مات الفنان التشكيلي حميد العطار في الغربة أيضاً!! |
في يوم 21/12/2016 مات صديق الطفولة والصبا والشباب، مات الفنان التشكيلي والمحامي، مات ابن أخي حميد مجيد حبيب العطار، مات في الغربة وحيداً في وسط العشرات من لوحاته الزيتية الكبيرة ومجموعة من أعمال الجبس التي احتلت حتى فراش نومه ومقعد جلوسه أمام شاشة التلفزيون والحمام والمطبخ في فوضى لا مثيل لها، مات في شقته الصغيرة بضواحي لندن. عثر عليه، من أقرباء وأصدقاء لنا هم الدكتور محمد الموسوي والدكتور مرتضى الموسوي والدكتورة باسمة الموسوي، ميتاً في شقته صباح يوم الأربعاء المصادف في 22/12/2016، بعد أن تغيب عن حضور لقاءاته اليومية مع مجموعة من العراقيين أصدقاء الغربة القسرية بعيداً عن الأهل والأحبة والأصدقاء، بعيداً عن الوطن الذي أحبه وأُجبر على مغادرته أكثر من مرة منذ العام 1963 إلى برلين، ومن ثم في العام 1980، وهي المرة الأخيرة التي تنقل فيها بين دمشق وبيروت والقاهرة ولندن، حيث كانت مستقره الأخير. وكان الوطن ومصائب الوطن هاجسه الدائم وشغله الشاغل في كل أعماله التشكيلية المتراكمة في الشقة التي عاش فيها كأي فنان بوهيمي. منذ ما يقرب من عشر سنوات بعد أن كف عن الرسم واعتزل الحياة الواقعية الفعلية، بعد أن أصيب بمرض الكآبة والشعور الدائم بالوحدة، وخضع لرغبة ملحة في اقتناء الأعمال الفنية الصغيرة من محلات بيع الأنتيكة والأسواق الخيرية التي تراكمت بالعشرات في شقته الصغيرة، إذ لم يعد يهتم بمأكله ومشربه، ولكنه حافظ على رشاقته ووسامته ونظافة ملبسه حتى اللحظة الأخيرة. ولد حميد في 2/2/1933 بمدينة كربلاء ودرس الابتدائية والثانوية فيها، ثم أكمل دراسته العالية في كلية الحقوق في الخمسينيات من القرن العشرين. من زملاء الدراسة المتوسطة والثانوية الكاتب والشاعر والطبيب الدكتور صباح جمال الدين. كان فناناً بالفطرة، ثم درس الفن في كلية الحقوق على يد الفنان التشكيلي القدير من الرواد الأوائل عطا صبري. وكان من زملاء وأصدقاء ومعارف حميد العطار مجموعة من الفنانين المبدعين، منهم كاظم حيدر ومحمد مهر الدين وعيدان الشيخلي وفيصل لعيبي وعشرات آخرين من خيرة فناني العراق التشكيليين. شارك في الكثير من المعارض الفنية التشكيلية بالعراق وفي الخارج، وآخر معرض مشترك له كان بمدينة لندن قبل عدة سنوات. عرف حميد العطار في بداية حياته الفنية برسم الأسواق البغدادية والطبيعة. وكنت أحتفظ بداري ببغداد بمجموعة من لوحاته الجميلة، بما فيها لوحة الخريف، إلى جانب لوحات أخرى لفنانين آخرين، التي صودرت كلها من قبل جهاز الأمن البعثي في بداية العام 1979 ببغداد، بعد أن صودر البيت أيضاً. الذكرى الطيبة للعزيز الغالي، للفقيد الحبيب حميد العطار |