العميل الاسرائيلي "يوسي جينو": هكذا شاركنا في العمليات في العراق وسوريا ولبنان، وهكذا قمنا بتاسيس "حزب الله" |
العراق تايمز: وكالات ليس من المعتاد ابدا على وسائل الاعلام المحلية خصوصا تلك العاملة من ذات الدول التي تنتقدها، التحدث عن أمور تعد حساسة امنيا، او تكشف تفاصيل ذات ارتباطات بالعمل الاستخباراتي والعمليات "السوداء"، التي تقوم بها حكومات العالم خلال الحروب والأزمات الدولية، لتبقى تلك وشخوصها طي الكتمان، حتى بعد عقود على انتهائها.
هذه المرة، أطلقت صحيفة إسرائيلية محلية، وفي خطوة أولى من نوعها، توجه جديد الى كشف تلك الملابسات الخفية، والتحدث بالعلن وبالأسماء، عن الشخوص الذين كان لهم صيت فيها وشاركوا ضمنها، في عدة محافل، لتبدا من قصة احد اشهر عملاء القوات الخاصة والموساد في التاريخ، والذي يعد بالنسبة للتراث العسكري في بلاده شخص كاسطورة، لما قام به من عمليات، تباينت بين بيروت وجنوب لبنان، حتى شمال العراق وبغداد.
يوسي جينو، العميل الإسرائيلي الذي خدم خلف خطوط "العدو" على الأراضي العراقية، السورية، واللبنانية كذلك وغيرها كجاسوس لصالح الموساد ضمن فرقته الخاصة المعروفة باسم "سارييت ماثكال"، حيث قام بعمليات بشكل وحيد، لم يجرؤا اقرانه على القيام بها، من ضمنها كان العيش في بغداد لمدة لم يعلنها، كمواطن عراقي، والمشاركة في العمليات العسكرية في شماله الى جانب المتمردين الاكراد حينها.
جينو الذي يتحدر من أصول شبه عراقية وشرق أوسطية، اكد شخصيا للصحيفة، بانه تعرض الى التمييز العنصري منذ انضمامه "بالخطا" الى وحدات القوات الخاصة، خلال حروب الستينات مع القوات العربية، حيث هوجم واهين لعدة مرات من قبل قادته وزملائه، لكونه "فرينك"، وهي كلمة إسرائيلي يشار بها الى الإسرائيليين اليهود من ذوي الأصول الشرق أوسطية، وتستخدم كاهانة لهم.
رغم ذلك، فان جينو، لم يتوقع ان يؤول به المطاف الى ما هو عليه اليوم، بعد خدمة استمرت لثلاث عقود ضمن عمليات استخباراتية لم يجرؤا اخرون من اقرانه على القيام بها، ليقوم بها وحيدا، على حد تعبير الصحيفة، حيث عاش على حد وصفه، اكثر من 18 حياة مختلفة في بلدان اجنبية عديدة، بغية الحصول على المعلومات، متفاجا من انه خرج من كل تلك المهام حيا.
من تلك المهام التي نفذها جينو، وقبله والده، الذي كان يعمل ضمن الموساد أيضا، هي تجهيز المتمردين الاكراد بجسر جوي منذ أيام مصطفى برزاني، يتضمن الجسر أسلحة ومعدات، وكذلك قوات خاصة إسرائيلية، كان جينو من يعدها، في حرب الاكراد ضد العراق وأبناء جيشه.
العميل السابق يستذكر بعض تلك المهمات التي شارك بها وتحولت الى ظاهرة معروفة عالميا، اكثر ما ذكره اثارة، هو ما أورده عن ارتباطه بــ "حزب الله"، حيث اكد قائلا "ما يحصل مع حزب الله يثير في الجنون، فنحن من انشا حزب الله لنستخدمه كاداة لنا ضد الفلسطينيين في لبنان، فبعد كل شيء، نحن من اعطاهم، السلاح ليكونوا كيانهم، لكنني لن اتحدث مباشرة عن العلاقات التي تربطني بحزب الله، الا اذا قراتهم ربما بعد عشرة سنوات من الان، مذكراتي مطبوعة ومنشورة، كل ما استطيع تأكيده، ان من في إسرائيل يدينون بالشكر للمسلمين الذين قاتلوا في الجيش الجنوبي اللبناني".
حديث الجاسوس الإسرائيلي يؤكده ان حالة التشرد التي عاشها بعد ان فقد ماله بسبب سياسيات إسرائيل، التي رفضت منحه إجازة فتح مطعم، ثم هدمت مطعمه الذي افتتحه لعدم حصوله على رخصة، دفعت به الى التوجه نحو اقصى الأراضي الإسرائيلي اللبنانية، حيث أعاد افتتاح مزرعة قديمة، ووظف فيها جنودا سابقين من قوات الجيش اللبناني الجنوبي فقط، ممن يقول بان لهم تاريخا معه، وقد قاتلوا الى جانبه لإنقاذ بلاده، ويؤكد للاسرائيليين، بان لولا هؤلاء "الشجعان"، لما كان لإسرائيل وجود. ممن كان بعضهم منظم الى حزب الله، وما زال للكثير منهم صلاة قرابة ونسابة لأعضاء بارزين فيه.
العميل تابع بالتأكيد على ان الوضع في الشرق الأوسط جنوني، وقد تحول باطنه الى خارجه وبالعكس، قائلا بان الامر بالنسبة الى حزب الله، انه سينتهي قريبا، دون إعطاء أي تفاصيل إضافية عن تصريحه الخطير غير المدعوم بالادلة المادية، في الوقت الذي رفض فيه ان يقدم أي منها، رغم تأكيده على امتلاكها، وانه سيقوم بنشرها حالما يحين "الوقت المناسب".
