اللغو واللغط في التصريحات |
كثيرة هي الخطابات والتصريحات التي يدلي بها أولو أمرنا من السياسيين والمسؤولين في دفة الحكم، ومن تتبع العبارات التي تتضمنها خطبهم وتصريحاتهم، يجد أنها أقرب الى الطلسم والغموض منها الى الوضوح والبيان، حتى لكأنها ضرب من الوهم او السراب او (التحشيش)، يتمنطق بها قائلوها لغايات في قلبه، ولغرض بعيد عن فحوى ماتحمله مفرداتها من رقي ثقافي ونضج عقلي ووعي اجتماعي، فضلا عن الشعور الوطني. ومع كثرة المقولات التي يتقول بها رجالات حكومتنا ووجهاء بلدنا، إلا أنها باتت مملة ومقززة كونها مجترة ومعادة بدل المرة عشرات، وقد يظن الغريب عن الساحة العراقية وغير الملم بما يجري فيها من أحداث مأساوية، دارت رحاها على حساب المواطن في السنوات الثلاث عشرة الأخيرة، أن مايسمعه من تصريحات دليل على أن هناك شخصيات وطنية نذرت نفسها لتقديم ما يخدم العملية السياسية في البلد، ولكن حين يعرج على ماوراء التصريحات وما يتحقق منها، يتضح له جليا أنها تعكس ازدواجية او خلطا لأوراق، لا يبرّأ منها قائلها تحت ذريعة السهو او الغفلة او الهفوة، بل هو قاصدها بما يثبت للقاصي والداني، أنه منذور بالوقفات الضدية من العراق برمته، وليس من العملية السياسية او من حكومة بعينها او رئيس وزراء فحسب. وبذا يكون المواطن -الذي وضع يده على خده بانتظار حقه من لدن مسؤوليه- قد توصل الى يقين أن ليس كل مايقوله المسؤول كان قد بلوره في عقله، وليس كل مايبلوره في عقله يكون صادقا في طرحه، وليس كل مايطرحه يكون جادا بتطبيقه، وليس كل مايتم تطبيقه عاجلا على أحسن وجه، سيتم تطبيقه آجلا بالمواصفات ذاتها، حتى باتت تصريحات المسؤول كما يقول مثلنا: (ضرطه بسوگ الصفافير) إذ يضيع كثير من صدق مايصرح به ساستنا بين زوابع الأكاذيب والأباطيل المسجلة في صفحات ماضيهم، علاوة على التي يأتي به مستقبل الأيام عقب تصريحاتهم. فلم يعد "البيان رقم واحد" يلفت الأنظار، ولا "الخطاب التأريخي" الذي يوجهه المسؤول حدثا جللا يسترعي الانتباه، فقد صارت ألاعيب القادة المتعاقبين على مسك زمام المسؤولية في مؤسسات العراق بمستوياتها كافة معروفة ومعلومة وبديهة، حفظها المواطن عن ظهر قلب، وباتت خططهم وتحركاتهم ونياتهم مكشوفة، بعد أن اتضحت الرؤية بعين المغلوب على أمره المواطن، وأمسى قادرا على قراءتها من آخر السطر رجوعا الى أوله، وماهذا طبعا إلا نتاج ماحصده من تصريحاتهم، التي مافتئوا يطلقونها عبر كل وسيلة إعلام ونشر أتيحت لديهم، وكأنهم لم يسمعوا بالمثل القائل؛ خير الكلام ماقل ودل. أو كأنهم لم يقرأوا أو يسمعوا للشافعي أبياتا يقول فيها: وصن الكلام إذا نطقت ولا تكن عجلا بقولك قبلما تتفهم لم تُعطَ مع أذنيك نطقا واحدا إلا لتسمع ضعف ما تتكلم aliali6212g@gmail.com |