الزحام المروري أحال التجول بالسيارة إلى كابوس ، وبهذا تكتمل (سبحة) منغصات الحياة في هذا البلد ، وما ينتج عنه من تأخير وأنتظار ممل ، وهدر كبير للوقود دون طائل ، بعض أسباب هذا الزحام يُعزى إلى كُثرة السيطرات التي لا فائدة منها ، وهو إجراء أمني متخلف ، لأنها لم تحد ولو قيد شعرة من الهجمات الأرهابية ، وينظر المواطن إلى هذه السيطرات إلى كونها (مضيق) مُعرقل للسير في قارعة الطريق ليس إلا . من الأسباب المنظورة الأخرى أهمال الطرق والشوارع ، وعدم صيانتها على الإطلاق إلى درجة أن هنالك بعض مقتربات الجسور مهدمة وقد برز منها حديد التسليح بشكل يهدد هذا المُقترب بالسقوط وهو على إرتفاع 6 أمتار ، خصوصا في منطقة بغداد الجديدة ، وانتشار الحفر والمطبات في الخطوط السريعة بشكل يفاجئ السائق فيضطر إلى تخفيف سرعته ، ويؤدي ذلك إلى تكدّس السيارات بصورة خطرة جدا ، خصوصا في أنفاق الخطوط السريعة ، وبالذات خط قناة الجيش السريع ، أما في الليل ، فلا يمكن مشاهدة هذه التكسرات إلا بعد فوات الأوان . أحد الأسباب أيضا إنتشار السيارات بصورة غير مخطط لها وعدم إستيعاب شوارع العاصمة المتهالكة لها ، وبسبب أزمة البطالة الخانقة ، وجد العاطلون عن العمل أنفسهم مجبرين على تعاطي مهنة قيادة سيارات الأجرة ، هكذا غزت (التاكسيات) الصفراء الشارع ، والتي تؤلف أكثر من نصف سيارات الشارع ، حتى قيل تهكما ، أن شوارعنا مصابة (بأبي صفار) ! ، لكن هنالك أسباب غير منظورة للزحام المروري ، وهو الأبتعاد عن آداب وقواعد السياقة ، وهذا خطأ الدولة أيضا ، فمديرية المرور العامة لم تمنح إجازات السوق إلا منذ سنتين ، أي أن المديرية المذكورة أهملت إصدار إجازات السوق لمدة 12 عام ! ، ولنا أن نتصور أن ملايين السائقين قد تخرّجوا من حقبة (الأمّية المرورية) تلك ، فمعظم السائقين في الشوارع ، لا يمتلكون رخصة قيادة ، وهذا يعكس طريقة قيادتهم النزقة والغير منظمة في الشارع ، فرخصة القيادة في العادة ، لا تُمنح إلا بعد إلمام صاحب الرخصة بالقواعد العامة للسير ، ومعرفته لنبذة عن ميكانيك السيارة والإشارات المرورية ، وإحاطته علما بالخطوط العريضة لقوانين المرور ، وخضوعه للأمتحان في كل هذ الأمور ، وهذا لا يتأتى إلا بدخول طالب رخصة السياقة لدورة تثقيفية وتدريبية ، كي يكون أهلا لحيازة هذه الرخصة ، لأن الشارع أمانة وميدان خطير هذا الذي ينتظره . وهناك السبب الثقافي للمواطن ، وهي أمّيته في التعاطي مع آداب الطريق العامة ، وفن الإجتياز ، وعدم فهمه لتناغم سرعة السيارة حسب موقعها في مسارب الطريق ، ومعرفة أحقية المرور ، بالإضافة إلى وجود حقول طويلة مظلمة ليلا لأنها غير مُنارة في الخطوط السريعة بسبب أزمة الكهرباء ، وتسبب الأرباك أثناء القيادة ، فكثيرا ما نمر بإختناق مروري ، معتقدين بوجود سيطرة أو بسبب حادث ، وإذا بالطريق يُفتح فجأة دون أي أساس لهذا الإختناق ، هذا يذكّرني بأزمات (البنزين) السابقة والوقوف لطوابير طويلة ، دون وجود مسوّغ لهذه الأزمة ! ، وغالبا ما تُفاجأ بزعيق مزعج لسيارات المسؤولين المضللة ، فتتجاوز على حقك بالمرور كالعادة ، أو يقوم (حُماة القانون) بخرق القانون بقيادة سياراتهم (رون سايد) ، مما يزيد الطين بلّة ، كل ذلك يحيل الطريق إلى كابوس ، فتقود سيارتك وأنت قلق ومضطرب وغير مطمئن ، وتشعر بحاجتك الى 6 عيون كالعنكبوت ! ، وطريق مليء بأوغاد يرمون شباكهم على الطريق لأبتزاز السائقين الغافلين من قبل شيوخ (كاولية) بدعوى الدهس ! ، ولطالما شاهدت سيارات تجتاز من أقصى اليمين وهدفه فتحة في أقصى اليسار ، فيتحرك على شكل قوس ومعه سيارات بسائقين من أمثاله ، ويؤدي ذلك إلى حبس السيارات المتحركة بخط مستقيم !. تحول الشارع إلى غابة ، هي بالتأكيد صورة مصغرة عن الوضع الإجتماعي والسياسي للبلد ، فالكثير أمسوا (شيوخا) برؤوسنا ، ونراهم يقطعون شارعا رئيسيا بأي من الحجج دون أي مراعاة لمشاعر الناس ، وتبقى يد القانون هي السفلى كما هو شأنه في كل المسائل !.
|