نساء عاصرن الأئمة وعشنَ أبداً/37 كريمة الدارين نفيسة بنت الحسن |
تعرض البيت العلوي بعد إستشهاد النبي محمد،(صلواته تعالى عليه وعلى آله)،الى كثير من المحن والمصائب، لكنهم لم يرحلوا عن مدينة جدهم المنورة إلا قسراً، لأداء مهامهم الرسالية، في الحفاظ على الإسلام، وحقناً لدماء المسلمين، وقد دافعوا عن الدين الإسلامي، بكل ما أوتوا من قوة وحكمة، قائمة على الموعظة، والصبر، والتسامح، فما زادهم ذلك إلا علواً وإرتفاعاً، وما زاد عدوهم إلا إنكساراً وإنتكاساً، وأهل البيت(عليهم السلام) لايوجد فرق بين رجالهم ونسائهم، فهم ذرية بعضها من بعض.
والدها السيد الحسن بن زيد، بن الحسن بن علي، بن أبي طالب(عليهم السلام)،وأمها السيدة زينب بنت الحسين، بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وزوجها هو إسحاق المؤتمن، بن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)،أمضت أيام عمرها محبة للعلم متفقهة فيه، صائمة نهارها، عابدة ليلها، غير مفارقة للحرم النبوي الشريف، منذ ولادتها في 11 ربيع الأول عام 145 للهجرة،سميت (نفيسة العلم)لكثرة تعبدها وعلمها، إنها السيدة نفيسة بنت الحسن، بن زيد بن الإمام الحسن(عليه السلام).
السيدة نفيسة كانت من أفضل نساء عصرها، هاجرت الى مصر، لأن عائلتها تعرضت الى ضغوط شديدة، خاصة وأنها عاصرت الأئمة،(محمد الباقر وجعفر الصادق عليهما السلام)،من قبل بني أمية، الذين كانوا في صراع على السلطة مع العباسيين حينها، وذات يوم رأى زوجها السيد إسحاق المؤتمن، النبي محمد(صلواته تعالى عليه وعلى آله) في المنام، فقال له:(يا إسحاق لا تعارض أهل مصر في نفيسة، فإن الرحمة تتنزل عليهم ببركتها)، لذا إستقروا في مصر، فكانت موئل الكرم، والعلم، والعفاف.
كرامات هذه السيدة الطاهرة كثيرة، فيروى أن إبنة لأم يهودية كانت مشلولة، وهي جارة لها فأعطتها بعض ماء وضوئها، فمسحت به على قدمي بنتها، وفي اليوم التالي، جاءت البنت لوالدتها لتوقظها من النوم، فلم تصدق ما رأت، وأسلمت تلك العائلة على يدها، كما يروى أن النيل قد شح ماؤه، فحضر الناس اليها شاكين ما حصل، فدفعت بقناعها إليهم وقالت:إلقوه في النهر، فزاد الماء حتى بلغ به المنافع، وليس غريباً فشأنها شأن أهل بيتها الأطهار(عليهم السلام).
سميت السيدة نفيسة بإسم (كريمة الدارين)، فأبوها كان كريماً جداً، وكذلك جدها الإمام الحسن الزكي، الذي لُقب بكريم آل البيت (عليهم السلام)، وهي العزيزة بين أهلها من جهتي الأم والأب، وقد حجت 30 حجة ماشية، وحفرت قبرها بيدها، وصارت كل ليلة تنزل إليه، لتقرأ القرآن فيه وختمته 6000 ختمة، فلما توفيت عام 205 للهجرة، وفد الناس من كل البلاد وسمع البكاء في جميع أنحائها، فسلام عليك أيتها النفيسة، يوم ولدتِ، ويوم متِ، ويوم تبعثين حية.
|