نساء عاصرن الأئمة وعشنَ أبداً/35 صهباء أم لزوجة سفير الحسين(عليه السلام)
أُرسلت بيده الآف الرسائل، لنصرة الإمام الحسين(عليه السلام)، ضد المنافقين الذين أرادوا الإنحراف بالدين، عن خطه المحمدي الأصيل، نعم إنه سفير الحسين، مسلم بن عقيل بن أبي طالب(عليهما السلام)، قربان الشهادة الذي سبق كربلاء بمآسيها والآمها، بعد أن أصبح وحيداً في شوارع الكوفة، وقد تكالبت عليه الهموم بلا أهل ولا عشيرة، فإستشهد(رضوانه تعالى عليه)على يد الطاغية زياد بن أبيه عليه اللعنة، وترك مع إبن عمه الحسين(عليه السلام)،عائلته التي رافقت البيت الهاشمي، في الطريق الى كربلاء.
 قدَم الإمام الحسين (عليه السلام) العزاء لأخته رقية الكبرى، ومسح على رؤوس أولادها، وعظّم لهم الآجر بإستشهاد وليهم مسلماً (عليه السلام)، بعد أن طالته يد الغدر والخيانة الأموية البغيضة، فما كان من زوجته السيدة رقية الكبرى بنت علي بن أبي طالب، إلا أن تقدم أولادها فداء لسبط النبي (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، الذي جعله الباريء عز وجل ثأره وإبن ثأره، فمَنْ تكون هذه السيدة العظيمة، ليخلدها سجل الطف الكربلائي، مع ذكر كبير لبنيها وبناتها؟!
السيدة رقية بنت علي بن أبي طالب، أمها أم حبيب الصهباء، بنت عباد بن ربيعة التغلبية، من سبي اليمامة، ورد ذكرها عند الشيخ الطبرسي، في تاج المواليد(إعلام الورى بأعلام الهدى)،وكان خالد بن الوليد قد سباها ظلماً، بغارته على آل مالك بن نويرة، فأخرجها علي(عليه السلام) من الأسر وهي مسلمة، بأن إشتراها وتزوجها فأنجبت له توأم،(رقية الكبرى وعمر)،وقد تزوجت رقية من مسلم بن عقيل، التي ولدت عبد الله وعاتكة، اللذين إستشهدا بين يدي الحسين في كربلاء.
عاصرت السيدة رقية الكبرى، حياة والدها الإمام علي، وأخويها السبطان الحسن والحسين، وعلي بن الحسين(عليهم السلام)، وورد فضلها في كتاب الأربعين، في فضائل الإمام أمير المؤمنين، لجمال الدين المحدث، حيث قال: كانت من أتقى نساء عصرها، وتمتلك علماً ومنطقاً، وقد عاشت محنة الطف، ورحلة السبي من كربلاء الى الشام، وفجعت بمشهد مقتل إبنها، على يد يزيد بن الرقاد الجهني، فقالت:اللهم إقتلهم كما قتلونا، لكنها تركت مصارع الأحبة، على رمضاء كربلاء صابرة محتسبة، فإلتحقت بركب السبايا.   
ما يثير العنفوان والشموخ، عند الحديث عن هذه السيدة العظيمة، أنها دفعت بزوجها وأولادها، الى نيل شرف الشهادة في كربلاء، فتتجلى عظمة المواقف الكبيرة، في سبيل الهدف الأكبر، فأدت دوراً رسالياً مكملاً لدور زوجها، شهيد الكوفة مسلم بن عقيل، كما سطر ولداها:(عبدالله ذو الست عشرة سنة، وعاتكة ذات السبع سنوات)، النموذج الشبابي والطفولي المذبوح في الغاضرية، لذلك مشاركة النساء في واقعة الطف، إنما هي بعين الباريء عز وجل، لبيان دورهنَّ بهذا القيام الإلهي الملحمي المقدس.