ويل للآكلين من ثورة الثاردين

 

    ما لاشك فيه أن الخلافات والاختلافات التي يختلقها ساستنا بتفنن، ويتبادلونها باتقان منقطع النظير، أضحت منذ اعتلوا سدة الحكم، السمة البارزة والطبيعة السائدة لسياسة البلد، وكأن سياسيينا فطموا على بيضة "دجاجة هراتية" فصار العراك والـ "مناگر" ديدنهم في اجتماعاتهم وجلساتهم، ووضعوا مصلحة الوطن والمواطن جانبا. أما مايلوح من بشائر أمل من تصريح هذا المسؤول، أو بيان من ذاك، فهو على مايبدو سراب في صحراء جرداء، أراده المغرضون بديلا عن رياض العراق وجنانه. وما المماطلات والمماحكات والتجاذبات إلا معوقات لم يعد لها صدى بعد ان صدئت، وفاحت منها روائح كثيرة، منها رائحة التقاعس ورائحة الغدر بالعهود، وعدم إيفاء الوعود، وكذلك رائحة الأنانية، علاوة على رائحة الانقياد والذيلية لجهات تقبع خارج حدود البلاد، لها اليد الطولى في التأثير على مجريات الأحداث في الساحة العراقية.

   أذكر مثلا عراقيا دارجا يقول: "اليثرد يدري والياكل مايدري".. وأظنني أصيب القول إن قلت أن أغلب ساستنا وأصحاب القرار من قياديينا في مجالسنا الثلاث، هم الذين "ياكلون".. أما الذين يقع عليهم تعب الـ "ثرد" ويتحملون وزر ما "ينتجه" الآكلون فهم العراقيون من أبنائه الذين لاحول لهم ولاقوة غير التحمل والتجمل بالصبر، وهم الذين تدور عليهم رحى المصائب التي تعصف بالبلد، والتي هي بطبيعة الحال من مخلفات الـ "آكلين" وإفرازاتهم. ومن تطلع لما جرى في الساحة العراقية للسنوات الثلاث عشرة الأخيرة، يتحير بما يمر به البلد من تضاربات في الأحداث، إذ تبدو له حياة العراقيين على كف عفريت، وعلى شفا حفرة من الهلاك، من جراء تصرفات ساسة من الداخل، تقابلها من الخارج تدخلات إقليمية بأجندات لها أبعاد سياسية او اقتصادية او غيرها. ولا يخفى أن هناك بين الحين والآخر تعلو تظهر على سطح الأحداث بوادر فرج ومتنفس، يرى المتطلع فيها ان الفرج أضحى أدنى من قاب قوسين للعراقيين الذين طال انتظارهم له. اليوم وبعد التجارب التي مر بها العراقيون، على ساسته التنبه إلى أن الذقون لم تعد مرتعا لضحكهم، بل آن الأوان لهم أن يتحذروا من رد فعل المواطن المسلوب حقه، وليحذروا من استجابة دعاء المظلومين، وهم عالمون باي منقلب ينقلب الظالمون. فهل هم يعدّون منصبهم ووظيفتهم ومسؤوليتهم تكليفات وطنية وأخلاقية؟ أم يعدّونها فوزا وصفقات تضاف الى مآربهم النفعية!

  إن المواطن ياساسة ويامسؤولون.. لم يعد ينطلي عليه ماكنتم تمررونه بالأمس، وعليكم مداراة هذا الجانب وتغيير سياستكم، فمن يدري ومن يضمن؟ لعل ثورة ما تفضي الى سَورة غضب عارمة، تتفجر تحت وطأة الشد التي يعاني منها ملايين العباد في البلاد، يومها لاينفع الساسة الآكلين "ثريد" ولاجاه.. ولامال.. ولابنون.. بل سيرددون حينها أبيات إمامنا عليه السلام:

لاتظلمن إذا ماكنت مقتدرا

فالظلم مرتعه يفضي الى الندم

تنام عينك والمظلوم منتبه

يدعو عليك وعين الله لم تنم

aliali6212g@gmail.com