رسالة مفتوحة لحكومة ألمملكة العربية السعودية/ خطورة المؤسسات التعليمية السعودية

    

[الحلقة ألأولى]

إني أعتقد أن داعش تستهدف على المدى البعيد إسقاط نظام الحكم السعودي كما كان هدف القاعدة قبل ذلك، فمنهجهم هو نفسه منهج جهيمان العتيبي عام ١٩٧٩ حين إحتلاله للحرم المكي الشريف لإسقاط نظام الحكم السعودي بحجة المهدي المنتظر، وسبقهم ألإخوان في بداية القرن العشرين حيث إنقلبوا على الملك عبد العزيز آل سعود في عشرينات القرن الماضي بقيادة فيصل ألدويش، ولكن إستطاع ألملك عبد ألعزيز آل سعود ألقضاء عليهم في معركة السبلة عام ١٩٢٩.

لماذا ظهرت كل هذه الحركات السلفية الوهابية التكفيرية في المملكة العربية السعودية؟ ولماذا إنتشرت في كافة أنحاء ألعالم؟ لماذا كان هناك خمسة عشر سعودياً من أصل تسعة عشر إرهابياً شاركوا في عمليات ١١ أيلول ألإرهابية؟  لماذا نسبة السعوديين في القاعدة وداعش إن لم تكن ألأولى فهي تبقى نسبة عالية مقارنة مع الدول ألأخرى؟

هناك أسباب متعددة منها تأريخية ومنها لا تزال قائمة، وإن ألحكومة السعودية تبذل جهوداً كبيرة للقضاء على هذه التوجهات وعلى هذا ألفكر ألتكفيري المنحرف، وأنشأت حملة السكينة لدراسة هذه الظواهر وكيفية القضاء عليها. وإني في هذا ألمجال أنصح حكومة المملكة ألإطلاع على ألمقال أدناه لأحد أقطاب هذه الحركات التكفيرية ولكنه إنقلب عليهم وهو عبد الرحمن البكري العراقي الأصل ومؤلف كتاب (داعش ومستقبل ألعالم) ألذي عاش ردحاً من حياته في المملكة العربية السعودية حيث أوضح خلال الفصل أدناه في كتابه المذكور من صفحة (١٩٥) إلى صفحة (١٩٧) مجموعة من ألأسباب لعلها تنفع حكومة المملكة في إتخاذ خطوات جدية للحد من ألآثار ألمدمرة لهذا ألفكر المنحرف لمصلحة نظام الحكم السعودي ولمصلحة دول المنطقة وبألذات ألعراق، بل كافة الدول العربية والدول الإسلامية التي إنتشر فيها هذا ألفكر، بل دول العالم كافة ألتي أنتشرت فيها هذه ألحركات وإعتنق الكثير من مواطنيها هذا ألفكر التكفيري المنحرف، أما ألمقال فهو :

حيث نجد أن الفكر الوهابي السلفي قد نشأ وترعرع في أرض الجزيرة العربية أو ما يسمى اليوم المملكة العربية السعودية. لقد انتشر هذا الفكر تارة بالإقناع وتارة بالإكراه، بل إن الأمر كان أمضى من ذلك، فتم إقصاء كافة المذاهب السنّية الأربعة الشوافع والمالكية والأحناف والحنابلة في المملكة العربية السعودية، حيث تم إغلاق كافة مدارس المذاهب السنّية في كافة أرجاء البلاد، وبشكل خاص مدارس المذاهب الأربعة التي كانت قائمه في المدينة المنورة حتى عام 1341هـ/ 1922م، فأغلقت قسراً في تلك السنة ولم يسمح منذ ذلك اليوم بإقامة أي مدرسة لأي من المذاهب السنّية الأربعة في كافة أرجاء البلاد؛ فقط المذهب الوهابي الذي يستند إلى أفكار محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية وبعض المسائل الفقهية لأحمد بن حنبل، فلم يتبق للإنسان السنّي في السعودية مجالٌ غير اعتناق الفكر الوهابي السلفي، ومنعت كافة كتب المذاهب الأربعة، ولم يتبق إلا كتب ابن تيمية وابن القيم الجوزية وابن عبد الوهاب وعلماء الوهابية كآل الشيخ وابن باز وابن عثيمين وابن جبرين والوادعي والفوزان وغيرهم من أئمة الوهابية. إن هذا الواقع قد وفّر الأرضية الخصبة لنشوء جيل مهيأ من الناحية العقائدية للانخراط ضمن صفوف الحركات السلفية التكفيرية، بل بمعنى أوضح، إن جيل الشباب في السعودية والبلدان التي استفحل فيها هذا الفكر إذا كانوا يبتغون تحقيق درجة أعلى من الالتزام بالإسلام لم يبق أمامهم مجال لاكتشاف الطريق لتحقيق ذلك إلا بالانخراط ضمن صفوف التنظيمات السلفية التكفيرية كالقاعدة وما شابهها. وإذا كان أي من هؤلاء يسعى إلى تحقيق أعلى درجات البر في التضحية بالنفس في سبيل الله، فإن ذلك سيتحقّق من خلال عملية انتحارية لقتل أكبر عدد من الناس، سواء كان هؤلاء من غير المسلمين أم حتى من المسلمين، وسواء كانوا من المجرمين والفاسقين أم من الأبرياء والمؤمنين، من الرجال أم من النساء، من الشباب أم من الشيوخ والأطفال. وهكذا نجد أن المدرسة الوهابية التي قامت في السعودية هي المدرسة القادرة على تخريج هذه النسبة العالية من الإرهابيين الانتحاريين بهدف قتل الناس من دون تمييز، ويعود السبب الأول في ذلك هو غلق كل المنافذ للتعرّف على الإسلام الحقيقي، إسلام السلام والخير والرحمة والمحبة، وفتح الباب لتعريف الناس بمبادئ لا تمت بأي صلة إلى الإسلام، إنه إسلام مزيف، إسلام القتل والإرهاب والكراهية والشر. وهكذا بدأت تنتشر وتستشري تلك المبادئ والقيم الإسلامية المزيفة في كافة البلدان التي وصلها الفكر الوهابي انطلاقاً مما يسمى اليوم المملكة العربية السعودية من دون تخطيط مقصود من قبل الحكام من آل سعود.

الخطر الأكبر هو دور المؤسسات التربوية السعودية في تخريج الإرهابيين وتصديرهم إلى العالم، فهناك الآلاف من الطلاب من خارج السعودية الذين يدرسون الدراسات الأسلامية الوهابية التكفيرية في الجامعات السعودية، فعلى سبيل المثال الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة والتي تاسست في ستينات القرن الماضي، والتي يتواجد فيهما الكثير من المدرسين من حركة الإخوان المسلمين المؤمنين بأفكار سيد قطب من غير السعوديين أو حتى من السعوديين، بل إن صاحب أفكار جاهلية المجتمعات وملهم سيد قطب أبا الأعلى المودودي كان هو صاحب فكرة إنشاء الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وعضو في مجلس إدارتها قبل وفاته؛ إن عدد الذين يقبلون في هذه الجامعة في كل عام اكثر من الفي طالب، حيث ان عدد الطلاب  من غير السعوديين يبلغ اكثر من ثمانين بالمئة من الطلاب وإن اكثر من تسعين بالمئة من هؤلاء من غير السعوديين يدرسون الدراسات الأسلامية.