حياة جينو بالنسبة الى إسرائيل انتهت بعد ان تحول الى عميل منبوذ وشبه مطرود، بسبب شبهات فساد اداري طالته بعد ارتباطه بحزب الليكود الإسرائيلي، حيث علق على الامر بشكل ساخر متحدثا عن ان "البقشيش" والتي لفظها باللغة العربية، انقذته من عدة مواقف منها ما كان سيؤدي به الى الإعدام خلال مهامه في أراض عربية، حيث اعتبر الرشى سيدة الحوار والواجب، ولولاها لكان الان في خبر كان، حيث يعيش الان في ارض بعيدة جدا مع اقرانه من اللبنانيين الذين خدموا في الجيش الجنوبي اللبناني، ويستعد بشكل او باخر، لكشف كل أوراق التفاصيل السرية حول تاريخ إسرائيل وبضعة منظمات عربية حكومية ودينية، ربما في عملية انتقامية أخيرة من البلاد التي خدمها ثم رمته على الحدود ليتشرد.
حالة التشرد التي اصابته، عاشها بعد ان فقد المطعم الذي استثمر فيه كل ما يمتلك من مال، في الوقت الذي لا يحصل فيه على أي راتب تقاعدي من الجيش، او الخدمات السرية "الموساد والسارييت"، الإسرائيلية، لما وصفه بانه فعل "احمق" منه، حيث لم يدخر لكبر سنه، في الوقت الذي وعدته الحكومة الإسرائيلية بانها ستعتني به ثم تخلت عنه مرتين.. ليقاسي الامرين.
القوات الامريكية ممن كانوا يعرفوني شخصيا، جينو متحدثا، عرضوا علي ان اعود الى العراق معهم لاعمل كمترجم ضمن القوات الامريكية، خصوصا بعد ان عرفوا بان البلاد التي خدمتها لسنوات، قد تخلت عني ونستني، لاذهب الى العراق واخدم القوات الامريكية لمدة عام ونصف العام، مقابل الوعد بالحصول على الجواز الأمريكي والبطاقة الخضراء، ذلك الوعد لم ينفذ على غرار وعود إسرائيل، حيث طلب مني ان اعمل في داخل الولايات المتحدة، كمستجوب للسجناء العراقيين، لكني لا امتلك القوة لاعذب عراقيا، ولهذا رفضت وتم رميي أيضا للمرة الثالثة.
عند سؤاله أيضا عن علاقته مع العرب، اكد بان يحب العرب من كل الدول التي زارها، وخصوصا السوريين، وان له أصدقاء الى الان من العراق وحتى لبنان، على الجانب الاخر من الحدود، وفي داخل حدود إسرائيل ممن يعاونه بعضهم في إعادة بناء المزرعة، ليؤكد بان الحرب التي خاضها، لم تكن حربا ضد العرب، فهو من أصول عربية أيضا، وسليل لاحد شيوخ العشائر من منطقة "الجليل"، انما هي حرب ضد 15.000 الى 20.000 عربي متعصب، ممن يريدون رميه وعائلته في البحر لمجرد انهم يهود، اما بقية العرب، فقد اكد انهم يعانون تحت سلطات قمعية، كان لقيام معظمها، دور إسرائيلي، مؤكدا بان السلام مع السكان العرب امر حتمي وسيعود في النهاية، محدثا محاوره "ساقود سيارتي المحطمة وانت فيها نحو دمشق كما كنا أيام السلام"، متابعا "أولئك الناس يريدون سلاما حقيقيا، لا ان تاتي انت بسيارتك الفارهة وطعامك الملئ بالدسم وتلوث جمال ارض وسماء سوريا".
اختتم العميل المشرد كلامه، هذه الحروب ستنتهي مع جيلنا، الأجيال القادمة قد اكتفت من الدماء والنزاع وستحقق السلم، اكبر خطا ارتكبته الحكومة الإسرائيلية، انها لم تتحدث الى العرب كفاية، لو تحدثت اليهم لما تحولت المنطقة الى ما هي عليه اليوم.
في النهاية، فان اعترافات العميل المنبوذ هي مجرد حديث شخص تخلت عنه بلاده بعد ان خدمها لمدة ثلاث عقود، وقد تكون مجرد حديث مدفوع بمرارة للانتقام من الحكومة التي تركته، لكن ذلك سيتحول الى امر جلل، اذا ما حقق ما وعد به فعلا، ونشر مذكراته التي قال بان فيها من التفاصيل والأرقام والاسماء، ما يثبت كلامه تماما، ويورط حكومة إسرائيل في افتعال الكثير من مشاكل الشرق الأوسط، بل والعمل على عزل إسرائيل عن محيطها، الى الدرجة التي حولتها الى دولة منبوذة ربما على مستوى عالمي وليس إقليمي فقط، مؤكدا، بان العرب أصدقائه، وزملائه، ومنهم العديد ممن قاتل الى جانبه خلال الحروب العديدة التي حصلت عبر القرن الماضي، لتكون تفاصيل ما يتحدث به جينو، مجرد اكداس كلمات أخرى تدعم ما قد يعمله الجميع حول الدور الإسرائيلي في المنطقة، وما يفتقر الى التفاصيل والأدلة.
جينو الان قد فقد الاتصال به عبر الصحيفة التي نشرت التقرير واختفى بشكل غامض، حيث يعود تاريخ هذه المقابلة الى عام 2006، ونشرتها الصحيفة لبيان ان اختفاء جينو، قد لا يكون مصادفة او عمل شخصي.
. |