كنائس المسيح تعزف الحان الوطن |
العراق؛ وطن الاقوام الاولى, والاديان السامية, وموطن الشعوب ذات الجذور الحضارية والثقافية, المتأصلة في عمق التاريخ, الذي يمتد الى الاف السنين, حيث معرفة الكتابة, ومنطلق الانبياء, ومهبط الرسالات, عاش ابنائه منذ الازل متآلفين, لم يفرقهم الدين والقوم والعرق, فلا فرق بين مسيحي ومسلم, ولا عربي وكردي, فالمسجد والكنيسة عنوان للعراق. عائلة السيد "أبا لينا" من العائلات المسيحية الكريمة, التي عاشت في كنف مدينة السماوة, قرابة اربعين عام, وصل المدينة والدهم قادماً من بعشيقة, كونه موظفاً في احدى الدوائر الحكومية, سكن "القشلة" احدى ضواحي المحافظة القديمة, جاور اهلها, وشاركهم مناسباتهم في السراء والضراء, انجب ثلاثة من الاولاد, لم يجبرهم على شيء, ولم يقيدهم بعلاقاتهم الاجتماعية, حتى اضحت الاسرة منسجمة مع الاخرين. ما جعل السماويون يرتبطون بالسيد "أبا لينا" اكثر, مشاركته معهم في طقوسهم الدينية, وسفره المتكرر مع الاهالي الى زيارة العتبات المقدسة, في احدى السنوات استيقظ ابناء القشلة, يوم العاشر من محرم, تفاجئوا بان عائلة الرجل المسيحي, تقوم بتوزيع احدى المأكولات, التي تطبخ يوم العاشر من شهر محرم, واستمرت تلك العائلة على هذا الحال, ما يعكس احترامها لطقوس من تعيش معهم. عندما قررت عائلة "أبا لينا, السماوية العودة الى ديار الاهل والمسقط عام 2006, كان يوم مغادرتهم ليس كبقية الايام على ابناء المنطقة, فتجمع الرجال والنساء لتوديع تلك الاسرة, التي احبوها وترعرعت معهم, فتحولت ساعات الوداع الاخيرة, الى لحظات حزن وشجون, وبكاء ونحيب, لان من زرع طيب, حصد محبة واحسان من اثر وتأثر فيهم, هكذا هو العراق يا سادة يا كرام. فالعراق؛ يعد عيد ميلاد نبي المحبة والسلام سيدنا المسيح, عنوان لشركاء الوطن, فالأخوة المسيحيين؛ يمثلون احد الوان الطيف العراقي, وإن احتفالهم هذا العام, يأتي تزامناً مع تحرير ديارهم من دنس الأشرار, وعودة المهجرين منهم الى بيوتهم, يمثل احد اسباب المحبة والسلام, التي نادت بها الأديان السماوية, حيث الرسالات السماوية يكمل بعضها البعض, في ضرورة احترام, وتأمين حقوق جميع الاقليات العراقية. إن احتفالات كنائس بغداد وبرطلة في هذه اجواء, تعتبر غاية التعايش والمحبة والوئام في ظل الحرب ضد الارهاب العالمي, والمشاركة الفاعلة للأخوة المسيحيين ضمن الوية الحشد الشعبي, يعكس حالة التنوع الوطني والديني لأبناء الوطن الواحد, هو عنصر قوة وإثراء للعراق القوي بشعبه, والذي يحقق الانتصارات, ويستعيد أرضه, فاحتفالات المسيحيين بأعياد الميلاد في المناطق المحررة, تمثل فرحة كبيرة لكل الشعب العراقي. فالعراقيون متحابون ومتعايشون ومتسالمون فيما بينهم, تربطهم اواصر الوطن والتاريخ والحضارة, رغم ما حاول ويحاول اعدائهم التفريق بينهم, من خلال بث اسفين المذهبية والطائفية والقومية, الا إن المخلصين يقفون حائر أمام غايات المغرضين, فمشروع التسوية الوطنية؛ يرسم ملامح مستقبل العراق ما بعد داعش, والمطمئن لكافة المكونات العراقية بالعيش بأمن وسلام |