نبش قبر الصحابي الجليل حُجْر بن عدي الكَنْدي !

 

{ سيكون بعدي من أمتي قوم يقرأون القرآن لايُجاوِزُ حَلاقيمهم ، يَخرجون من الدين كما يَخرجُ السَهْمُ من الرَمِيَّة ، ثم لايَعُودون فيه ، هم شَرُّ الخَلْقِ والخَلِيْقَة } حديث نبوي شريف
مير عقراوي / كاتب بالشؤون الاسلامية والكردستانية
أقدمت أمس جبهة النصرة التكفيرية – الخوارجية الإرهابية في سوريا على نبش قبر الصحابي الجليل حُحْرُ بن عدي الكَنْدي – رضي الله عنه – والإعتداء الآثم عليه والعبث به وتخريبه وإخراج رفاته الطاهر والذهاب بها الى مكان مجهول . وبهذه المناسبة الأليمة نتقدم بأحر العزاء الى سيدي رسول الله محمد – عليه وآله الصلاة والسلام – والمسلمين كافة في جميع أنحاء العالم ، مع الإستنكار الشديد والإدانة البالغة لهذا العمل الشنيع والقبيح ...
من هو حُجْر بن عدي : هو حجر بن عدي بن معاوية بن جِبِلّة بن عدي الكندي ، وهو من قبيلة كندة اليمنية الأصل ، كنيته أبو عبدالرحمن ، وهو يُعرف بحجر الخير . أسلم حجر وهو في مقتبل شبابه ، حيث انه وفد مع أخيه الأكبر هاني بن عدي على رسول الله محمد – عليه الصلاة والسلام – في أواخر حياته فأسلم على يديه وحسن إسلامه ، ويُعد حجر بن عدي من فضلاء صحابة النبي الأكرم محمد – ص - ...
كان حجر بن عدي – رضي الله عنه – قائدا عسكريا ، وكان معروفا بالشجاعة والشهامة والورع والتقوى والزهد والأمانة والصدق ، وكان حجر أحد المعدودين الذي شارك في دفن الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه – بالربذة حينما أبعده الخليفة الثالث عثمان بن عفان – رضي الله عنه – اليها . وذلك بسبب إنتقادات وجهها أبي ذر الغفاري اليه حول سياسته وطريقة حكمه في النصف الثاني من خلافته ...!
والى حجر الآمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – حينما آنتخب للخلافة وناصره ووقف بكل همة وإخلاص الى جانبه . تولّى حجر مسؤوليات متعددة في فترة حكم الامام علي – رض – عسكرية وغيرها ، منها إرساله الامام علي في وفد لمقابلة معاوية بن أبي سفيان بالشام كي ينهي التمرّد والبغي والدخول فيما دخل فيه عامة المسلمين ...!
وبعد إغتيال الامام علي – رض – وإستشهاده عام [ 40 ه / 661 م ] من قِبَل عبدالرحمن بن أبي ملجم الخوارجي في مسجد الكوفة بالعراق وقف حجر بن عدي الى جانب الامام الحسن بن علي – رضي الله عنه – وبايعه ووالاه وأخلص له كل الإخلاص . وعقب إستشهاد الامام الحسن – رض – عام [ 50 ه / 670 م ] بالسم الذي كان وراءه معاوية بن أبي سفيان ظلّ حجرا ثابتا وصامدا على ولاءه للاسلام ولنهج الرسول الأكرم وسنته الشريفة ولرجالات الاسلام والصحابة السابقين الصادقين العادلين ، وكان في ذلك لايأخذه لومة لائم ولا الخوف من أيِّ أحد ، ولم يخضع كذلك أبدا للإغراءات التي قُدِّمت له من قِبَل معاوية بن أبي سفيان ... على هذا الأساس الصادق والثابت كان حجر يصدع بالحق ويجاهر بالحقيقة ويعارض الظلم وأهله ، مع تصدِّيه البطولي لإنحرافات معاوية وولاته ومسؤوليه ، وفي مقدمتهم زياد بن أبيه والي معاوية على الكوفة . وكان من سياسة الحكم الأموي في تلكم الأيام الخوالي هو محاربة آل بيت رسول الله محمد – عليه وآله الصلاة والسلام – محاربة شعواء شنعاء لاهوادة فيها ، وفي طليعتهم الامام علي – رضي الله عنه - . لذا لم يقبل ذلك حجر بن عدي وحسب ، بل إنه ثار بوجههم وعارضهم داعيا المسلمين الى القيام ضد هذه السياسة الجائرة والمتناقضة كل التناقض مع الاسلام وتعاليمه . لهذا الأسباب أمر معاوية بإعتقال حجر بن عدي ورفاقه ، منهم الصحابي الجليل عمرو بن حمق الخزاعي – رضي الله عنه - ، ومن ثم قتلهم صبرا ، أي ذبحهم وهم موثوقي الأيدي والأرجل ، فتم قلهم جميعا هكذا في عام [ 53 ه / 673 م ] في مرج عذرا بدمشق ...!!!
ولما علمت أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها – بمقتل حجر وأصحابه غضبت وجزعت كثيرا عليهم ، فقالت لمعاوية : { ما حملك على قتل حجر وأصحابه ؟ } ، فرد معاوية : { ياأم المؤمنين : إنّي رأيت قتلهم صلاحهم للأمة ، وإنَّ بقاءهم فسادا للأمة } ، فردت عليه السيدة عائشة : { سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : سيُقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء } !!! .
وهذا العمل اللاإنساني والوحشي بإمتياز ليس هو الأول من نوعه الذي تقوم به الجماعات التكفيرية الارهابية ذات الفكر السلفي الوهابي ، ففي عام [ 2001 ] أقدمت جماعة ماتسمى بأنصار الاسلام بالإعتداء والنبش لقبور الشيوخ النقشبندية في إقليم كردستان . وفي مصر وليبيا والنيجر والعراق أيضا أقدمت تلكم الجماعات على الاعتداء على المراكز والأماكن الدينية المقدسة كالمساجد والجوامع والكنائس ، مضافا مهاجمتهم الأسواق والمدارس والمراكز الثقافية والشخصيات العلمية والفنية . واذا ما رجعنا الى القرن التاسع عشر نرى ان السلفيين الوهابيين في عام [ 1802 ] قاموا بغزو مدينة كربلاء بالعراق ، حيث مرقد الامام الحسين – رضي الله عنه – فأقدموا على العدوان عليه وتخريبه وتدمير قبته ونهب ممتلكاته من الذهب والفضة وغيرها ، مع إعمال السيف في أهالي كربلاء فقتلوا وجرحوا الآلاف من النساء والأطفال والرجال والشبان والشيوخ !!!
لهذا يجب على المسلمين كافة في أرجاء العالم الاسلامي ، وبخاصة الشخصيات العلمية والاسلامية والمراكز الدينية والعلمية والثقافية ليس إدانة وإستنكار مثل هذه الأفعال الإجرامية واللاإنسانية وحسب ، بل ينبغي وضع جملة من الخطط والتدابير والبرامج المختلفة ، وذلك لردع هؤلاء المارقين الذين هم خوارج العصر حقا ، لأن هؤلاء قد أصبحوا وبالا وعبئا ثقيلا وشرّا مستطيرا ، بل قد أصبحوا بالحقيقة خطرا كبيرا على الاسلام والمسلمين ...