فوضى عارمة: حرب جميع ضد جميع تشتعل بين حلفاء أمريكا




منذ أكثر من خمس سنوات بعد انطلاقها احتلت الأزمة السورية أولية على جدول الأعمال للدول العديدة في الشرق الأوسط والعالم وأصبحت أحلاف مؤقتة وانتقال الأطراف من التناحر إلى التعاون شيئاً عادياً. الآن تواجه القوى الخارجية بغض النظر عن تفضيلاتها السياسية عواقب أعمالها واختياراتها مثل الولايات المتحدة التي فشلت في تسوية الخلافات الموجودة بين حلفائها.
راهنت أمريكا على فصائلِ المعارضة السورية في المقام الأول ونظمت كلا من البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية مشروعين مستقلين لتدريب وتسليح وتمويل المسلحين ولكن فشل مشروعان كلهما بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن عدد المسلحين المتدربين الذين ما زالوا يقاتلون ضد القوات الحكومية في منتصف 2015 لا يتجاوز 5 أشخاص وأما الأسلحة التي زودتها وكالة المخابرات المركزية فإنها وقعت في أيدي إرهابي "جبهة النصرة".
وبعد أن خيبت المعارضة أمل الولايات المتحدة بدئت واشنطن تنظر إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي ظهرت قدرة عالية على مكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية". في بداية الأمر كان التعاون بين الأمريكيين والأكراد نجاحا فوريا وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية بدعم الطيران الأمريكي من طرد "داعش" من مناطق واسعة في شمال سورية وكذلك من تحرير مدينة منبج التي كانت معقل الإرهابيين في محافظة حلب وباتت الوحدات الكردية على استعداد للهجوم على مدينة الباب.
هذا وتناقص تعزيز موقف الأكراد في شمال سورية مصالح تركيا فهي شريكة لواشنطن في التحالف الدولي بالقيادة الأمريكية وأعلنت أنقرة بدء عملية "درع الفرات" بمشاركة القوات المسلحة التركية وفصائل المعارضة السورية بهدف دخول إلى الباب خوفا من نجاح هجوم القوات الكردية.
بعد هذه التطورات فقدت سياسة الولايات المتحدة الاتساق بالكامل وتحولت إلى فوضى شاملة. في اشتباكات بين فصائل المعارضة السورية والوحدات الكردية استخدمت الطرفان كلهما الأسلحة المستلمة من الولايات المتحدة ضد بعضهما البعض فيما حاول عضو التحالف الدولي تركيا إلغاء تقدم الأكراد المحرز بفضل دعم الجوي للتحالف.
أدى هذا الوضع المفارقي إلى أن حلفاء الولايات المتحدة اتهموا واشنطن بالخيانة. حمل مسلحو المعارضة السورية أمريكا مسؤولية عن كافة خسائرهم وخاصة ما سموا بـ "سقوط حلب" بالإضافة إلى أفشال عملية "درع الفرات". من جانبه اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الولايات المتحدة بدعم الإرهابيين، المصطلح الذي وصوف به تنظيم "داعش" ووحدات حماية الشعب على حد سواء. على رغم أن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت هذه المزعومات قائلة إنها "مضحكة"، من المستحيل تجاهل الاتهامات بتعامل مع عدو التحالف الرئيسي المواجهة ضد عضو التحالف من قبل عضوه الأخر وإن مثل هذه التضاربات تثير شكوك في أهداف التحالف الحقيقية.
من الغريب أن بيان لأردوغان لم يمنع تركيا من مطالبة التحالف بدعم العملية التركية في سورية وقال الناطق باسم الرئيس التركي إبراهيم كالين أنه يجب على التحالف "القيام بواجباته فيما يتعلق بالدعم الجوي" على إثر مقتل الجنود الأتراك قرب الباب.
على خلفية هذه الفوضى لا يبدو إعلان قوات سوريا الديمقراطية عن سعيها للحصول على مضادات للطائرات المحمولة على الكتف الأمريكية غريباً. هذا ومع استهداف مستمر لمواقع الأكراد من قبل المقاتلات التركية لن يكون إسقاط الطائرات التركية بمضادات الطائرات الأمريكية من قبل الأكراد غريبا أيضا بل سيكون نتيجة طبيعية للتدخل الأمريكي الطائش إلى الصراع السوري.