"سويتلك خبزعروك"!! |
ربما تناسينا ذلك الخبز الذي نسميه "خبز عروك", وأظن طعمه اللذيذ قد إستيقظ في ذاكرتكم , فما أطيبه وألذه , بعد القيلولة وشاي العصرية!
الطحين والماء والملح , وتخمير العجينة , بمكان دافئ. والكرفس والبصل والكركم واللحم المثروم , ونخلطها , ونمزجها بالعجين , ونشجر التنور , ونأكل خبز عروك مع جاي عباسي (بيه هوايه شَكر)!ّ
إفتقدنا خبز العروك , ولا أدري من أين جاءت التسمية , وما هو أصلها , لكننا قد تعارفنا عليها , ومضت دارجة في مجتمعنا.
وكانت ربة البيت تعجن عجينها وتسجر تنورها أو "تشجر تنورها" , وتخبز خبزها , وبعد ذلك تقوم بخبز خبز العروك , ذلك أنه قد يتسبب في عدم إلتصاق رغيف الخبز إذا تم خبزه قبله. وبعد أن تضع خبزها جانبا , تضع خبز العروك في صينية صغيرة وتقول لعائلتها "سويتلكم خبز عروك".
ومن أطيب العصريات في أيام الصيف , الإجتماع حول الشاي وأكل خبز العروك.
وقبل بضعة أسابيع , كنت في لقاء ثقافي , فاقتربت مني إحدى السيدات , وذكرت خبز العروك, وقالت : بأنها تعمله في البيت. وأضافت , بعد أن أيقظت ذكرياتي عنه : "لازم أسويلك خبز عروك"!! ومضت تعدني بهذا الخبز , وذاكرتي تزداد إحتداما بذكريات عصرياته السامرائية , التي كان يجمعنا بها هذا الخبز اللذيذ الطعم , والذي كنا نتسابق إليه , ونتنافس حول أرغفته الصغيرة , المطعمة باللحم والبصل والكرفس , ويكون عادة بلون أصفر لإضافة الكركم أو الزعفران أحيانا. وقد هاتفت السيدة العزيزة أطالبها بالخبز الذي وعدتني به , وأجزَمتْ بأنه حاضر وفي مجمدتها , وما علي إلا أن أأتي وأستلمه , وراحت تصف لي كيف أعيده إلى أصله حارا لذيذا طيبا.
فقلت: أريد أن أراقبكِ كيف تعدين هذا الخبز؟! قالت: هاي ينرادلها قصيدة! قلت: سأكتب بعد أن أراه على المائدة !! فتدخل زوجها قائلا: هذا إبتزاز!! فقلت: إنه إبتزاز لذيذ , ما دام خبز العروك "توه طالع من الفرن"!! وبإنتظار خبز العروك بدأت ملامح قصيدته تتشكل على سطور ذاكرتي!! |