط العراق المسماة K 3 القريبة من مدينة حديثة والتي تدار من قبل اطباء بريطانيين و أطباء هنود . وكان هذا الطفل الوحيد الى اهله ذو الاربعة سنوات قد تدهورت حالته جدا حيث لم يستطع من تناول شراب دواء الكنين لشدة مرارته القوية حتى يأس ذويه من اقناعة بأخذ الدواء مما أصابهم باليأس والحزن الشديدين . وكان من حسن الحظ ان جاء احد الاعراب قاطني الصحراء الذي سحقته تجارب السنين الى المدينة والتقى بوالد الطفل الذي تربطه علاقة وثيقة فلما شاهدة على هذه الحال الغير طبيعية سأله عن سبب الحزن والكدر الذي لحق به فإجابة والد الطفل بان ابني الوحيد مصاب بمرض الملاريا المعروفة شعبيا بمرض ( الباردة ) فما كان من هذا الاعرابي الشهم الا وقال الى والد الطفل ان دواء طفلك عندي بإذن الله... وقال لة احضر هذا الطفل واجلب معك لباس الفروة وهي المصنوعة من جلود الاغنام حيث تعطي دفئا كبيرا للملتحف بها وقال له دعنا نذهب الى شاطئ نهر الفرات فما كان من الاب اليائس والحريص على حياة ولده الصغير إلا بالخضوع الى تعليمات وتوجيهات ذلك الاعرابي الواثق من نفسه . وكان الوقت في ذلك الحين هو اوائل شهر شباط الشديد البرودة في تلك المناطق حيث يكون ماء النهر يصل الى حد انجماد الطبقة العليا له فالتفت هذا الاعرابي الى والد الطفل قائلا ... اخلع ملابس طفلك وقم بتغطيسه بهذا الماء ثلاثة مرات ...فتعجب والد الطفل عجبا شديدا لكون الماء شديد البرودة والطفل يرتجف بشدة مع ارتفاع حرارته , وقلب الاب يعتصر حزنا على ما أل اليه حال طفله الوحيد , لكن اصرار الاعرابي ادى الى تشجع والد الطفل الذي ايقن من ان لا مفر من تقبل الفكرة بمضض حيث لا يملك لا قوة ولا حيلة لدفع هذا المرض عن ابنه الصغير , فأخذت ارجل والد الطفل بالتخطي صوب الماء المتجمد وبيده طفله الصغير الذي يرتجف من شدة الاصابة فكانت لحظات رهيبة على قلب والد الطفل . فستشحذ همته وعزمه وإرادته وقوته على تخطي هذه التجربة القاسية والمريعة والإعرابي ينظر له بعين الحازم والعازم والواثق فقام والد الطفل بتجريد طفله من جميع ملابسه وأمسكه بيديه وادخل جسمه النحيل مع رأسه وغمرة بالماء المتجمد وأخرجه فارتجف جسم الطفل المرتعش رجفه حتى كاد قلبه الصغير يخرج من بين اضلاعه الغضه واخذ يصرخ ويستغيث بأعلى صوته وقد تمسك بقوة بجسد والده من شدة الالم فكرر الاعرابي كلامه على والد الطفل بإدخاله وغمره بالماء المتجمد للمرة الثانية .... والثالثة ... حتى خرج جسد الطفل ازرق اللون من شدة برودة وتجمد الماء . وعندما انتهى من تغطيسه قال الاعرابي لوالد الطفل لف طفلك بهذه الفروة وامنع دخول الهواء علية واذهب به الى البيت وأكثر علية الغطاء وبعون الله سيشفى . فقام والد الطفل بتنفيذ ما امرة هذا الاعرابي بتغطية الطفل بالكثير من الاغطية حتى بداء العرق يتصبب منه حتى ابتلت ملابسة بعد مرور نصف ساعة وجرى تبديل ملابسة ثلاثة مرات خلال 12 ساعة . وفي اليوم التالي استيقظ الطفل مبتسما حيث زالت منه الحمى وطلب من والدته اطعامه بلذيذ الطعام . وبعد سنوات عديدة اصبح هذا الطفل رجلا كبيرا وقد تقلد الكثير من المناصب في الدولة العراقيه حتى اجهده وأتعبه كثرة العمل مما جعله يصاب بألأم شديد في الفقرات القطنية . وفي سنة 1965 قرر الذهاب الى المانيا