بغداد بدون بغددة

 

أقتبس هذا العنوان من ( ومضة ) سابقة  لنبض قلمي ، وفيض خاطري ومشاعري تجاه حبيبتي .. وأستميح القارىء عذرا إن كررته مرة أخرى …فلم أجد أنسب منه لحال بغداد الحبيبة ومدن أخرى من عراقنا العزيز في موسم المطر.. فقد كتبت عن حال بغداد  في مواسم سابقة ، وكيف عاشت حالة موجعة على مدى السنوات ، وتعاقب الفصول ، لسوء الخدمات ، ولكن معاناتها تشتد أكثر في الشتاء خاصة عند هطول الامطار، فتتحول شوارعها الى بحيرات من برك مياه وطين تعطل الحركة ، وتحاصر البيوت بالمياه في بعض المناطق ..

 

وبسبب ذلك ( يتحول المطر من نعمة ) ساقها الله  سبحانه وتعالى الى البلد الى معاناة تدفع الى تمنيات بان ( تكف السماء عن  المطر ) ، بينما يصلي أخرون في مناطق اخرى ، لكي ( يرسل الله السماء عليهم مدرارا )…

 

إن النظافة والخدمات البلدية والنظام هي الجزء الواضح من مستوى الرقي والتطور أمام الناظر لأي مدينة في العالم ، وحق من حقوق الانسان الأساسية أن يعيش في بيئة نظيفة صحية سليمة ، مثلما هو حقه أن يعيش في بيئة آمنة .. وهي من العلامات البارزة التي تبقى عالقة في ذهن السائح عن أي  مدينة في العالم يزورها ..ونحن لسنا استثناء من هذه ( القاعدة المدنية )..

 

وفي مدن العالم التي حباها الله بخدمات جيدة  ، تزيد الامطار الشوارع  جمالا ونظافة ، وتكتسي حلة أنيقة ، لوجود منظومة خدمية متكاملة ، وتسير الحياة فيها على ما يرام ، وفي بعض الدول يكون الشتاء وثلوجه ومطره  مصدر جذب للسياح ، وليس ان تتعطل الحركة ، ويحرم العاملون ومن تعتمد عوائلهم في قوت يومها على جهدهم اليومي ، أوتصاب الحياة بالشلل الى حد أن تعطل المصالح ، أوتعلن  في ذلك ( اليوم الممطر) عطلة رسمية ، كما حصل في سنة سابقة ، لان المعاناة وصلت في حينها الى حد يفوق طاقة المواطن على التحمل ، وقدرة المدينة على تصريف الكم الهائل من المياه.

 

وعود تعقبتها دائما أحلام ببغداد أجمل وأنظف ، وأنها ستغادر خانة المدينة الاسوأ في الخدمات ، لتكون في قائمة المدن الأكثر نظافة وأناقة ، وليس في ذلك غرابة ، أن تحقق هذا الحلم ، لأن بغداد لا يليق بها إلا أن تكون بغداد ، التي كانت مقياس التحضر ، والرقي ، والجمال ، والدلال ، ويقال في بلاد الدنيا  ، لمن تبدو عليه النعمة  ، والخير، الذي يصل الى حد الترف المبالغ فيه ( أنت متبغدد).

 

  وتلك عبارة طالما سمعناها في زياراتنا لبلدان أخرى ، وفي المسلسلات والافلام ، وفي الأمثال والأغاني ، ومنها ( أغنية متبغدد علينا ، وإحنه من بغداد ) للفنان كاظم الساهر، وهي من كلمات الشاعر كريم العراقي ، لكن هل لأحد من خارج بغداد، من العراق أو غيره ، أن يضرب بها مثلا في الدلال والنعيم  والترف ، وهو  يرى حالها ، وهي تطفو على بحيرات من المياه والبرك والاوحال ، في الشتاء .. وتلال الاوساخ والانقاض والنفايات  في كل فصول السنة..

 

فهل بقي لبغداد شيء من بغددتها..؟

 

وفي كل الاحوال … المطر خير وبركة  ..ويجب أن لا تنسينا المعاناة شكر الله على نعمة الماء الذي تكتسي به الارض حلتها الجميلة ، وزينتها الخضراء الزاهية ، وتعطي خيرها العميم للانسان وتزيد في رفاهيته ، وأن ندعوالله سبحانه وتعالى  أن تكون حال بغداد وأخواتها مدن العراق الاخرى أفضل وبمستوى مدن بلاد الدنيا الاخرى .. وتعود لبغداد بغددتها.

 

0000

 

   كلام مفيد :

 

   سئل حكيم .. بم ينتقم الانسان من عدوه ..؟ .. قال بإصلاح نفسه ..