للعلاج وإجراء الفحوصات الطبية في مستشفى لايبزش الشهيرة الواقعة في احد ضواحي برلين والمتخصصة لهذه الحالات , وكان من عادة الطب والأطباء في اوربا ان يقومون بتسجيل واخذ سيرة حياة المريض منذ طفولته فاخذ هذا المريض برواية قصة اصابته بمرض الملاريا وكيف تم شفائه عن طريق تغطسيه بالماء النهر المتجمد فتعجب الطبيب الاخصائي الالماني اشد العجب والذي كان يسجل ويدوّن هذه البيانات والمعلومات حيث لم يسمع بهذه العلاجات الغريبة من قبل , فقام على الفور باستدعاء جميع اخصائي المستشفى المذكورة وكادرها الطبي المتخصص وطلب من مريضة ان يعيد القصة التي قام بسردها قبل قليل فقام المريض بسرد قصته مع مرض الملاريا الذي اصابه بعمر اربعة سنوات وكيف قام والدة بإدخاله بماء الفرات المتجمد ثلاثة مرات وتغطيته بغطاء سميك . فتعجب وانبهر جميع الاطباء الالمان من كلام هذا المريض حتى اجمع جميع الاطباء الاختصاص الالمان المتواجدين في مستشفى لايبزش الشهيرة بان هذا التغطيس بالماء المتجمد قد اعطى ذلك الطفل مناعة طبيعيه كبيرة ورائعة ضد الامراض المعدية والانتقالية مدى الحياة .....فكانت حياة هذا الرجل الصحية خالية من الامراض المعدية حتى من ابسط الامراض مثل الرشح والزكام ... حيث كان تقرير مستشفى لايبزش عن هذا المريض كما يلي... نحن اطباء مستشفى لايبزش الالمانية نقر ونعترف اننا عاجزون عن تفسير هذه الحاله العلاجية وكيف تم علاجها بهذه الصورة وكيف تسنى لهذا الاعرابي هذا العلاج الطبيعي الذكي ...
هذا فمن الجدير بالذكر فان مستشفى لايبزش قد انشأة قبل نشوب الحرب العالمية الثانية حيث كان من المخطط لها استقبال جرحى الحرب المتوقعة في ذلك الوقت وقد شيدت هذه المستشفى تحت الارض بعمق 20 مترا او اكثير وهي مصممه على عمق 3 طوابق . اما قاعة العمليات فأنها تبعد مسافة 2 كيلومتر عن مقر المستشفى الظاهري حيث ينقل المريض بواسطة عربة الى قاعة العمليات الجراحية الكبرى . وكانت غرف المستشفى تحتوي على اربعة اسره للراقدين فيها ولا يسمح مطلقا لأي شخص يرافق المريض لان ادارة المستشفى هي التي تشرف على المريض اشرافا تاما حيث يقومون بحلاقة ذقون المرضى ويبدلون ثيابهم الداخلية والخارجية كل يوم , ومن الغريب عن هذه المستشفى كان احد المرضى الراقدين يريد ان يقضي حاجته وهو نائم على السرير فلم يرى إلا الطبيب الخافر الذي كان يتجول في القاعة فناده يا دكتور احظر لي الاناء الذي اريد ان اقضي علية حاجتي وتساعدني على ذلك فما كان من الطبيب ألا وإجابة بابتسامة الرضا وقال له انا جاهز وسوف احظر لك ذلك وبعد قليل احظر الطبيب الاناء ووضعه في المكان المخصص وبعد ان قضى المريض حاجته قام الطبيب بتنظيف هذا المريض بواسطة ورق التواليت شخصيا . ثم قام بتغطيته واشرف على نومه . ومن المفارقات التي حدثت في هذه المستشفى انة في كل يوم تقوم الممرضات بتنظيف قاعات و غرف المرضى الراقدين عدا يوم الاحد فهؤلاء الممرضات يتمتعن بالإجازة فتقوم رئيسة الممرضات بواجب هؤلاء الممرضات من قضاء حاجات المرضى وتنظيف القاعات بأكملها . فهذه هي مستشفى لايبزش الالمانية الشهيرة بأطبائها الاختصاص وطاقمها الفعال و ادارتها الفائقة ومعداتها الحديثة في ذلك الوقت وقد اذهلهم هذا الاعرابي المتحمس لدينة ووطنه وشعبة وضميره